تفاجأت بما طرح في برنامج "ما خفي أعظم" الذي عرض ليلة أمس على قناة الجزيرة ومن مقابلات أجريت مع بعض "المقاومين" من عرين الأسود وكتيبة جنين، دون أيّ اعتبار لأمنهم الشخصي وحمايتهم من قوات الاحتلال، حيث بدا أنّ ذلك آخر هم معد البرنامج ومنفذوه من طاقم صحفي.
ألّا تعلم يا تامر المسحال أنّ العدو الصهيوني يتربّص للمقاومين ويستهدفهم، كيف لم يخطر لك أنّ تصويرهم سيساعد على كشفهم، على الرغم من تغطية وجوههم وتمويه أصواتهم، ألم تسمع بالتكنولوجيا الحديثة التي تمكن الأجهزة المخابراتية من تحليل الصورة والصوت والتعرف على صاحبها على الرغم مما سبق، ألم تشعر بالمسؤولية تجاه أولئك الشباب الذين أقنعتهم بالظهور في برنامجك لتحقيق عنصر التشويق ومشاهدات على حسابهم!!! كيف تجرؤ على عمل لقاء مع مقاوم قتل جندياً إسرائيلياً، ألهذه الدرجة وصلت بك السذاجة؟ ام أنه خبث مقصود ومخطّط لخدمة الاحتلال؟؟؟
كيف لك كإعلامي ألّا تدرك أنّ عرض معلومات عسكرية مجانية وذكر الترسانة العسكرية التي يمتلكها المقاومون في نابلس وجنين وغيرها من المعلومات الأمنية، ما هي إلّا هدية مجانية قدّمتها للاحتلال الصهيوني، وبذلك تكون قد خدمت حكومته ومخابراته ونظامه، وأعطيته مبررات ليتذرع بها ويقوم بمزيد من الاجتياحات والاقتحامات والاغتيالات في كل من نابلس وجنين، وبالتالي ستكون شريكاً في أيّ عمليات قادمة من قبل الاحتلال ضد أبناء شعبنا الفلسطيني.
كما أنّ الحلقة لم تكن موضوعية، حين لم تظهر الحقائق كاملة، كان لا بد لك كصحفي أن تكون محايداً، وأن تذكر التضحيات التي قام بها مقاومو كتائب شهداء الأقصى، الذين نفّذوا عمليات نوعية، والذين هم أصل المقاومة في الضفة الغربية، كالشهيد إبراهيم النابلسي والدخيل وجميل العموري والشيشاني وأدهم عليوي وتيسير عيسى ورعد حازم وأخوه وما قام به الأخير في مخيم جنين، وغيرهم من قادة العرين الذين ينتمون لحركة فتح، أستغرب كيف أمكنك تجاهل هؤلاء دون الإشارة إليهم ولو بجملة واحدة عابرة!! أين التوازن والموضوعية الصحفية فيما قدّمت!!
كما تقتضي الموضوعية ألّا تتجاهل الشهداء من أبناء الأجهزة الأمنية الذين ارتقوا في عمليات نوعية ضد الاحتلال، بدلاً من أن تصورها وكأنها رديف للاحتلال، وهذا كلام غير صحيح، فكما قال لك محافظ جنين أكرم الرجوب، أن السلطة بأجهزتها تبذل جهداً في الميدان من أجل الحفاظ على أرواح جميع أبناء شعبنا الفلسطيني، بمن فيهم من تطاردهم قوات الاحتلال.
إنّ محاولة التركيز على أنّ العرين مرتبط بغزة، وإظهار أنهم من فصائل معينة هو ضد سياسة عرين الأسود الذين هم ضد أيّ اقتتال داخلي، وضد كل من يشوّه صورة الآخر، وهم دعاة للوحدة الوطنية، والطريقة التي عرضت بها المعلومات كانت خلاف ذلك تماماً، كما أنّ عرين الأسود لا يرتبطون بغزة، هم موجودون في الضفة الغربية ومستقلون عن أيّ ارتباطات تنظيمية، ولمعلوماتك فإنّ بذرة عرين الأسود فتحاوية، ارتأت أن تضم مقاومين من جميع الفصائل، وتجاهل هذه الحقيقة أمر مستهجن.
أما انتقالك لضيفك من بيروت بين كل محور وآخر، كان إشارة واضحة إلى محاولتك الربط بأنّ المقاومة في جنين ونابلس تدار من بيروت ومن خلفها إيران، حتى أنك عدت لضيفك للتحدث عن موضوع العميل المزدوج وعمّا ذكرت حول غزة، وعلى ما يبدو أنك بذلك حاولت استبعاد حماس عن المشهد وإيصال رسالة للاحتلال بأن حماس بعيدة عمّا يحدث في الضفة وأنها ملتزمة بالتفاهمات.
لا أدري ما هو الهدف من برنامجك، ولصالح من تقوم بإخراجه بهذه الصورة المشبوهة، فالمقاوم الفلسطيني لديه من الوعي الأمني ما يجعلني أستبعد أن هناك من يقوم بالإدلاء باعتراف عن عملية نفّذها على وسائل الإعلام. كما أنّ خيالك خانك في فبركة قصة العميل المزدوج، الذي استطاع أن يصور ضابط مخابرات الاحتلال وهو جالس معه في مطعم، وأترك الحكم في ذلك لمن شاهد برنامجك.
بدأت أيضاً أتيقن من أنّ الهدف من برنامجك البوليوودي هو تدمير للشارع والشعب الفلسطيني، واختراق لمجتمعنا الفلسطيني وإعطاء معلومات مجانية للاحتلال الصهيوني.
أمّا بالنسبة لاستهدافك للسلطة الفلسطينية، واضح أنه مقصود، وأنّ هدفك تخوينها وإظهارها بمظهر أنها تريد إنهاء عرين الأسود، وسعيت إلى تحريض وتجييش المقاومين من العرين والكتائب والشعب عليها، وهذا بحد ذاته عمل لا علاقة له بالصحافة النزيهة، بل هو عمل تحريضي نجس غير أخلاقي وغير مقبول من الشارع الفلسطيني ولا من أي جهة تحترم ذاتها، وتعرف ماذا يعني الإفساد في الأرض وبث الفتن والتحريض الممنهج والتدخل في الشؤون الداخلية، وهنا أسألك لصالح من تقوم بالتحريض على السلطة وأجهزتها الأمنية؟؟.
ويبدو لي أيضاً أنّ أي رسائل عرضتها مزورة.
وأنهي بقولي إنه على الرغم من المؤثرات الفنية التي استخدمتها في البرنامج لإعطاء عنصر الغموض والتشويق، إلّا أنّ الحلقة كانت فاشلة ومفضوحة، ولم تنطل على الشعب الفلسطين