الأربعاء 16 تشرين الثاني 2022 15:56 م |
أحرقوا آخر "العمانيات" |
* هدى حبايب ليلة نقل بضائع عادية خرج بها المواطن السبعيني برهان جراب إلى نابلس. ثبت جراب حمولة الخضراوات في شاحنته التي ربما تكون الوحيدة المتبقية من هذا الجيل وانطلق إلى وجهته. وما أن وصل جراب مشارف بلدة دير شرف إلى الغرب من مدينة نابلس في ساعة متأخرة من الليلة الماضية، حتى باغتته مجموعة من المستوطنين، اعترضت طريقه، وأجبرته على التوقف. هاجموه بوحشية وقذفوا الشاحنة بالحجارة، وأنزلوه منها عنوة، وانهالوا عليه بالضرب وسحلوه أرضا، ثم قذفوا حمولة الشاحنة من الخضار، وأضرموا النار فيها، ما أدى إلى احتراقها وإتلاف محتوياتها. والشاحنة قديمة من طراز "بيد فورد" من إنتاج عام 1970. تسير على ستة دواليب منها أربعة بالخلف، وتحيط قواطع خشبية بالمكان الخلفي المخصص لنقل البضائع فيها، وتعلو المقدمة شرفة "طاقة" فوق غرفة القيادة. في القرن الماضي أخذت هذه المركبة حيزا كبيرا في الحياة العملية للفلسطينيين، وكان يظهر ذلك من خلال انتشارها بشكل كبير على خطوط النقل من محافظات الضفة إلى الحدود الأردنية، ولهذا كان يطلق عليها اسم "العمانيات"، وهي ذات أصوات عالية ومزعجة، ومعروف عن هذه الشاحنات قدرتها على حمل حمولة ثقيلة، والسير لمسافات طويلة. وأظهرت صور بثت عبر وسائل التواصل الاجتماعي الشاحنة وهي مشتعلة، وقد احترقت غرفة القيادة وحيز الحمولة الخلفي بالكامل، وأضرار جسيمة في مكوناتها التي لم تصل النيران إليها، فيما أصناف من الخضار الحمضيات ملقاة على الأرض. وفي التفاصيل التي أفاد بها معاذ جراب وهو نجل المسن، لمراسلة وفا، قال انه تلقى اتصالا هاتفيا في ساعة متأخرة من الليل من الإسعاف، يخبره باعتداء المستوطنين على والده، ونقله إلى مستشفى الإسراء في طولكرم. وأضاف أن والده أصيب بجروح وكدمات ورضوض في كافة أنحاء جسده، "ولولا لطف الله به لكان في حالة خطيرة، بسبب الضرب المبرح الذي تعرض له من المستوطنين الحاقدين غير الآبهين بكبر سنه". وأشار إلى أن والده وهو من بلدة عتيل شمال طولكرم، اعتاد كل ليلة نقل الخضراوت من قرى وبلدات "الشعراوية" بشاحنته القديمة، والتوجه بها إلى سوق الخضار في نابلس، موضحا أنه يعمل في هذه المهنة منذ 36 عاما. يقول معاذ: "لم يأبه والدي لما تعرض له من ضرب من قبل المستوطنين، إنما أحزنه احتراق الشاحنة، وكأنها رصاصة أصابت قلبه، فهي من المركبات النادرة التي تسير حتى الآن في فلسطين وبحالة جيدة، وبمثابة إرث أصيل ما زال محافظا عليه رغم مرور عشرات السنوات، ويعتبرها من مقتنياته الثمينة، ويرفض استبدالها أو بيعها". وتابع: "حرق هذه الشاحنة مقصود ومتعمد كونها من التراث الذي كان يتميز به الفلسطيني في تنقلاته قديما". جراب بعد ان رأى رماد شاحنته، صمم على "إعادتها للحياة". إذ يقول معاذ إنه توجه منذ ساعات الصباح إلى مدينة نابلس بناء على طلب والده، للبحث عن قطع غيار للشاحنة، بعد أن صمم والده على إصلاحها والعودة للعمل بها. وشهدت الليلة الماضية سلسلة من اعتداءات المستوطنين على المواطنين وممتلكاتهم في مختلف محافظات الضفة، حيث أفيد عن هجوم للمستوطنين لمنازل المواطنين ومركباتهم في قرية عوريف جنوب نابلس، ومهاجمة مركبات المواطنين عند مدخل بلدة رامين شمال طولكرم، وبالقرب مدخل قرية كفر لاقف، شرق قلقيلية، وعلى مدخل قرية الرشايدة شرق بيت لحم، وأصابوها بأضرار مادية.
المصدر :وفا |