الاثنين 14 تشرين الثاني 2022 22:50 م

يوم الاستقلال الفلسطيني


* جنوبيات

كل الأمم تحتفل بيوم استقلالها لما يحمله من دلالات وطنية كبيرة في نفوس الشعوب، وغالباً ما يكون في هذا اليوم خطاب لرأس الدولة يضع فيه المواطنين في صورة ما عملت وتعمل عليه الدولة، عدا عن سرده لأهمية ودلالات هذا اليوم التاريخية والوطنية، ونحن وكوننا جزء من هذا العالم فنحن نحتفل أيضاً بيوم استقلالنا، ولكن ما يميزنا عن باقي شعوب الأرض أننا أعلنا دولتنا في المنفى في الخامس عشر من تشرين الثاني من العام 1988، ولا زلنا نسعى إلى تجسيد دولتنا على أرضنا - فلسطين.

 

لا بد في مثل هذا اليوم أن نستذكر من قدموا أغلى ما يملكون على درب الحرية والاستقلال، الأكرم منا جميعاً، شهداء الثورة الفلسطينية، وعلى رأسهم القائد الرمز الشهيد الحي بيننا ياسر عرفات (أبو عمار)، وأن نبرق أسمى آيات المحبة والفخر والاعزاز إلى أسرانا البواسل في معتقلات العدو الصهيوني، وأن نقول لأمهات وعوائل الشهداء والأسرى والجرحى، بأن سواد الليل الحالك يعقبه الفجر، ونحن نؤمن بأن فجر حريتنا قادم لا محالة.
 
وهنا أقول بأن الاستقلال الناجز يبدأ بإنهاء الانقسام، وهذا يتطلب تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين (فتح وحماس) ابتداءً باتفاق مكة الذي كان قبل الانقسام في شباط/فبراير 2007، مروراً بكل الاتفاقيات التي اعقبته مثل الورقة المصرية 2009، واتفاق القاهرة 2011، واتفاق الدوحة 2012، واتفاق الشاطئ 2014، واتفاق القاهرة 2017، واجتماعات القاهرة 2021. وأخيراً ما تم الاتفاق عليه في لقاءات الجزائر الأخيرة.
 
ولا شك بأن توحيد مكونات الشعب الفلسطيني يبدأ بإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية الإطار الجامع للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، فهي بحاجة إلى دمقرطة حياتها الداخلية وتقوية مؤسساتها، وانضمام جميع الفصائل اليها، لأن إبقاء المنظمة على هذا الحال لا يخدم أحدا بل يساهم في تهميشها، فالمطلوب الآن هو الاتفاق على آلية تعيد الاعتبار لها، والانتخابات هي أساس دمقرطة مؤسساتها، وهناك اتفاق العام 2005، وكذلك قرارات المجلس المركزي 2015 و2018، كفيلة بإعادة الاعتبار للمنظمة كهوية جامعة للشعب الفلسطيني. وكذلك هناك حاجة إلى إعادة مفهوم الشراكة السياسية الكاملة وعدم الاستفراد بالقرارات.
 
كما أن هناك أهمية كبيرة لإعادة صياغة العلاقة ما بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية من حيث إعادة تعريف وظائفها وتحديدها بكونها ذراع المنظمة لإدارة شؤون الفلسطينيين في الأرض المحتلة عام 1967، فاستمرار الوضع الحالي في طبيعة العلاقة التي تحكم المنظمة مع السلطة يؤشر إلى ذوبان المنظمة في هياكل السلطة، وهذا الأمر له تبعات سياسية سيئة جدا على وحدة الشعب الفلسطيني وعلى المشروع الوطني بشكل عام.
إن مراجعة شاملة وناقدة لما وصلت إليه الأوضاع الفلسطينية منذ إعلان الاستقلال عام 1988 ولغاية الآن، هي مهمة تقع على عاتق الجميع، بعد أن أعلن رئيس حكومة الاحتلال الجديدة عن خطته في التعامل مع الصراع والتي تتلخص في: أن كافة الأرض الفلسطينية من النهر إلى البحر ستظل تحت السيادة الإسرائيلية؛ وأن القدس الموحدة ستبقى عاصمة إسرائيل الأبدية؛ وأن إسرائيل ستبقى دولة يهودية وستكون البيت المفتوح لكل يهود العالم؛ وأنها بالاستناد لقوتها وتفوقها ستواصل السعي للتوصل إلى اتفاقيات سلام مع جميع الدول العربية، وفقط بعد تحقيق السلام مع الدول العربية قد يكون هناك احتمال أن يتحقق سلام معهم.
 
من هنا، فإنني أدعو جميع مكونات العمل السياسي الفلسطيني إلى تنحية خلافاتهم جانباً، والجلوس لتطبيق ما تم الاتفاق عليه في الجزائر من أجل مواجهة المشروع الصهيوني، وإعادة رسم الاستراتيجية الفلسطينية نحو التحرر والاستقلال والعودة، وهذا سيكون خير احتفال بإعلان الاستقلال.

المصدر :جنوبيات