برعاية وحضور رئيسة مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة السيدة بهية الحريري، كرمت "مدرسة صيدا اللبنانية الكويتية الرسمية" و"الشبكة المدرسية لصيدا والجوار" مدير المدرسة المربي الأستاذ محمد عبد النبي لمناسبة انتهاء خدماته الوظيفية، تقديراً لمسيرته التربوية والإنسانية، وذلك في احتفال أقيم في قاعة مسرح المدرسة في صيدا حضره النواب "الدكتور أسامة سعد وعلي عسيران والدكتور ميشال موسى" وممثل النائب الدكتور عبد الرحمن البزري محمد الددا، ممثل رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي أحمد شعيب، رئيس جمعية جامع البحر الشيخ حسن صفدية، رئيس المنطقة التربوية في الجنوب أحمد صالح، ومسؤول الامتحانات في المنطقة ديب فتوني وعدد من موظفي المنطقة التربوية، ورئيس رابطة أساتذة التعليم الأساسي الرسمي الأستاذ حسين جواد ، امين عام نقابة معلمين المدارس الخاصة الدكتور أسامة ارناؤوط ممثلاً الشبكة المدرسية لصيدا والجوار ومديرو عدد من مدارس الشبكة، وفاعليات تربوية وممثلو مدارس ومعاهد وجامعات رسمية وخاصة من صيدا والجنوب ، والهيئتان الإدارية والتعليمية للمدرسة اللبنانية الكويتية وعائلة المحتفى به ، وكان باستقبالهم الفرقة الموسيقية لكشافة التربية الوطنية التي عزفت النشيد الوطني افتتاحاً .
ثم كان ترحيب وتقديم من منسقة الأنشطة الرياضية والكشفية في الجنوب الأستاذة خديجة شعلان، فقالت" مرحبا بكم بين زهور الرؤية الواضحة ورحيق النزاهة الشفافة وشهد التفاني التام، مرحبا بكم في رحاب القيادة المؤثرة، واهلا بكم في احتفال المدير محمد عبد النبي الذي أنهى خدمته بعد مسيرة حافلة بالعطاء في ميدان الشرف ، ميدان التربية والتعليم. وانتهز هذه المناسبة لأعبر عن بالغ امتناني وشكري بعملي معك في فترة سابقة ، فشكرا لك على تحقيق العدل الدائم وخوفك وحرصك الشديدين على مصلحة المعلمين والتلامذة ، فحقاً كنت الرجل المناسب في المكان المناسب".
ثم تحدثت المديرة الجديدة للمدرسة وداد جرادي فقالت" انه لمن دواعي سرورِنا ان نكرمَ اليوم استاذاً عظيماً له في قلوبنا كل المحبة والتقدير. اليوم نودع قائدا متميزا مديرا حكيما ، بذل كل طاقاته وجهده في رفعة هذه المدرسة وحمل على عاتقهِ همها. نودع مديرا شد على ايادينا وقت الحاجة ودعمنا واستثمر طاقاتَنا ومواهبنا بمهارةٍ وحرفيةٍ وكفاءةٍ عالية لنكونَ في أفضلِ صورة وتكون مدرستنا قاعدة ً للتميز والعطاء.معك وبفضل قيادتِك الفريدة المتميزة ، أصبحنا اسرةً واحدةً متحابةً متلاحمةً وفريقَ عملٍ موحدا.. نعانق بالوفاء جهودكم ، ستظل دستوراً مدى الأزمان ، نبارك لكِ تقاعدَك ونتمنى لك كل الخير والصحة والسعادة وأن تكون أيامك القادمة أجمل وأجمل . وستبقى مدرسة صيدا اللبنانية الكويتية مدرستكِ وبــيـتكِ الثاني ، ففي كل ركن لك ذكرى ولن ننسى أبداً مواقفك النبيلة و قلٍٰــْـبْك الكبير الذي كان يتسع للجميع بدون استثناء ".
