الثلاثاء 15 تشرين الثاني 2022 10:09 ص

الجبهة المسيحية نظمت مؤتمر لمسيحيي الشرق


* جنوبيات

أغلقت الجبهة المسيحية  أول من أمس، الأحد، أعمال  مؤتمر "مسيحيي الشرق“ الذي يعتبر الأول من نوعه، بحضور أحزاب وتنظيمات وأكاديميين من كافة المذاهب والقوميات المسيحية  من لبنان ومصر والعراق وسوريا وتركيا وأوروبا وأميركا  في تمام الساعة ال 12 ظهرا مختتمةً الموتمر بعدد من التوصيات حول الوضع المسيحي في الشرق الأوسط والبلاد العربية خصوصاً والبلاد الأخرى عموماً.

هذا وكان قد تم اطلاق المؤتمر يوم السبت، الذي تخلله عدد من الجلسات والمداخلات التي تعنى بشؤون المسيحيين في البلاد العربية(خصوصاً لبنان) والبلاد الأخرى، وجرى تداول ومناقشة الهواجس والمخاوف (من إبادة الوجود المسيحي في الشرق) والاتجاهات الفكرية والسياسية والاجتماعية في البيئة المسيحية (طارحين موضوع السلاح المسافات وغير المتفلت ومواضع استخدامه والأمن الاجتماعي والاقتصادي وكذلك الصحي للمسيحيين)، بالإضافة إلى عرض المشاريع والخطط المستقبلية للجبهة المسيحية في الشرق.

وقد اشتمل البيان الافتتاحي على التالي:
 
في البداية رحبت الاعلامية رانيا زهرا شربل بالحضور وأكدت "أننا كنا نتمنى أن نكون مجتميعن اليوم لنتناقش بحلول تمت وبأحلام تحققت وبرسالة وصلت وبأوطان ما اندثرت انما تعيش على امتددا شرقنا بطمأنينة وسلام واستقرار". وأضافت "كنا أيضا نتمنى أن تكون شعوبنا موحدة مع كل المجازر التي ارتكبت بحقها والمآسي والاضطهادات على وسع مشرقنا". وسألت: "اتعتقدون أنهم لم يتعبوا بعد من تهميشنا وتدمير حضارتنا ومبادئنا؟ وأضافت أن "منهجهم التدمير وتفكيك الدول وتعطيل المؤسسات وانتهاك سيادة الاوطان بوقت  يختنق الانسان من قلّة  الحرية  ومن انعدام روح المسؤولية وعدم الجدية بتطبيق الالتزامات". وأكدت: "لهذا نحن هنا، لنقرر مصيرنا بيدنا لانه لا وطن ولا مجتمع ولا هوية وطنية مع احتلالات كل يوم بلون." وأعلنت" نحن هنا لنؤكّد للعالم اجمع  اننا كمسيحيين تواقين للحرية ولدينا الفرصة اليوم لنبقى ونستمرّ  بترسيخ قواعدنا الكيانية لشرق جديد".

ومن ثمّ كانت كلمة الجبهة المسيحية  ألقاها عضو المجلس القيادي للجبهة الدكتور عماد شمعون وقال فيها " نَجتَمِعُ اليوم تلبيةً لنِداءِ ناقوسِ خَطَرٍ دقَّتْهُ الجَبهةُ المَسيحِيّةُ في لبنانَ ليُنذِرَنا بِأَنَّ ما باتَ يَتَهَدَّدُنا في وجودِنا القَوميِّ والمسيحيِّ قد فاقَ كلَّ احتمالٍ ومعقول. واعتبر أن "الشعبُ الحَيُّ الذي يَلتَئِمُ ليتدارَسَ أَوضاعَهُ، يَستَحِقُّ الحياةَ لا مَحالَةَ، تمامًا كَما نَحْنُ عَلَيهِ فاعِلونَ".  وعدد شمعون المطالب التي تسعى إليها الجبهة. وأكد أن " في السُلطَةِ الحكوميّةِ التي نريد، عملًا بمقاصِدِ ميثاقِ الأُمَمِ المُتَّحِدَةِ ومبادِئِه، حقَّ جميعِ الشعوبِ بتقريرِ مصيرِها وهو مُصطَلَحٌ في القانونِ الدَّوْليّ، يَعني منحَ الشعبِ أو السُكانِ المَحَلِيّينَ إمكانيةَ أن يُقَرِّروا شَكلَ السُلطَةِ التي يريدونَها وطريقةَ تحقيقِها والسُلْطَةُ التي نُريدُ هي السُلطَةُ الاتحاديّةُ الفِدراليّةُ". 

