الخميس 26 كانون الثاني 2023 09:23 ص |
ارتفاع أسعار السلع 500% وهكذا يتم تسعير الدولار |
* جنوبيات ترتفع أسعار المواد الاستهلاكية بشكل مستمر من دون توقف. لا تستكين مع هدوء عاصفة الدولار أو تراجعه في بعض الاحيان. فقد اعتاد التجار على التمادي في رفع أسعار المواد الاستهلاكية بما فيها الغذائية، استبقاقاً لارتفاع سعر الدولار، وتجنباً لتراجع نسب أرباحهم أو تآكل رساميلهم. إلا أن عملية تقدير ارتفاع الأسعار تتفاوت بين النظريات العلمية والواقع. فقد خلصت مديرية الإحصاء المركزي، في تقريرها الصادر مؤخراً حول أسعار الاستهلاك، إلى أن مؤشر الأسعار سجل ارتفاعاً بين شهر كانون الأول من العام 2021 وكانون الأول من العام 2022 نحو 122 في المئة (121.9 في المئة)، في حين يقدّر المستهلك بنفسه ارتفاعات على مدار العام المذكور بالمئات. فمن المواد ما ارتفع بنسبة 400 في المئة، ومنها 500 في المئة، وربما أكثر.. إذاً كيف تقدّر تلك الارتفاعات؟ وهل هي واقعية؟ قد لا تكون نسبة ارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك 121.9 في المئة بالنسبة الضئيلة، لا بل مرتفعة جداً، إلا أن الواقع يثبت أن الارتفاعات تجاوزت تلك الأرقام بأضعاف. ولا نشكك هنا بآلية احتساب المديرية العامة للإحصاء المركزي لنسب ارتفاع الأسعار، ولا بالألية العلمية المعتمدة من قبلها. لكن هل يعتقد من يستند إلى تلك الأرقام أنها تعكس الواقع فعلاً؟ وهل يعتقد أن غالبية اللبنانيين اليوم يعنيهم ارتفاع أسعار المفروشات أو تعرفة الفنادق أو السيجار والمشروبات الكحولية أو أبواب الترفيه والاستجمام وغيرها؟ أم تعنيهم فقط المواد الغذائية الأساسية والمحروقات والأدوية والمواصلات والخبز؟
أرقام مديرية الاحصاء
فالتجار يسّعرون بضاعتهم على أساس أسعار للدولار تفوق الأسعار المتداولة في السوق السوداء، وتختلف عنها صعوداً بشكل ملحوظ، ذلك لتجنب أي ارتفاعات إضافية مفاجأة للدولار قد تقلص أرباحهم أو رساميلهم. ويسعّرون اليوم على سبيل المثال الدولار بـ60 ألف ليرة. علماً ان السعر الحقيقي للدولار في السوق السوداء يتراوح (حتى تاريخ نشر هذا التقرير) بين 55 ألف ليرة و55500 ليرة.
الارتفاع الحقيقي للأسعار وإذا ما استندنا إلى رأي البنك الدولي، فقد ورد في تقرير له، صدر في النصف الثاني من العام 2022، صنّف لبنان في المرتبة الأولى عالمياً على مؤشر البنك الدولي لتضخم أسعار الغذاء متخطياً دولاً مثل زيمبابوي، وفنزويلا. وأكثر من ذلك، إذا ما استندنا إلى أرض الواقع، نلحظ أن الأسعار ارتفعت أكثر فأكثر. وتكاد مظلة السوق السوداء تغطي كافة السلع الأساسية، من بينها الدواء والمحروقات والخبز والمواد الغذائية بكافة أنواعها. فكل شيء يُباع بأسعار متفاوتة يفوق معدل تسعيرها سعر الدولار الحقيقي في السوق الموازية. من هنا يمكن رصد نسبة غلاء الأسعار. فالمعيار الأساس يبقى جيب المستهلك.
المصدر :المدن - عزة الحاج حسن |