يُروى أنّ رجلًا فاحش الثراء أراد أن يُشعر ابنه بقيمة النعمة التي بين يديه، ويريه كيف يعيش الفقراء.
فأخذه في رحلة إلى البادية وقضيا أيّامًا وليالي في ضيافة أسرة فقيرة تعيش في مزرعة بسيطة.
وفي طريق العودة سأل الأب ابنه: كيف كانت الرحلة؟
أجاب الابن: ممتازة.
الأب: هل رأيت كيف يعيش الفقراء؟
الابن: نعم.
الأب: إذًا أخبرني ماذا تعلّمت من هذه الرحلة؟
الابن: وجدتُ أنّ لدينا بركة ماء وسط حديقتنا، ولديهم جدولًا عذبا يسرّ الناظرين .
نحن جلبنا الفوانيس لنضيء حديقتنا، وهم أناروا حديقتهم بالنجوم التي تتلألأ في السماء.
باحة بيتنا تنتهي عند الحديقة الأماميّة، في حين أنّ لهم امتداد الأفق.
لدينا مساحة صغيرة نعيش عليها، ولديهم مساحات تتجاوز تلك الحقول.
لدينا خدم يُعينوننا، وهم يخدمون بعضهم البعض.
نحن نشتري طعامنا وهم يأكلون ممّا يزرعون.
نحن نملك جدرانًا عالية لكي تحمينا، وهم يملكون أصدقاء يحمونهم.
كان والد الطفل صامتًا مندهشًا، حينها ردّ الطفل قائلًا: شكرًا لك يا أبي لأنّك أريتني كم نحن فقراء...
فالسعادة لا تُباع ولا تُشترى، وهي تختلف في أعين الناس...
فهناك من سيطر سوء تفكيره على عينيه فأظلمت الحياة في نظره، وصار يشعر بأنّه محروم، وهو في الحقيقة مرحوم، ولكنّ الفقر فقر القلب.
وهناك من استمتع بالقليل، فشعر بالرضى والقبول، وأضاءت الحياة في بريق عينيه.
ونختم لنقول: "ولله في خلقه شؤون".