أما في الوطنِ، قال  شمعون "نحنُ مَسيحِيّو هذا الشرقِ نريدُ أن نعيشَ في أوطانٍ لنا، لا تتنَكَّرُ لتعدُّدِيَّةِ مُجتَمَعاتِها، أوطانٌ تَتَّخِذُ مِن تَنَكُّرِها غطاءً لِطَمسِ حقوقِنا المشروعةِ اجتماعيًّا، ثقافيًّا، قوميًّا ودينيًّا، نُريدُ أَن نَعيشَ في وَطَنٍ لَا نُعَيَّرُ فيه أَنَّنا كُفّارٌ وأنجاسٌ، نكونُ فيه أحرارًا لا ذِميّينَ، في وطنٍ تسودُ فيه العدالةُ والمساواةُ في الحقوقِ والواجباتِ وفي حريّةِ الرأي والمُعتَقَد، في وطنٍ يكونُ دُستورُه المِرآةَ التي يعكِسُ بها حَقيقَةَ تَركيبَتِهِ المُجتَمَعيَّةِ التَعَدُّدِيَّةِ في بُعدَيْها القَوميِّ والدينيِّ،  نُريدُ أن نعيشَ كلبنانيّينَ، على سبيلِ المِثالِ، في وطنٍ بدُستورٍ سياديٍّ، صُنِعَ في لُبنان، نُريدُ أن نعيشَ في ظلِّ دُستورٍ لامركزيٍّ اتحاديٍّ، دُستورٍ لا يكونُ لبنانُ فيه إلّا لبنانيَّ الهُوِيَّةِ والانتماء".   
 وبالنسبة للمبادئ واعتبر "أننا كشعوبٍ مسيحيّةٍ، لا نؤمنُ بإلغاءِ الآخرِ المُغايرِ عنّا دينيًّا، ولذلك لَن نرضى بأنْ نَكونَ عُرضَةً لأيّةِ عمليّةِ اضطهادٍ دينيٍّ يُمارِسُهُ علينا مَن احترمْنا حقّه باعتناقِ الدينِ الذي يشاء، نَحُن كشُعوبٍ مسيحيّةٍ نُؤمِنُ بِأنَّ حُرِّيَّتَنَا تَقِفُ عِنْدَ حُرِّيَّةِ الآخرينَ وهذا ما يَمْنَحُنا مشروعيّةَ أن يكونَ حَقُّنا في الوجودِ أيضًا مُقَدَّسًا".

وأضاف "في الشعبِ الحَيِّ الذي عليهِ أَن نَكون، إنَّ العِبرَةَ إذًا في أن نجاهرَ بِما نَراهُ خيرًا لنا، وفي أن نُطالِبَ بتحقيقِه وإذا ما جوبِهْنا ظُلمًا وقمْعًا، سيُصبحُ عندَها الدفاعُ عَنِ النفسِ حَقًّا مشروعًا"، مؤكدا في هذا الاطار "مسألةَ حريَّتِنا لَمْ تَعُدْ لتكونَ تفصيلًا، كما وإنّ مسألةَ تحصيلِ حقوقِنا لَن نقبَلَ لتكونَ مِنَّةً علينا مِن أحَد، ومسألةَ استهدافِنا في وجودِنا لم تَعُد لِتَمُرَّ كَالسَيَّانِ بَعدَ اليوم".
وختم  أنَّ "الجبهةَ المسيحيّةَ هذه لَن تَقِفَ لتكونَ جبهةً مسيحيَّةً لبنانيّةً وحسب أو جبهةً مسيحيّةً مَشرِقيّةً ليس إلّا، بَلْ سَتَمضي قُدُمًا لِتَكونَ السَبَبَ في ولادةِ جَبهةٍ مسيحيّةٍ عالَميّةٍ ". 

