على وقع الزلازل الطبيعية التي ضربت سوريا وتركيا، لم يسلم لبنان من تداعياتها، بسقوط ضحايا، ورعب وهلع أصاب المُواطنين من تردداته.
ما زال المُواطنون يعيشون ترددات الزلازل المُتلاحقة، التي يصنعها السياسيون، فتتجاوز الهلع والخوف إلى تفاقم الأمور بشكل أكبر، بعدما وقع المحظور، الذي جرى التنبيه إليه مُنذ فترات طويلة.
مردّ ذلك، ظروف مُتعددة، منها ما هو داخلي، والبعض مُرتبط بملفات إقليمية، لتوظيف الورقة اللبنانية في «بازار» التجاذبات والمُباحثات الدولية!
يئنُّ المُواطن تحت ظروف ضائقة اقتصادية ومعيشية وحياتية صعبة، تركت تداعياتها بشكل جليّ، فقلبت الحياة رأساً على عقب.
بين بحث عن لقمة العيش، وفقدان قيمة الرواتب والأجور، بفعل الانهيار السريع للعملة الوطنية، وانقطاع التيار الكهربائي، وشحّ المياه، وفقدان الكثير من المواد الأساسية والأدوية، ومُعاناة المرضى على أبواب المُستشفيات، ومصاعب التعليم، واقتصار دوام العمل على أيامٍ محدودة، كل ذلك أدّى إلى ارتفاع كلفة الحياة وصعوبتها.
هذا مع استمرار الشغور الرئاسي، التي تجاوز المئة يوم من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بتصديق رسمي بدخول لبنان «جهنم»!
أدّى فشل مجلس النواب بانتخاب رئيس للجمهورية، إلى زيادة الانقسام بين الكتل النيابية المُتمثلة بالمجلس، حيث يبدو أن مصالح البعض الشخصية، بقاء التموضع، من دون البحث عن قواسم مُشتركة تُنقذ البلد من الانهيارات المُتلاحقة.
ينسحب هذا الأمر على الشغور في العديد من المراكز، خاصةً في الفئة الأولى، وتحديداً بالغة الحساسية.
يُحاول البعض المُقايضة بين ملف وآخر لإدراكه أهمية أصوات كتلته!
في طليعة المراكز التي تشغر بعد 3 أسابيع، وتحديداً في 2 آذار/مارس 2023، مركز مُدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، حيث يبلغ 64 عاماً، فيُحال على التقاعد كموظف مدني، بعدما كان قد تقدم باستقالته كضابط عسكري وجرى التمديد له كمدني في 14 آذار/ مارس 2017.
هناك صيغتان للتمديد للواء إبراهيم لمُدة سنتين أو ثلاثة، من خلال:
1- بقرار يصدر عن وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي، وهي الصيغة القانونية التي جرى اعتمادها بالتمديد لقائد الجيش السابق العماد جان قهوجي من قبل وزيري الدفاع الأسبقين فايز غصن وسمير مقبل.
ينقل عن اللواء إبراهيم، رفضه التمديد وفق هذه الصيغة.
2- أن يتم التمديد بمُوجب قانون يصدر في مجلس النواب، الذي رغم أنه في فترة انتخاب رئيس الجمهورية، لكن وفق أحكام الدستور، بإمكانه الاجتماع والتشريع، كما حصل خلال فترة الشغور الرئاسي بين انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال سليمان وانتخاب الرئيس عون.
هذا هو المُتوقع، أن يتم عقد أول جلسة تشريعية لمجلس النواب، من المُقرر أن يُحدد جدول أعمالها خلال اجتماع هيئة مكتب المجلس، الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري يوم بعد غد (الاثنين).
وقد طرحت العديد من الصيغ لإصدار قانون في مجلس النواب للتمديد، منها:
- ما قد تقدم به «اللقاء الديمُقراطي»، ويقضي بالتمديد لجميع رؤساء الأجهزة الأمنية والمجلس العسكري في الجيش، بهدف التمديد لرئيس الأركان اللواء أمين العرم، لكن لم يمر ذلك، وأحيل العرم إلى التقاعد.
- تقدم «اللقاء الديمُقراطي» بصيغة قانون لرفع سن التقاعد لمُوظفي الفئات الأولى والثانية والثالثة، المعمول به حالياً من 64 عاماً إلى 68 عاماً، مع رفع سن التقاعد لمُوظفي الفئة الرابعة إلى 66 عاماً.
ويكون اللواء إبراهيم مُستفيداً من هذا الطرح، الذي يستفيد منه أيضاً حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي تنتهي ولايته في 24 أيار/مايو 2023.
وهناك العديد من المُدراء العامين سيستفيدون منه، وهو ما يُؤدي إلى الكثير من الإشكالات.
- ما أعدّه نواب تكتل «الاعتدال الوطني»، يقضي بالتمديد سنتين لكل من قائد الجيش العماد جوزاف عون، الذي تنتهي ولايته في 10 كانون الثاني/يناير 2024 لبلوغه 60 عاماً، مُدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، الذي يبلغ سن التقاعد 59 عاماً في 15 أيار/مايو 2024، ومُدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم لسنتين ابتداءً من تاريخ انتهاء ولايته في 2 آذار/مارس 2023.
ينقل أن قائد الجيش يرفض أي قانون للتمديد له انطلاقاً من أنه أبرز المُرشحين لرئاسة الجمهورية، أن انتهاء مفعول التمديد سيكون فور انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يختار من بين العمداء الموارنة في الجيش قائداً له خلال ولايته.
- أن يتم التمديد للواء إبراهيم واللواء عثمان وأيضاً التمديد لمُدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، المُمدد له بصفة مدنية في 15 آذار/مارس 2022، بعد قبول استقالته وإحالته على التقاعد كعسكري.
للأسف، هناك من اعتاد على استغلال الفرص، حيث يصرُّ رئيس تكتل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل، أن يتضمن جدول أعمال الجلسة التشريعية، قانون «الكابيتال كونترول»، لتأمين النصاب القانوني والميثاقي للجلسة.
بات من المُؤكد أن التمديد للواء إبراهيم محسوم، نظراً إلى الميزات التي يتمتع بها، حيث يُشكل نقطة تلاقٍ بين المُتخاصمين، ونجح في تفكيك الألغام وإبطال مفعولها، ويتمتع بعلاقة مُتميزة تتجاوز الساحة اللبنانية إلى ما يتعداها إقليمياً ودولياً.
لقد أضحى اللواء إبراهيم، رجل المهمات الصعبة في الأمن والسياسة، ومُختلف القضايا، بما يُثبت أنه رجل دولة عابر للطوائف والمذاهب والبلدان.
الرئيس نبيه بري استقبل أمس (الجمعة) في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، اللواء إبراهيم، حيث جرى عرض للأوضاع العامة لا سيما الأمنية منها. فهل يكون هذا اللقاء الخطوة الأساس لإنجاز التمديد للمدير العام للأمن العام؟