استيقظ حيّ الزهراء الحمصي على تفجير مزدوج هزّه، مودياً بحياة 26 شخصاً فضلاً عن جرح العشرات، في حلقةٍ جديدة من حلقات التفجيرات المزدوجة في المدينة التي تستعدّ لتعلن نفسها خالية من المسلحين، بعد البدء بإجراء «تسويات حي الوعر»، آخر معاقل المسلحين في المدينة.
التفجير المزدوج الجديد الذي ضرب هذه المرة تجمّعاً لسيارات النقل العامة على أطراف الحيّ، والذي تبنّاه تنظيم «داعش»، جرى بواسطة سيارة دفع رباعي ذات مظهر عسكري، تمكّن مسلّحو التنظيم الارهابي من إدخالها إلى نقطة تجمع ميكروباصات الكورنيش الشرقي في حيّ الزهراء، حيث يوجد أيضاً حاجز تفتيش عسكري.
وقام «داعش» بتنفيذ التفجير وفق السيناريو الذي يتبعه في كل مرة عن طريق تفجير عبوة ناسفة، يقوم بعدها انتحاري، وبعد أن يتجمّع الناس في محيط موقع التفجير، بتفجير نفسه، الأمر الذي يلحق أكبر عدد من الضحايا.
وجاء في بيان التنظيم الارهابي: «في عمليّة أمنية يسر الله أسبابها، انطلق صباح اليوم (أمس) فارس من فرسان الشهادة بسيارة مفخّخة، مستهدفاً نقطة تفتيش أمنيّة عند إشارة شارع الستين في حي الزهراء النصيري في مدينة حمص، لينغمس ويفجرها وسط تجمعاتهم».
مصدر طبي في محافظة حمص ذكر خلال حديثه إلى «السفير»، أنَّ مستشفيات المدينة استقبلت أكثر من 75 مصاباً، بينهم مصابون في حالة خطيرة، معظمهم من المواطنين والطلاب الذين كانوا متواجدين في مركز تجمع الميكروباصات. وأوضح أنَّ من بين القتلى عدد من عناصر الشرطة، بينهم ضابط، ربّما قدموا إلى مكان التفجير الأول قبل أن يقوم الانتحاري بتفجير نفسه.
ويأتي هذا التفجير ليضيف إلى قائمة ضحايا حي الزهراء، ضحايا جددا جرّاء التفجيرات الانتحارية الـ 19 التي ضربت الحي، وذهب ضحيّتها نحو 200 مواطن، وأصيب المئات، الأمر الذي يدلّ على حجم «الاختراق الأمني» الذي تعاني منه حمص، وفق مصدر عسكري تحدث إلى «السفير».
وفي هذا السياق، كشف مصدر أمني أنَّ السيارة المفخّخة التي انفجرت، دخلت حمص من طرفها الجنوبي، ما يعني أنّها جاءت من جهة تدمر، وهي منطقة عمليّات عسكريّة، حيث استغلّ مقاتلو التنظيم مرور السيارات العسكرية على هذا الطريق وقاموا بإرسال السيارة بأوراق مزورة، موضحاً أنَّ عمليّات تحصين الحي حالت دون تمكن المسلحين من إدخال السيارة إلى داخله، فقاموا بتفجيرها على أطرافه.
ويطالب أبناء حمص، بعدما تعرّضت مدينتهم لعدد كبير من التفجيرات، بإقالة المحافظ الذي يحمّلونه مسؤولية هذه الاختراقات، كما يطالبون بتغيير القيادة الأمنيّة المسؤولة عن حماية وتحصين المدينة، وذلك خلال تظاهرات عديدة شهدتها حمص بعد التفجيرات العديدة التي وقعت فيها.
ويأتي هذا التفجير في وقت يضيّق فيه الجيش السوري الخناق على مسلحي «داعش» في القريتين ومدينة تدمر الأثرية، كما يضيّق الخناق على المسلحين الموجودين في ريف حمص الشمالي الذين باتوا محاصرين بعدما تمكَّن الجيش السوري من قطع خطوط التواصل بين ريف حمص الشمالي وريف حماه الجنوبي، وهو ما دفع مصدرا عسكريا لتوقع «المزيد من التفجيرات»، مطالباً، في الوقت ذاته، «بزيادة تحصين المدينة، واتّباع أساليب جديدة في كشف المتفجرات، وإجراء عمليات تفتيش وتدقيق على كل من يدخل المدينة أيّاً كانت صفته»، وفق المصدر.