الجمعة 30 كانون الأول 2022 20:02 م |
بالنظام - أعياد المنكوبين |
* جنوبيات بعد مرور سنتين وأربعة أشهر على تفجير #مرفأ بيروت أُغلق واقعاً ملف التحقيق الداخلي دون أن يكون قد وصل التحقيق العدلي إلى نهايته، بصدور قرار اتهامي يحال أمام المجلس العدلي لتبدأ محاكمة المتهمين من موقوفين وغير موقوفين. والمجلس العدلي هو المحكمة المختصة التي متى وضعت يدها على الملف جاز لها أن تخلي سبيل من تشاء وفق قناعتها المستمدة من الملف. أصبح التعامل مع هذا الملف مقتصراً على كيفية معالجة موضوع الموقوفين والبحث عن وسيلة للسماح بالبتّ بإخلاء سبيلهم من دون السماح للمحقق الأصيل بوضع يده على الملف مجدداً. وفي قصر العدل كلام متصاعد عن تلويح بالعقوبات الخارجية على من يعرقل البت بملف الموقوفين، وكأن الخارج المعني بالملف أصبح في طور إغلاق ملف التفجير نهائياً استكمالاً لمسار الاحتواء الذي اعتمده منذ إرساله فِرَق المحققين إلى أرض المرفأ. لم يخرق هذا المسار إلّا كلام رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون بالأمس عندما أشار إلى تصريح رئيس حكومة العدو نتنياهو والرئيس الأميركي آنذاك ترامب عن حصول اعتداء على المرفأ، واللّذَيْن ما لبثا أن تراجعا عنه بعد أن بانَ هول الدمار والقتل الذي لحق بالعاصمة. وقد وضع البعض استعادة هذا الكلام الآن في إطار التباين المستجدّ بين التيار وحليفه. هذا من جهة الملف القضائي، أما من جهة الجرح المفتوح وآلامه وآثاره المدمرة فالاهتمام شبه معدوم ولم يكن يوماً على مستوى الكارثة. أقل ما كان يجب عمله هو إنشاء صندوق دولي، أو محلي بدعم دولي، لإغاثة منكوبي التفجير الذين ما يزال معظمهم تحت وطأة النكبة التي حلّت بهذا الجزء من العاصمة. ومن تمكّن منهم من العودة إلى بيته أو مؤسسته قام بذلك على نفقته وبثمن باهظ بسبب إقفال المصارف في وجه المودعين، واضطرّ كثيرون إلى توقيع شيكات للحصول على نسبة ضئيلة من المال النقدي من أموالهم العالقة في المصارف للتمكن من الترميم، ومنهم من حصل على مساعدة بعض الجمعيات الجديّة التي عملت بصمت. موقف غالبية شركات التأمين تسبّب بتفاقم المأساة فقد فضّل معظمها الامتناع عن التعويض أو التعويض الجزئي على المتضررين بانتظار مآل التحقيق الذي يُفترض به أن يُحدّد طبيعة الفعل الذي تسبب بالانفجار والقول ما إذا كان عملاً حربياً أم لا، لكي توافق على تغطية الأضرار الناجمة عنه. وهذا الموقف مخالف للقانون طبعاً لأن العمل المسبب للانفجار إذا ثبت أنه اعتداء أو عمل حربي فهو قد طال جهة محددة هي المرفأ ولم يستهدف أياً من المتضررين المنكوبين الآخرين ولا يسَعُ شركات التأمين المتعاقدة معهم أن تتذرع به.
لم يخرق هذا السكون المريب حول آثار نكبة المرفأ إلا ما صدر أول من أمس بعد زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى متروبوليت بيروت وتوابعها إلياس عودة، الذي يعيش هذه المأساة المستمرة مع أبناء المنطقة المنكوبة ولا يتوقف عن المطالبة برفع آثارها. هذا علماً بأن مؤسسات الأبرشية كانت أكبر المتضررين ولكنها نفّذت عملية ترميم ونهوض بُعيد الكارثة للتمكن من الاستمرار في تحمل المسؤولية الاجتماعية والإنسانية في ظل الغياب الرسمي شبه الكامل. وقامت تلك المؤسسات وما تزال بالإغاثة والمساعدة بكل إمكاناتها، رغم ضيق الحال الناتج عن الأوضاع المالية التي تطال الجميع ورغم شبه انعدام مداخيل الأوقاف.
المصدر :النهار |