هذه الحادثة رواها لي الكابتن الطيّار غسّان أبو غزالة قائلًا: "لقد حصلت هذه الواقعة فعلًا مع شقيقي الكابتن الطيّار عادل (رحمه الله)". وقد رواها لي على النحو الآتي:
في إحدى الرحلات المتوجّهة إلى لندن، قرّرت مسافرة شقراء، وكانت تملك تذكرة سفر في الدرجة العاديّة، أن تنتقل لتجلس في الدرجة الأولى. فأخذت تبحث لنفسها عن مقعد فارغ مريح، حيث جلست ورفعت قدميها وراحت في حالة من النوم الممتع.
خلال دقائق، جاء إليها مضيف الطيران، وطلب إليها "بأدب" أن تعود إلى مقعدها المخصّص لها في الدرجة السياحيّة، لكنّها أبت قائلة: "أنا شقراء وجميلة، ومسافرة إلى لندن ولن أتحرّك عن هذا الكرسيّ"!
توجّه المضيف إلى قائد الطائرة ومساعده، وأخبرهما بما حدث. عندها توجّه إليها مساعد القائد، وطلب إليها "بمنتهى الأدب" أن تعود إلى مكانها، كونه لا يحقّ لها الجلوس في الدرجة الأولى، فأجابته: "أنا شقراء وجميلة، ومسافرة إلى لندن ولن أتزحزح عن هذا الكرسيّ".
عاد المساعد إلى قائد الطائرة وأخبره بما حصل معه. عندها قال القائد: "في هذه الحالة سأذهب إليها بنفسي، راقبني فقط، فأنا متزوّج من شقراء وسأتدبّر الأمر". اقترب القائد من الشقراء وهمس في أذنها. فجأة نظرت إليه وقالت: "حقًّا؟! إذًا، سأغادر مقعدي حالًا وأتوجّه للجلوس في المكان المخصّص لي أصلًا".
اندهش الجميع، واستغربوا كيف تمكّن القائد من إقناعها بالعودة إلى مكانها في الدرجة السياحيّة بدون أي مشكلة أو حتّى اعتراض.
فاقترب المضيف من القائد وسأله: "ماذا قلت لها، حتّى اقتنعت بهذه السرعة"؟
أجاب القائد: "أخبرتها أنّ الأماكن في الدرجة الأولى غير متّجهة إلى لندن". فكان ما كان.
إنّها حقًّا، خفّة العقول في عالم اللامعقول. ونتساءل وتتساءلون، كم مسؤول في عالم السياسة يحتاج إلى الكياسة؟
الجواب: عند أولي الألباب.