أنهت الجماعة الإسلاميّة في لبنان ترتيباتها التنظيمية الداخلية بعد انتخاب أمينها العام الجديد الشيخ محمد طقوش واختيار الاستاذ علي ياسين رئيسًا للدائرة السياسية والشيخ محمد شاتيلا لرئاسة مجلس الشورى وانتخاب مسؤولي المناطق وإجراء التعيينات في المكتب التنفيذي وفي المواقع المناطقية كافة، وبذلك تنطلق الجماعة للتحرك في المجالات السياسية والشعبية والميدانية.
بدأ الأمين العام للجماعة الشيخ محمد طقوش عقد اللقاءات السياسية والإعلامية واستقبال الوفود ومتابعة الأوضاع العامة بانتظار استكمال الرؤية السياسية للجماعة والتي على أساسها ستتحرك في المرحلة المقبلة في لبنان والمنطقة.
وخلافًا لكل التسريبات والتقارير التي تحدّثت عن تحوّل الجماعة للعمل ضمن محور سياسي في المنطقة في مواجهة محور آخر، تؤكّد مصادر مقرّبة من الأمين العام الجديد للجماعة أن الرؤية السياسية للجماعة ستنطلق في إطار الثوابت التي تم الالتزام بها خلال السنوات الماضية، والتي تؤكد التواصل والعلاقة مع جميع الأطراف دون الانحياز لطرف دون اخر ، وأن علاقة الجماعة بالمقاومة في فلسطين هي علاقة استراتيجية، والقضية الفلسطينية هي القضية المركزية للعالم العربي والاسلامي وان دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته هي أولى المهام لاي انسان عربي او مسلم.
وتؤكد هذه المصادر أن التواصل مع حزب الله مستمر من خلال اللقاءات الثنائية واللقاءات المشتركة في اطار المؤتمرات العربية والاسلامية، وانه خلال هذه اللقاءات التي أجريت في المرحلة الماضية تم استعراض كل الاوضاع والتطورات وتقييم ما جرى من احداث وكيفية مقاربتها من الطرفين، ولكن حتى الان لم يتم التوصل الى رؤية موحّدة في مقاربة كل الملفات رغم الايجابيات الكبيرة التي حصلت بينهما وتراجع حدة الخلافات والسجالات.
وحول نظرة الجماعة للأوضاع في لبنان والمنطقة تشير المصادر إلى ان الجماعة حريصة على أجواء الوحدة الاسلامية والوطنية وهي تعمل من أجل حماية الاستقرار الداخلي والتنسق مع بقية المكونات في الساحة السنية من أجل العمل لانتخاب رئيس جديد والعمل لمواجهة مختلف الأزمات التي يواجهها لبنان ودول المنطقة، والجماعة ملتزمة حاليًا بالقرار الذي اتخذه عدد من النواب السنة بعدم التصويت لأي شخصية محددة بانتظار التوافق الداخلي، مع العلم ان الجماعة ليس لديها اي موقف سلبي من رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في حال تم التوافق عليه وانتخابه رئيسًا للجمهوية.
وعلى الصعيد الاسلامي فقد بدأت الجماعة قبل الانتخابات النيابية الأخيرة التنسيق مع مختلف الجمعيات والهيئات الاسلامية من خلال "اللقاء الاسلامي التشاوري" والتوافق معها على رؤية موحدة حول الانتخابات، والجماعة منفتحة على كل المحاولات لتوحيد الساحة الاسلامية وتعزيز التعاون بين مكوناتها، وهي على تواصل مع جميع الجمعيات والشخصيات الإسلامية إضافة للعلاقة المميزة التي تربطها مع مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان وهناك لقاءات دورية معه، وعلى الصعيد المذهبي فالجماعة تعمل لتعزيز الوحدة الاسلامية وهي تتواصل مع مختلف الأطراف على الساحة الاسلامية ومستعدة للتعاون مع الجميع لتعزيز الوحدة ومواجهة الانقسام ومحاولات نشر الفتنة.
الأوساط المطلعة على أجواء الجماعة الاسلامية اليوم تعتبر ان الجماعة امام تحديات عديدة داخلية وخارجية ولا سيما بعدما تراجع دور تيار المستقبل وفي ظل حالة التشتت التي تعانيها الساحة السنية، وبسبب الاوضاع الصعبة التي يعانيها الشعب اللبناني اليوم، وكل ذلك يتطلب من الجماعة ضرورة تفعيل دورها السياسي والشعبي والتنظيمي وعدم انتظار مبادرات الاخرين، خصوصًا وأن الجماعة لا تزال تعتبر التنظيم الاسلامي الاكثر انتشارًا في لبنان بعد حزب الله، وهي تمتلك عشرات المؤسسات التربوية والاعلامية والصحية والاجتماعية، اضافة إلى علاقاتها مع العديد من الأطراف الاسلامية في لبنان والخارج.
فهل ستنجح الجماعة في ملء الفراغ الكبير فعلى ي الساحة الاسلامية؟ وهل سيستطيع الامين العام الجديد للجماعة الشيخ محمد طقوش وفريق عمله مواصلة الدور التاريخي للجماعة وهو الآتي من الجيل الجديد من قيادات الجماعة بعد أربعة أمناء عامين كان لهم الدور الفاعل في مسيرة الجماعة طيلة الستين سنة الماضية من مسيرة الجماعة منذ تأسيسها حتى اليوم؟