وبعد كلمة الافتتاح، كانت محاضرات للدكتور ميشال الشماعي بعنوان "مسيحيو الشرق وواجب النضال والبقاء"، ورئيس الاتحاد الماروني – طور لفنن الدكتور أمين اسكندر بعنوان "تاريخ ووجود ومستقبل" و استاذ الإسلاميات وحقوق الانسان في جامعة الروح القدس الكسليك  البروفيسور وائل خير بعنوان "الحمايات الدولية للمجموعات المهددة" وكلمات عبر شبكة الانترنت للبروفيسور في القانون الدولي والعضو في المجلس الاستشاري للرئيس دونالد ترامب سابقاً، كبريال صوما،  لرئيسة اللجنة الاميركية  للحريات الدينية الدولية سابقاً  نادين ماينزا، لمدير المؤسسة السياسية الاوروبية  يوهانس دي يانغ ولخبير السياسية الخارجية الاميركية ومستشار العلاقات الخارجية لدونالد ترامب و ميت رومني، الدكتور وليد فارس من واشنطن. 
 وركزوا جميعهم على ضرورة النضال من أجل الوجود المسيحي في الشرق. وتلت المحاضرات والكلمات ورشة عمل للوفود الممثلة لكل دولة تتضمن مناقشة المخاطر والحلول المطروحة والمطالب وأدار المناقشة الدكاترة ألفرد كميل شمعون وعماد شمعون. وكانت بعدها كلمة لشخص اختاره وفد كل دولة وشكلت لجنة متابعة لمقررات المؤتمر من الاحزاب والمنظمات والشخصيات المشاركة .
البيان الختامي للمؤتمر: 

 الجبهة المسيحية تختتم اعمال مؤتمر مسحيّي الشرق
لشرق اوسط تسوده العدالة والسلام لجميع شعوبه

اختتمت "الجبهةُ المسيحيّةُ" أعمال مؤتمر مسيحيّي الشرق الذي تمّ عقده في أوتيل بادوفا بتاريخ 12-13 تشرين الثاني 2022، تحت عنوان "مسيحيّو الشرق بين الانقراض واستعادة الدور" بحضور حشد رسمي  مؤلَّفٍ مِن وفودٍ مسيحيّةٍ أَمَّت لبنان قادمةً مِن دُوَلِ غربية، مِن ألمانيا وهولندا وبلجيكا وفرنسا، ومِن كافة دول أوروبا مُمَثَّلة من احزاب وتنظيمات سريانية كلدانية آشورية ومسيحية من كافة المكونات وشخصيات اكاديمية، ومِن الولايات المتحدة الامريكية من خلال تسجيلات عبر الانترنت، بالاضافة الى وفودٍ حزبية وتنطيمات حقوقية قادمة مِن العراق وسوريا وأرمينيا وتركيا ومِصر ولبنان، حاملة معها هواجسها وتطلعاتها لغدٍ أفضل يَطمَئِنُّ إليه الإنسان داخل أرض موطنِه. وقد تلت البيان الختامي والتوصيات المحامية رجينا قنطرة ممثلة الاتحاد الماروني العالمي في الجبهة المسيحية بحضور رسمي عن احزاب وتنظيمات لبنانية وشرق اوسطية واجنبية وممثل عن السفارة المصرية في لبنان ورجال دين وشخصيات.  
وقد أجمع المؤتمرون، لا سيما الوفد المصريّ، على ضرورة احترام دول هذا المشرق لواقع التركيبة التعدّديّة الثقافيّة والدينيّة الذي يُمَيّز مجتمعاتها، وعلى ضرورة صون روح التعايش والتعاضد في ما بين أبناء الوطن الواحد تحقيقًا للعدالة وللمساواة في الحقوق والواجبات، حتى لا يشعرُ أيُّ مكوِّنٍ مجتمعيّ مِن مكوِّنات أي وطن مشرقيّ، أنه مواطنٌ مِن الدرجة الثانية خلافًا للفطرة البشريّة التَوّاقة دومًا للحريّة، وخلافًا للمنطق القائل "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتُهم أحراراً؟"، وخلافًا للشرعة العالميّة لحقوق الإنسان، كما وأجمع المؤتمرون على الأخذ بمضامين كلمة البروفيسور وائل خَير وعنوانها "الحمايات الدولية للمجموعات المهدَّدة". 
وقد تميَّزت الوفودِ العراقيّة المشارِكة برفع مطالب محدَّدةٍ لها جاءت مشترَكة قدَّمها الاحزاب ومنظمات عراقية  وأبرز ما جاء في توصياتهم:

1- إخراج سهل نينوى مِن دائرة الصراع القائم على جغرافيّته بين المركز والإقليم.
2- منح الإدارة الذاتيّة لأبناء سهل نينوى وللمناطق التاريخيّة عملاً بمواد الدستور العراقيّ.
3- جعل المشاركة المسيحيّة في السلطات الثلاث (التشريعيّة والقضائيّة والتنفيذيّة) أن تكون على مستوى الحكومة الاتحاديّة أو على مستوى الأقاليم. 
4- منح المسيحيّين في العراق كامل حقوقهم الدينيّة والقوميّة وفق العهد الدَوْلي الأوَّل والثاني، وكافة المواثيق الدَوْليّة، والاتفاقات التي وقَّعت عليها دولة العراق، ومَنح كوتا اقتصاديّة خاصّة بمنطقة سهل نينوى.
5- تعديل قانون الأحوال الشخصيّة العراقي رقم (188) المعمول به حاليًّا منذ سنة 1959، لصالح إقرار موادٍ خاصّةٍ بالأحوالِ الشخصيّة للمسيحيين.  
6- وضع حدٍّ لممارسات التغيير الديموغرافيّ التي تستهدف البلدات والقرى الخاصة بالمناطق التاريخيّة للمسيحيّين. 
7- تشكيل قوّة أمنيّة، تُعرَف بـ"الشرطة الوطنيّة"، يتألَّف قوامُها مِن أبناء المكوِّن الكلدانيّ السريانيّ الأشوريّ، وذلك للحفاظ على أمن سهل نينوى وسائر قرى وبلدات هذا المُكَوِّن المذكور. 