كلمة عائلة المحتفى به ألقاها نجله المهندس بدر عبد النبي فقال "أبي الحبيب، نقف بكل فخر لنحتفل بمسيرتك المشرفة. ولا يسعنا إلا أن نسلط الضوء وبكل امتنان على دور الأب العظيم الذي لطالما حرصت انت وأمي على منحنا الأفضل. زرعت فينا القيم السامية من صدق وأمانة وحب العلم والتطوير الذات، وروح المثابرة والإصرار. كرست لنا وقتك وجهدك ومنحتنا الكثير من التجارب والعلم لتمهد لنا طريق النجاح . كنت لنا مرشدا حين نخطىء ومشجعا حين نصيب ، فأصبحنا ما نحن عليه اليوم كما اردت متعلمين متمكنين وفاعلين متسلحين بالعلم ، قادرين بإذن الله على مواجهة صعوبات الحياة وتحديات هذا الوطن.. وفي حياتك المهنية أخلصت في عملك، إيمانا منك بأن التفاني في العمل خير عبادة.. ٤٥ عاما من التريبة والتعليم ومن تمكين الطلاب بالقيم والعلم ، ٤٥ عاما من التريبة والتعليم يا ابي ستبقى بلا أدنى شك خالدة في ذاكرة من احبك كما في ذاكرة المدينة.. أطال الله بعمرك والدي الحبيب وأنعم عليك بالصحة و العافية و راحة البال".
وألقى د. أسامة أرناؤوط كلمة الشبكة المدرسية لصيدا والجوار فقال" نكرم اليومَ قنديلًا أضاءَ على المدى، رسولًا من رُسُلِ النّبالة، نكرِّمُ طبيبًا صمّمَ مصيرًا، مهندِسًا نمّقَ نفوسًا.. عمادُ قوّتِهِ القلمُ، سفيرُ رحلتِهِ العقلُ، لسانُ حالِهِ القلبُ.. معلِّمٌ واكبَ الجرحَ المفتوحَ النّازفَ في جسدِ الوطن، يقف اليومَ على شُرفةِ التّقاعدِ، ونحن اليومَ في مناسبةِ تكريمِهِ لا نبالغُ إذا جنّدْنا الكلمات، كيفَ لا، وعقولُ الرّجالِ تحتَ أقلامهم؟. أيها المربّي "محمّد عبد النّبيّ" .. لقد كرمت الشبكة المدرسية لصيدا والجوار كونك أحد أركانها ومن مؤسسيها الأوائل... واليوم تكرمك هذه الشبكة الجامعة بعد عُقودٌ منِ امتطائِكم صهوةَ العطاء، تمسّكتُم فيها بالرّصانةِ والموضوعيّة، وهذا نهجٌ باتَ نادرًا في عالمِنا اليومَ، وخصوصًا في هذه المرحلةِ الّتي انقلبَتْ فيها القيمُ وتدهورَتْ فيها الأخلاق... فكنْتُمْ للنّباهةِ أهلَها... وللنّجابةِ كنتمُ الأهلَ. لقد أجزلْتمُ العطاءَ، فنِعِمَ ما قدّمت أكفُّكمُ السّمحاء.ختامًا، أستاذَنا الكريم، طيّبَ اللّهُ عيشَكم ومدّ في عمرِكم ومتّعَكم بوفيرِ الصّحّةِ والعافية...".
والقى الأستاذ حسين جواد كلمة الرابطة فقال" تحية لكل من حضر مكرماً الزميل والصديق الأستاذ محمد عبد النبي المدير الإداري الناجح ان بحثت عن مدرسة ناجحة ركناً من أركان المدرسة الرسمية اعطاها سنين العمر كي تتطور وتتقدم ، خاض غمار العمل النقابي لفترات متقطعة، فكنا نلجأ لحكمته في الموقف ونستنير برأيه في الأزمات. تتركنا ونحن في غمار أزمة ا تعصف بالتعليم الرسمي حيث انعدمت قدرة المعلمين على الوصول الى مدارسهم والتهمت أسعار المحروقات والمواد الغذائية رواتبهم واطبقت المصارف على مستحقاتهم .. وعلى وقع الإضراب المستمر منذ 3 أسابيع، فإننا في رابطة المعلمين وروابط التعليم الرسمي ابلغنا من يعنيهم الأمر بمطالبنا التي بات يعرفها القاصي والداني والتي يمكن أن تجد حلا في اجتماع الضرورة لمجلس الوزراء وتتلخص بالتالي: انشاء منصة صيرفة خاصة بالمعلمين على مختلف مسمياتهم تحفظ رواتبهم وتتناسب مع رفع الدولار الجمركي الجديد، اعطاء بدل نقل للملاك والمتعاقدين بقيمة ثمن 6 لترات من البنزين تقدر شهريا وفقا لاسعار المحروقات، معالجة وضع الاستشفاء بدعم تعاونية موظفي الدولة كي تستطيع تغطية الكلفة الكاملة للاستشفاء وعدم تحميل المعلمين فروقات باهظة. وختم مخاطبا المحتفى به "الا ليت يكون هناك قانون تمديد سن التقاعد لأمثالك من المخلصين التربويين الصادقين ".
