الأحد 11 كانون الأول 2022 15:25 م |
شكراً قطر .... فلسطين الرابح الأكبر في كأس العالم |
* جنوبيات في شهر آذار/ مارس الماضي أجرى معهد واشنطن للأبحاث استطلاعاً للرأي العام يتعلق برأي الشعوب العربية باتفاقية "أبراهام للسلام" التي تم توقيعها عام 2020، بين دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين من جانب و"إسرائيل" من جانب آخر، بتشجيع ودعم ورعاية من الولايات المتحدة الامريكية، وأظهرت نتائج هذا الاستطلاع بوجود معارضة شديدة لهذه الاتفاقيات لدى شعوب المنطقة العربية، إذ أن (71%) من مواطني البحرين رفضوا هذه الاتفاقية، و(76%) من مواطني الإمارات و(75%) من مواطني السعودية عبروا أيضاً عن رفضهم لها، مما يعني أن هذه الاتفاقية اقتصرت فقط على الأنظمة، وبأن الشعوب العربية ستبقى وفيةً للقضية الفلسطينية، ليس لأن الفلسطينيون أنبياء بل لأن "إسرائيل" دولة احتلال وتمييز عنصري تطمع في تأسيس دولتها اليهودية من النيل إلى الفرات، وتحويل الشعوب العربية إلى مجرد خدم لها.
سلوك الجماهير العربية في مونديال قطر 2022، أكد نتائج استطلاع معهد واشنطن لا بل كان هذا مونديال رفض التطبيع بامتياز، ليس فقط لدى الجماهير العربية بل أيضاً بين شعوب العالم الحر، التي أثبتت ولائها للإنسانية، ورفضها للظلم وللاحتلال، فكانت فلسطين حاضرة وبقوة في هذا الحدث الرياضي الأهم على مستوى العالم. استخدمت الحركة الصهيونية الرياضة كإحدى أدوات كي الوعي العالمي في أن فلسطين هي "أرض بني إسرائيل الموعودة"، وعملت جاهدة على تقديم فلسطين على أنها يهودية، فكان أن أسست الحركة الصهيونية في العام 1928 الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، ومن المضحك المبكي أن هذا الاتحاد عندما أنضم إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" عام 1929، كان كل لاعبيه صهاينة مستعمرين، وليس فيه أي فلسطيني من أصحاب البلاد الأصليين. تساوقت "الفيفا" مع الحركة الصهيونية على مدار الأعوام السابقة، ورفضت في العام 2017، فرض عقوبات على الأندية الرياضية الموجودة في المستعمرات الإسرائيلية المقامة على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، ولكن ما يحدث في مونديال قطر أثبت وبشكل لا يقبل الشك بأن فلسطين تفرض نفسها وبقوة ليس فقط على "الفيفا" وأجواء المونديال، بل أيضاً على الاجندات السياسية عربياً واقليمياً ودولياً، لأن الجميع شاهد حجم التضامن مع القضية الفلسطينية، وحجم الرفض لدولة الاحتلال ومن يدعمها. أقول شكراً لقطر الشقيقة على روعة تنظيم وإخراج هذا الحدث بما يحمله من دلالات عظيمة أهمها أنه ولأول مرة يُعقد المونديال في دولة عربية، مما أتاح للعالم أجمع أن يرى ويلمس بأن الشعوب العربية ليست أقل حضارة ولا تاريخ ولا ثقافة من باقي شعوب الأرض، وهذا يفند ادعاءات عنصريي العالم وعتاة الصهاينة بأن الشعوب العربية عبارة عن قبائل لا زالت تعيش في عصر البداوة والرعي. وشكرا لقطر التي أظهرت للعالم بأنها دولة ورغم صغر حجمها وقلة عدد سكانها إلا أنها قادرة على توظيف مواردها واستخدامها لخدمة القضايا العربية ولخدمة الإنسانية جمعاء. وشكرا لقطر التي أعطت ظهوراً وحضوراً مميزاً لفلسطين في مونديال 2022، رغم أن فلسطين لم تشارك فيه عبر فريقها الوطني، إلا أن حكومة وشعب قطر عوضوا هذا الغياب برفعهم لعلم فلسطين سواء في مباراة قطر مع السنغال، أو في المسيرات التي قام بها مشجعو الفريق القطري وحملوا فيها الاعلام الفلسطينية وهتفوا لفلسطين سواء قبل أو بعد هذه المباراة، ففلسطين كانت وستبقى حاضرة في وجدان قطر الشقيقة، وهذا ما عهدناه من أميرها وحكومتها وشعبها. الرياضة ليست فوق السياسة، وما يحدث في مونديال 2022 في قطر هو صفعة في سلسلة الصفعات التي تتلقاها الحركة الصهيونية وصنيعتها "إسرائيل" من الشعوب العربية، وما يحدث في قطر هو فشل ذريع لمحاولات التطبيع مع الشعوب العربية، وهو درس مهم للحركة الصهيونية بأن وجود "إسرائيل" وقبولها في المنطقة مرتبط بشكل عضوي في أن تكون "دولة" طبيعية، بمعنى أن تقبل بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وأن تتخلى عن فكرها في إقامة الدولة اليهودية من النيل إلى الفرات واستعباد الشعوب العربية واستغلال ثروات العرب، وغير ذلك سيبقى الرفض العربي لوجودها يتدحرج ويكبر ككرة الثلج ليسحق هذا الفكر الاحلالي العنصري ويريح الإنسانية من الظلم والاستغلال، فهل هناك من "اليهود" غير الصهاينة من يأخذ العبرة مما يجري في قطر؟. المصدر :جنوبيات |