الجمعة 11 تشرين الثاني 2022 10:25 ص |
"حركة صحة الشعوب" و"عامل" تنظمان مؤتمراً في بيروت |
* جنوبيات شهدت العاصمة اللبنانية، بيروت، مؤتمراً تحت عنوان "النضال من أجل الحق في الصحة" نظمته "حركة صحة الشعوب" بالشراكة مع "مؤسسة عامل الدولية" والجامعة الأميركية في بيروت، امتد على مدار 4 أيام متواصلة، تخللته ورش عمل بحثية وإطلاق للإصدار السادس من كتاب مرصد الصحة العالمي. المؤتمر الذي عُقد بمشاركة وفود عربية وعالمية، من العاملين في المجال الصحي، افتتح بكلمة لرئيس مؤسسة عامل الدولية ومنسق عام تجمع الهيئات الأهلية التطوعية اللبنانية والعربية د. كامل مهنا، الذي حضر إلى جانب المنسق العام لحركة صحة الشعوب في العالم الدكتور رومان فيغا والدكتور هاني سراج والذي أشرف على الدورة والدكتور سامر جبور من الجامعة الأمريكية كلية الصحة، ووزير الصحة الأسبق في تونس الدكتور بلقاسم صبري، و50 مشاركاً من الفاعلين في قطاع الصحة عربياً وعالمياً، ولقد واكب المؤتمر لجنة من عامل ضمت فيرجيني لوفيفر، ود. زينة مهنا، ود. حسن اسماعيل، ومحمد الزايد، وسحر حجازي، وزكيه قرنفل. في مداخلته التي ركزت على سبل التوفير الحق بالصحة لكل الناس وفق أنموذج يقوم على الكرامة الإنسانية، قال مهنا أن جائحة كوفيد 19 كشفت عالماً غارقاً بالسياسات الاستهلاكية التي تنطبق أيضاً على القطاع الصحي الذي تحوّل إلى مصدر استرزاق للأنظمة والشركات على طريقة القطاع الخاص، فساهمت في تعميق أزمة انعدام الأمن الصحي للإنسان في ظل انعدام الأمن الاجتماعي والاقتصادي لمعظم شعوب الأرض على حد سواء، مشيراً إلى أن فقدان الوصول إلى الحق في الصحة هو أزمة حضارية شاملة ترقى إلى مستوى القلق الوجودي العام على مستقبل الجنس البشري، بل ومستقبل الكوكب، مشدداً على ضرورة أن يكون الحق بالصحة أولية في العالم لما له من تأثير على مسار التنمية والنهوض الإنساني بشكل خاص. كما اعتبر مهنا أن تدحرج الأوبئة في العالم، هي لحظة مناسبة لإعادة التفكير الجماعي بالكثير من القضايا، وخصوصاً المصير الواحد الي تتشاركه المجتمعات الإنسانية على الأرض، وعدم نجاح السياسات المتبعة في تحسين جودة الحياة وتدهور المناخ والظروف البيئية، حيث تشكّل الصحة اليوم، تحدياً عالمياً حتى في البلدان الأكثر تقدماً وعراقة في اعتماد أنظمة صحية أثبتت فعاليتها لعقود طويلة، غير أنها تبدو اليوم قاصرة عن مواجهة الواقع الصحي الجديد، لاسيما بعد اعتماد ما يسمى حالياً بالصناعة الصحية، فالسياسات الليبرالية التي تهيمن على العالم، ساهمت مع الوقت في خلل الاقتصاد العالمي والانحدار نحو سياسات التقشف التي ألمّت بشكل أساسي في قطاعات البيئة والتعليم والصحة، ما أدى إلى تراجع أنظمة الوقاية والعلاج حتى في تلك الدول، مؤكداً أن السبيل لإنقاذ البشرية هو إخراج الحق بالصحة من التسليع ومحاربة كل اشكال الاتجار بهذا الحق المقدس في سبيل بناء عالم أكثر عدالة وأماناً. ولقد قدم د. رومان فيغا عرضاً حول واقع الصحة في العالم، خصوصاً في بلدان أميركا اللاتينية، التي تميز بعض بلدانها ككوبا على سبيل المثال في بناء نظام صحي عادل، لاستقاء الدروس والاستفادة من التجارب. وقد تخلل المؤتمر ورش عمل بحثية في مجالات الحوكمة الصحية، التجارة والصحة، الوصول للحق في الصحة، والقضايا المتعلقة بالجندر، حيث قام ممثلون كل دولة مشاركة بتقديم رؤيتهم وتجربتهم حول القضايا المطروحة، بمن في ذلك الوفد اللبناني ممثلاً بمؤسسة عامل الدولية وباحثين في المجال الصحي حيث قدموا عرضاً حول مختلف العوائق أمام الوصول إلى الحق بالصحة في لبنان، فيما قدم فريق المؤسسة تفاصيل حول تجربة "عامل" في توفير الحق في الصحة في المناطق الشعبية. وقد شكلّت زيارة وفد المشاركين في المؤتمر لمراكز لمؤسسة عامل الدولية في البقاع، جزءاً من ورش عمل المؤتمر الغنية، ذلك أن المشاركون تسنى لهم معاينة العمل الميداني للمؤسسة والتحد عن قرب مع الناس وفريق العمل، والاطلاع على المعدات والسبل التي من خلالها تتمكن عامل من الوصول إلى أكثر الفئات والمخيمات تهميشاً في البقاع عبر عياداتها النقالة، حيث كانت هذه الجولة بمثابة معاينة الإطار النظري للمؤتمر في تجربة تطبيقية على الأرض. وقد زار الوفد مركزي مشغرة وكامد اللوز اللذان يعملان مع الناس منذ أربعة عقود، إضافة إلى العيادات النقالة ووحدات التعليم الجوالة التي تعمل مع النازحين داخل المخيمات، أما ختام الجولة فكانت في مزرعة "بذورونا جذورنا" في سعدنايل التي تعمل بالشراكة مع مؤسسة عامل في سبيل تعميم الزراعة المستدامة والممارسات الزراعية الفضلى المتعلقة بحماية البيئة وتحقيق الأمن الغذائي للفئات المهمشة والمحافظة على اصالة المحاصيل، وحماية البذور السورية واللبنانية، وتدريب البيئات المحلية على تقنيات تساعدهم على تأمين غذائتهم من خلال الزراعة المنزلية. وقد عبّر المسنق العام لحركة صحة الشعوب الدكتور رومان فيغا عن مدى إعجابة بقدرة "عامل" على الاستجابة الميدانية وتحويل النضال من أجل الحق بالصحة إلى مشروع فعلي في أكثر المناطق تهميشاً في لبنان، مؤكداً أن الشراكة بين مؤسسة عامل وحركة صحة الشعوب ستكون فرصة لتعميم تجربة عامل في العالم لتكون بديلاً عن السياسات التهميشة التي أغرقت الشعوب بالحرمان. ولقد تم في سياق المؤتمر انتخاب مؤسسة عامل الدولية ممثلة عن البلاد العربية، كما تم اقتراح عقد اجتماع المؤتمر العام لحركة صحة الشعوب الذي يشارك فيه أكثر من ألف شخص في المغرب العام القادم.
المصدر :جنوبيات |