ومِن التوصيات التي رفعها الوفد السوريّ: 
1- تفعيل الحَلّ السياسيّ في سوريا مع ضرورة إشراك السريان الآشوريّين وكافة المسيحيين بتمثيلٍ حقيقيٍّ ومتوازن.
2- تحقيق اعترافٍ دستوريٍّ بوجود هويّة قوميّة خاصّة بالسريان الأشوريّين، وبوجود لغّة سريّانيّة كلغّة رسميّة في سوريا. 
3- المطالبة بأن تكون سوريا دولة ديموقراطيّة تعدّديّة، علمانيّة ولامركزيّة، مع إعطاء المناطق على اختلافها، نوعًا مِن الإدارة الذاتيّة ضمن دولةٍ سوريّة اتحاديّة. 
4- إلغاء النصوص التي تُكرِّس التمييز العنصريّ الدينيّ في الدستور السوريّ، كالنَصّ الذي يقول: "إن دين رئيس الدولة هو الإسلام"، وتجريم كلّ تمييز يمارَس باسم الدين والعرق.  
كما وطالب الاتحاد المارونيّ العالميّ: برفع الاحتلال الإيرانيّ عن لبنان، وذلك باستكمال تنفيذ القرار 1559 ولو في مرحلة اولى لتحرير الاراضي الخاصة والعامة واراضي الاوقاف التي تمّ وضع اليد عليها واستعمالها بقوة سلاح الامر الواقع. وقد شدَّد الاتحاد أيضًا على ضرورة استحداث مناطق حرّة خالية مِن سطوة سلاح حزب الله، مناطق تتمتّع بوجود المرافق العامة كالمطار والمرفأ والمؤسًّسات الماليّة، وذلك لوضعِ حدٍّ للفقر والحرمان المفروضَين قسرًا على الشعب اللبنانيّ الأسير.  
ومِن التوصيات أيضًا ما رفعه الاتحاد الماروني-طور لفنن، على صعيد: 

1- ضرورة تعميم التجارب الناجحة التي قدَّمتها بعض البلديّات على مستوى توفير الطاقة بنسبة 24/24،
2- ضرورة تشكيل شرطة بلديّة تمارِس دور الحماية الذاتيّة، 
3- ضروة تفعيل الدور المسيحيّ المقاوم ثقافةً ولغّةً وتاريخًا، 
4- ضرورة تحويل بعض المطارات العسكريّة إلى مطارات مدنيّة، بالإضافة إلى تفعيل بعض المرافق البحريّة، وتحرير مرفأ بيروت، لتصبح هذه المرافق تجاريّة لانعاش الاقتصاد.
ومِن بين التوصيات إنشاء صندوق للتعاضد المسيحيّ المشرقيّ يربط المسيحي المقيم بشقيقه المغترب للتمكّن مِن توفير القدرة على الصمود المعيشي لتثبيت المسيحيّين في أرضهم، منبّهًا إلى أن سياسة الضغط الممارَسة بحقِّ مسيحيّي لبنان سيجعل مِن لبنان رديفًا للنموذج القبرصيّ.     
وركَّزت الجبهةُ المسيحيّةُ بدورها، في توصيّاتها، على نقاطٍ عدّة كان أبرزها: تثبيتُ حياد لبنان، وتطبيقُ القراراتِ الدَوْليّة، وإرساءِ النظامِ الفدراليِّ الذي له أن يؤَدّي إلى منعِ هيمنة مكوّن على آخر، وإلى حِفظ لبنان مِن التقسيم، وإلى الانتقالِ من التعايشِ المأزومِ إلى مصافِ التعايشِ البَنّاء. 
عشتم وعاش المسيحيون في الشرق
شعوباً حرّة في اوطانها تتمتع بكرامة غير منقوصة

 

المصدر :جنوبيات