ا
والقى الأستاذ أحمد صالح كلمة منطقة الجنوب التربوية فقال" المعلم هو صانع الأجيال وباني الإنسانية به تتقدم الأمة وبه تسمو الأجيال . يجود بأنبل أنواع العطاء فهو من يهب نفسه مكافحاً مجاهداً في محراب الوطن يزرع القيم الإنسانية والقومية والوطنية.. الأستاذ محمد عبد النبي ، لكم زرعت فينا القيم الطيبة والأخلاق السامية والنبيلة والكلام الحسن والعلم النافع . أستاذ محمد ، التقاعد مرحلة من مراحل العمر لا تعني الغياب عن المسؤوليات ، انما هو فرصة جديدة للعطاء للدفء الأسري ولإظهار أجمل ما تعلمناه وكيفية توظيفه من جديد . أستاذ محمد عبد النبي ، أنت الأستاذ المتفاني والمدير الناجح والعصامي ، صاحب السمعة الطيبة والسيرة الحسنة ، كنت وما زلت نموذجاً في العطاء لصيدا ومدارسها ومنارة في أرجاء هذا الوطن ، قدمت الكثير وما زالت محبتك تتسع للجميع . وهبت حياتك تربوياً جليلاً ، ووجب علينا الشكر والتكريم لشخصكم الكريم وهذا اقل ما يمكننا رده اليك جزاء وشكوراً . نسال الله أن يمن عليك بالصحة والعافية وأن يجعل ما قدمته في مزيان أعمالك . وفقك الله ورعاك أينما كنت ومبارك التقاعد .
وتحدث المحتفى به الأستاذ محمد عبد النبي فقال" 45 عاماً امضيتها في التربية والتعليم في مدراس قرى الجنوب ، الى ثانوية د.حكمت الصباغ الى الجامعة اللبنانية وادارة مدرسة صيدا اللبنانية الكويتية وفي كبرى المدارس الخاصة في المدينة. في مختلف المواقع معلماً ومنسقا و مدرباً ، واستاذاً محاضراً ومديراً لكنني لم اخف يوما على التعليم الرسمي كما انا اليوم. ليست المناسبة مناسبة للغوص في الاسباب التي تنحر التعليم الرسمي ، لكن مشهدية اليوم تدعو الى القلق، فبعد أن نجحنا بايجاد مدرسة استقطبت طلابا من المدينة وجوارها ونافسنا حتى التعليم الخاص المرموق ، بدأت اشعر مؤخرا ان الامر اخذ ينزلق من بين ايدينا .ان معلما شتت فكره تدبير القوت والوقود لن يتسنى له ان يفكر فيما سيعلم او كيف سيعلم . ان ايجاد حل لمعيشة المعلم خطوة اولى مهمة لبدء الإنقاذ. ان ادارة مدرسية انصرفت عن متابعة سير العمل المدرسي من اشراف وتخطيط ومتابعة يومية لأمور المتعلمين والمعلمين وسوى ذلك من المجالات التربوية الى ملاحقة المصرف لتأمين الكلفة التشغيلية والمازوت وتأمين اجور العمال وسداد مستحقات الدائنين هي ليست بقيادة تربوية بل هي مجلس لتسيير الأعمال وتصريفها كيفما اتفق تولى الله امر مديري المدارس في هذه الأيام .
وخاطب افراد الهيئتين الادارية والتعليمية في المدرسة وعلى رأسهم المديرة المكلفة بأن " تعاونوا للحفاظ على مدرسة انتم صنعتم مجدها". وختم بتوجيه الشكر الى راعية الحفل والحضور الرسمي والتربوي واللجنة المنظمة ومدراء الشبكة المدرسية وأسرتيه الكبيرة - المدرسة والصغيرة - عائلته .
