المثل الثالث عبارة عن بيت شعر جرى مجرى المثل، وهو:

(أعلّمُه الرمايةَ كلَّ يوم    فلمّا اشتدَّ ساعدُه رماني).
إنّ الخطأ في هذا المثل يكمن في كلمة (اشتدّ) والصّواب (استدّ) بالسّين، فمعنى (استدّ) من التسديد، وهو دقّة التّصويب في الرماية.
والسبب أوّلًا أنّ البيت ورد هكذا في بعض المصادر اللغويّة والأدبيّة.
وثانيًا أنّ الرّماية باستخدام القوس لا تحتاج إلى الشدّة والقوّة للقول بعبارة (اشتدّ)، إذ إنّ وتر القوس مرن جدًّا لدرجة أنّه حتّى المرأة يمكنها أن ترمي بالقوس.
ولكنّ الرماية بالقوس تحتاج إلى التعلّم والتدرّب كلّ يوم على التسديد ودقّة التصويب. ومن هنا فإنّ كلمة (استدّ) هي الأصحّ والأصوب.
هذا ويبقى السؤال: لماذا تناقل الناس هذا المثل بهذه الطريقة الخاطئة؟
الجواب هو أنّ الفعل (اشتدّ) مشهور عند العامّة، وكثير الاستخدام عندهم. أمّا الفعل (استدّ) فهو غير مشهور عندهم، وغير مستخدم في كلامهم، لا بل يكاد ينحصر عند الخاصّة من أهل اللغة العربيّة والمعرفة الأدبيّة.
وصدق الشاعر حين قال:
أعلّمُه الرمايةَ كلَّ يومٍ
فلمّا استدَّ ساعدُه رماني 
وكم علّمتُه نظمَ القوافي 
فلمّا قال قافيةً هجاني 
وهي من الأبيات الشعريّة التي يُضرب بها المثل فيمن ينكر إحسان من أحسن إليه، ويجازيه بالإحسان إساءةً ونكرانًا للفضل.