أكدت القيادات الدينية والفكرية المشاركة في القمة العالمية للتسامح والأخوة الإنسانية التي أُقيمت على مدى يومين في أبوظبي، برعاية وحضور معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، أن ما قدمته جلسات القمة يمثل إضافة حقيقية، وطاقة متجددة لمضاعفة الجهود من أجل عالم يعمه التسامح والسلام والأخوة الإنسانية.
وشددوا على أهمية الحوار المستمر بين الأفكار، والمنطلقات المختلفة والثقافات المتنوعة على أساس من القيم الإنسانية المشتركة والذي تقوده الإمارات العربية المتحدة باقتدار وحرفية، من خلال تواصلها مع الجميع، وتوفير البيئة المناسبة للحوار البناء والمثمر بين ألوان الطيف الإنساني كافة، دونما أدنى تفرقة على أساس الدين أو العرق أو اللون.
ولفتوا إلى أن تركيز الجلسات على قيم معينة، مثل الإيمان والتنوع والكوكب والسلام، كان من العوامل الرئيسية التي مكنت المشاركين من تقديم أفكار ومبادرات محددة تشكل في مجملها منطلقاً رائعاً من أجل أخوة إنسانية تقبل بالجميع، مع الإدراك الكامل بأن هذه الحوارات والمناقشة المشتركة تعمق التواصل والارتباط بين مختلف الأمم والشعوب مهما كانت اختلافاتهم الدينية والثقافية، خاصة أن العوامل المشتركة بين جميع العقائد والديانات كثيرة، ويمكن البناء عليها، مع التأكيد على احترام الحياة الإنسانية والرغبة في السلام والتعايش والأمن، وتقدير بعضنا البعض كأفراد ذوي قيمة، بما يرشد أتباع هذه الديانات لعيش الحياة التي يستحقونها.
جاء ذلك عقب ختام جلسات القمة العالمية للتسامح والأخوة الإنسانية في يومها الثاني والأخير بمشاركة أكثر من 27 متحدثاً من القيادات الفكرية والدينية الدولية، الذين رفعوا في نهاية جلساتهم أسمى آيات الشكر والتقدير لدولة الإمارات وقيادتها الرشيدة على ما تبذله من جهود متواصلة لتعزيز مبادئ الأخوة الإنسانية في جميع قارات العالم.
التزام إماراتي
وأشاد المشاركون في القمة بالتزام دولة الإمارات، ممثلة في وزارة التسامح والتعايش، بتنظيم واحتضان مثل هذه الأحداث الكبرى ودعوة قادة الأديان والشرائع حول العالم للجلوس معاً للمناقشة والحوار حول التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية من أجل مستقبل أكثر أمناً وسلاماً يضم الجميع، وهو دأب إمارات زايد الخير دائماً، والتي تسعى للتعزيز القيم الإنسانية في جميع المحافل الدولية.
«الإيمان هو الحياة»
شهدت الجلسة الأولى التي ركزت على دور الإيمان مهما كانت طبيعته ومطلقاته، حالة من الحوار الراقي بحثاً عن المشترك، وتفعيلاً لحق الجميع في حياة أكثر سعادة، وعالم أكثر تعاوناً، وشارك بها القس بيشوي فخري، أمين صليب بكنيسة القبطية الأرثوزكسية بالإمارات، والدكتورة أمينة الهاجري، مدير عام الشؤون الثقافية والاجتماعية والأسرية، منظمة التعاون الإسلامي، والدكتور توماس شيرماشر، رئيس الأساقفة، الأمين العام للتحالف الإنجيلي العالمي، والدكتورة كاثالين ريد مارتينيز، رئيسة جامعة أورال روبرتس. وتوافق الجميع، من خلال كلماتهم وحواراتهم البينية، على أهمية أن تنطلق الدعوة لتعزيز القيم الإيمانية التي تدعو إلى احترام الإنسان مهما كانت قناعته باعتباره إنساناً، إلى الأجيال الجديدة، لا سيما الشباب، وذلك لحثهم على تقبل الآخر والعمل الجماعي، وعدم تكرار أخطاء الأجيال السابقة، مؤكدين أن وسائل التواصل الاجتماعي لها جانب سلبي لأنها تزكي روح التعصب للأديان وتزرع الخلافات في كثير من الأحيان، ولذا فإن للقادة الدينيين دور في مواجهة هذه السلبيات لإيجاد حالة من الانفتاح على آخر، فالإيمان محرك حقيقي لاكتشاف قادة قادرين على تغير العالم، فالإيمان الحقيقي ضروري للعيش في تناغم قائم على قيم التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية.
أما الجلسة الثانية، فتناولت الإيمان بالتنوع كقيمة مضافة تثري المجتمعات، وتطرح القيم الإنسانية كمنطلقات لآفاق أرحب من التعاون والاستفادة من الاختلافات بين البشر لما فيه صالحهم كمجتمع إنسانية، وطرحت الجلسة شخصية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كأحد الرموز المهمة في التاريخ الإنساني التي آمنت بأهمية التنوع، وسعى، رحمه الله، لتحقيق هذا الهدف، وعبر دائماً عن قناعته بأن التنوع هو أساس ثراء المجتمعات، بل إنه سبب ازدهار الدول والأمم والشعوب، وتحدث في الجلسة كورتيس كولهاس، كبير مسؤولي التطوير مركز كارتر، والإمام يحيى سيرجيو يحيى بالافيشيني، رئيس مجلس الإيسيسكو، وكلير دالتون رئيسة، وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الإمارات.
فيما تناولت الجلسة الثالثة موضوع السلام كقيمة إنسانية مهمة لتعزيز مبادئ اللاعنف حول العالم، وركزت على أهم منطلقات السلام وعلاقتها بالأخوة الإنسانية والتسامح، وأشادت الشخصيات المتحدثة بالجلسة بدور وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية في تعزيز قيم السلام والحوار حول العالم، والجهود التي تقوم بها الإمارات عبر المنابر الدولية كافة لتعزيز قيم السلام من أجل عالم أكثر أماناً وازدهاراً.
من أجل الكوكب
ركزت الجلسة الأخيرة، أهمية الأخوة الإنسانية كأحد ممكنات الاستدامة، وأكد المشاركون أن جميع المشاريع المتعلقة بالاستدامة لا بد أن تكون منطلقاتها نابعة من التسامح والأخوة الإنسانية، باعتبارها أحد أهم عوامل النجاح لمشروعات ومبادرات الاستدامة كافة.
كما ناقشت الجلسة كل ما يتعلق بكوكب الأرض كهدف مهم في هذا التوقيت التي تواجه في البشرية أخطار التغيرات المناخية واختلال النظم البيئة. وركزت الجلسة على أهمية العمل المشترك بين الجماعات والأمم والشعوب والدول حول العالم لحماية الكوكب كافة، باعتبار أن الحفاظ على الكوكب هي قضية مصير للبشرية بكل اختلافاتها وأديانها وثقافاتها. وشارك بالجلسة قداسة سوامي براهمافيهارداس، زعيم ديني معبد هندوس ماندير، أبوظبي، والحاخام الرئيسي ديفيد روزين، المدير الدولي للشؤون بين الأديان في آي جاي سي، وتودينجتون هاربر، الرئيس التنفيذي بجريدسيرف، والدكتور سوريندر سينغ كانداري، رئيس مجلس إدارة معبد جورو ناناك دربار للسيخ بدبي.