السبت 29 تشرين الأول 2022 09:30 ص

نضال لبنان لترسيم الحدود البحرية مع سورية سيكون أصعب من صراعه مع "إسرائيل"


* جنوبيات

معاريف

ترسيم الحدود  البحرية في نظر لبنان، يعتبر اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل نجاحاً دبلوماسياً عظيماً. يقول المثل الشعبي “مع الطعام تأتي الشهية” ليتناسب مع الإحساس اللبناني. عقب الاتفاق معنا، ينقض لبنان على حدود بحرية أخرى هذه المرة مع سوريا كي يرسمها مرة واحدة وإلى الأبد. فهو يؤمن أن في الوضع الناشئ بعد الاتفاق مع إسرائيل سيكون من الأسهل عليه نسبياً أن يتوصل إلى الترسيم مع سوريا.

الرئيس اللبناني، ميشال عون، الذي ينهي ولايته هذه الأيام، اتصل بنظيره السوري بشار الأسد وطلب البدء بالمحادثات. وكي لا يبقي الموضوع على مستوى المكالمة الهاتفية، يبعث عون هذه الأيام بوفد عالي المستوى إلى دمشق. يترأس الوفد نائب رئيس البرلمان أبو صعب، الذي أدار محادثات الترسيم معنا، وسيضم رئيس المخابرات عباس إبراهيم، الذي كان له دور حاسم من خلف الكواليس في تحقيق الاتفاق مع إسرائيل.
اقترح الرئيس السوري أن تدار المحادثات على مستوى وزيري الخارجية. بخلاف مسألة الترسيم معنا، التي كانت فيها مصلحة مشتركة إسرائيلية لبنانية لتسوية الخلاف. لا توجد مصلحة مشتركة كهذه مع سوريا، فسوريا معنية بمواصلة الحقيقة القائمة التي خلقتها على الأرض وتأجيل أي تسوية مع لبنان.
الرئيس عون، الواعي لبقائه في الحكم أياماً قليلة، اختار طرح المسألة مع سوريا وإجبار من سيحل محله بمواصلة المفاوضات. هذا رهان من جانبه ليس مؤكداً نجاحه. مثلما كان معنا، ثمة خلاف بين لبنان وسوريا على مساحة 750 كيلومتراً مربعاً في البحر. تدعي بيروت بأن سوريا سيطرت على هذه المساحة وأنها لها، وتطالب بها كلها لنفسها. وسمحت سوريا لشركة كابيتول الروسية في السنة الماضية البحث والتنقيب عن النفط والغاز في منطقة الخلاف. وسن البرلمان السوري قانوناً مناسباً بحيث إن صراع لبنان مع سوريا أصعب من الصراع معنا. الأمريكيون لن يتوسطوا بين الدولتين بسبب علاقات واشنطن المهتزة مع دمشق. قد تقترح سوريا على موسكو الوساطة. ولما كان معقولاً ألا توقف موسكو عمل شركة إنتاج الغاز الروسي، تبدو فرص لبنان متدنية. من جهة أخرى، تريد موسكو الدخول إلى مجال الغاز في البحر المتوسط إلى جانب إسرائيل ومصر وقبرص واليونان. ولهذا، فإن التسوية بين لبنان وسوريا ستسمح لها بالسيطرة على مصدر طاقة لا يقدر بالذهب.

كما أنه ليس واضحاً من سيكون رئيس لبنان القادم. إذا جاء رئيس مثل عون، حليف لـ”حزب الله” ومقرب للغاية من سوريا، فسيصعب تحريك سوريا عن موقفها. رغم كل هذا، لم تقل الكلمة الأخيرة بعد من جانب لبنان؛ فأمامه عدة إمكانيات ولكن كما أسلفنا، يجب أن نرى أي رئيس سينتخب وأي حكومة ستقوم. إذا قررت بيروت السير قدماً بمطالبها، فلا شك أن يشكل الاتفاق معها ورقة مهمة لها كي تدعي بأنها إذا تلقت من العدو التقليدي مساحة الخلاف كلها فكيف لا تفعل دولة شقيقة الأمر ذاته؟

المصدر :وكالات