الثلاثاء 20 كانون الأول 2022 18:09 م

غازي العريضي: أبو حميد الشهيد "مش زعلان"


* جنوبيات

استشهد اليوم ناصر ابو حميد المجاهد المناضل البطل الرمز الفلسطيني في سجون الاحتلال الاسرائيلي نتيجة الإهمال الطبي بعد فشل كل محاولات معالجته وفق الأصول الطبية والأخلاقية والإنسانية، ورفضه هو التقدّم بطلب عفو من رئيس حكومتهم. ناصر، إبن عائلة الأسرى والشهداء محكوم بالمؤبد 7 مرات  وبالسجن 50 عام. أمضى منها ثلاثين. شقيق أربعة سجناء محكومين بالمؤبد، والشهيد عبد المنعم، إبن إم ناصر أم العائلة، أم الشهداء، أم الإرادة والصبر والقوة والشجاعة والصلابة والعزة والكرامة التي هدموا منزلها خمس مرات وكانت تقول: "قتلوا إخوتي وأبنائي وأسروا بعضهم، فلا شيئ يهزني. لن يقتلوا عزيمتي وإرادتي" !!
ناصر ابو حميد مثال في الصبر والصمود والعناد وقوة الإيمان والإرادة. أكّد في الأسابيع الأخيرة أكثر من مرة: "أنا ذاهب الى النهاية. لن ينسى شعبي قضيتي. قضيتنا. قضية الأسرى. أنحني إجلالاً وإكباراً أمام هذا الشعب الصابر. وقفاتكم فيها مواساة لكنني "مش زعلان" من نهاية الطريق إنني أودّع شعباً عظيماً" .

ناصر مثال بارز وعنوان استثنائي معبّر عن الشعب الفلسطيني وحقه وتمسّكه به وروح التحدي والصبر والإيمان. أصابه مرض السرطان. أهملوا علاجه، عذّبوه في سجون الإرهاب الاسرائيلي جسدياً ونفسياً ومعنوياً. عاش معاناة شعبه منذ قيام دولة الإرهاب. بقيت ذاكرته حيّة أمدّته بالقوة وأراد أن يكمل طريق من سبقوه حتى النهاية. كان يعرف أن النهاية هي القتل بطريقة أو بأخرى. فهذه هي اسرائيل وهذا هو تاريخها. لكنه واجه. تحدّى. صبر. صمد. وذهب الى النهاية. ذهب و "مش زعلان". ذهب بملئ إرادته، بفرح، مؤمناً بحق قضيته وبشعبه الأبيّ البطل الذي لن يتخلى عنها فانحنى أمامه بعزة وكرامة وعنفوان وهو يقاوم الإرهاب ومشى واثق الخطوة بأمان نحو النهاية المرجوّة، مسلّماً أمانة راية الجهاد الى أبناء شعبه العظيم مطمئناً ان فلسطين ستبقى حرة وأن ابناءها لمنتصرون.

ناصر ابو حميد تحدٍ بحد ذاته أمام كل المتحدثين عن العدالة والكرامة وحقوق الانسان والحرية. فهل يعني لهم شيئاً موقفه وتجربته وشجاعته في درب الجلجلة التي يعيشها الشعب الفلسطيني؟؟ هل يعني لهم شيئاً خياره الذهاب نحو النهاية في مواجهة المحتلين الإرهابيين القتلة المجرمين فيرتقي شهيداً حاملاً ألمه وأمله وقضية شعبه ليلاقي في جنات الخلود رفاقه الشهداء الذين ما تركوا فلسطين وأرضها بل زرعوا فيها قلوبهم ودماءهم وأغلى ما عندهم لتستمر مسيرة حريتها؟؟

شعب يعطي أم ناصر، وناصراً، وغيرهما وغيرهما، ويذهب شهداؤه فرحين "مش زعلانين" الى النهاية، شعب لن يهزم، المهزوم هو الذي يقف أمام هذه الحقيقة ولا يفعل شيئاً بل يخشى مواجهة نفسه والوقائع..
ناصر ابو حميد، ودّعنا "مش زعلان". لن ننساه. لن ننسى معاناته وعِبَر تجربته. لن ننسى فلسطين وشعبها. لن نترك قضيتها. تستحق كل تعب ومعاناة وتضحية . هي قضية نبيلة شريفة أخلاقية إنسانية عادلة. لن تأتي عدالتها من "الأمم" و"الأخوة" و"الاتفاقات" فهي ستفرضها على الجميع بأمثال ناصر وإخوانه الشهداء والأسرى والمقاومين والمجاهدين وصبر وتضحيات شعب المرابطين الشرفاء.
تحية الى ناصر أبو حميد وأمه وعائلته وأرضه المباركة وشعبه البطل.

المصدر :جنوبيات