وفي الختام تحدثت راعية الحفل السيدة بهية الحريري فقالت" كنت أتمنى لوّ أنّنا اليوم نلتقي لنشارك في حفل توقيع كتاب يتضمن السيرة الذاتية لمسيرة الطالب والمدرّس والمدير والباحث والتربوي الكبير الأستاذ محمد بدر الدين عبد النبي هذه السيرة المميّزة التي تشبه أجيالاً وأجيال من بنات وأبناء صيدا هذه المدينة التي جعلت من العلم والتربية أساساً في هويّتها وبنت جسوراً متينة مع المعرفة وفتحت مدارسها لكلّ اللبنانيين . لتشكّل التربية والتّعليم أحد وجوه هذه المدينة الأصيلة.. والعريقة.. والفخورة بأبنائها المميّزين.. والمؤمنين بالعلم والمعرفة سبيلاً إلى الإزدهار والنّهوض ..".
وأضافت" إن كلّ محطة من مسيرة الأستاذ الكبير محمد عبد النبي تحكي قصة أجيال من الصيداويين الذين سلكوا هذه الطريق الصعبة والدقيقة والتي كانت تحتاج إلى العزم والإرادة والقدرة على النّجاح والتّفوق.. وإنّنا فخورون بهذه التّجربة الوطنية العلمية التربوية المميّزة ونعتزّ أيضاً بكلّ الأجيال التي تخرّجت وتعلّمت وتدرّبت واستفادت من علم أستاذنا الكبير ومعرفته وريادته ووطنيّته وحبّه لأهله ولمدينته .. ".
وقالت" إنّني أتمنى على أستاذنا الكبير ألاّ يبخل على الأجيال الصيداوية بكتابة هذه السّيرة المميّزة ومحطاتها الإستثنائية والظروف الإستثنائية التي واجهت مسيرته العلمية والتربوية. ولقد أراد أستاذنا الكبير أن يضيف إلى هذه التّجربة العريقة والعميقة روح الإبداع والثّقافة والفنون ليقدّم خبرته للأجيال الصاعدة في ميادين الشعر والنثر مدرساً وناقداً .. ".
وأشارت الحريري الى "أنّنا نلتقي اليوم لنقول لأستاذنا الكبير شكراً على كلّ ما أعطيته لأهلك ومدينتك ووطنك من علم ومعرفة وثقافة ولما جسّدته من مسؤولية في الإدارة وتربية الأجيال رغم كلّ التّحديات والصّعاب، وإنّنا نتطلع إلى وقوفكم إلى جانبنا لنتكاتف معاً، ولنقف في هذه الأيام الصّعبة إلى جانب مدرّساتنا ومدرّسينا وطالباتنا وطلاّبنا في المدرسة الرسمية وفي المدرسة الخاصة الذين يعيشون ظروفاً شديدة القسوة .. ويتحمّلون مسؤولية وطنية كبرى بعد أن خسر لبنان العدد الكبير من طاقاته التربوية التي غادرت لبنان .. ".
وختمت بالقول " فكل التحية لكلّ مدرّسة ومدرّس بقي في لبنان ويتحمّل المسؤولية التربوية في كلّ هذه الظروف الصعبة .. مما يعيد إلى أذهاننا وأنت أستاذنا تعلَم هذا القول الذي كنّا نكرّره في مدارسنا ونحن أطفال في عيد المعلّم .. وها نحن اليوم نعود إلى معناه العميق : " قم للمعلّم وفّه التبجيلا .. كاد المعلم أن يكون رسولا" .. شكراً لك على عطائك .. وشكراً لكلّ المعلّمات والمعّلمين على صمودهم .عاش لبنان وطناً للعلم والمعرفة .. ".
بعد ذلك جرى تقديم الدروع التكريمية وباقات الورود للمحتفى به بمشاركة الحريري والنائبين سعد وموسى، قبل ان يقوم عبد النبي بمشاركتهم بإزاحة الستارة عن اللوحة التذكارية لإطلاق اسمه على قاعة مسرح المدرسة ..
وتخلل الحفل معزوفات موسيقية من الأستاذ عصام شرف الدين ونجله محمد علي.