روى والدي رحمه الله لي ولبعض الزملاء أنه عندما كان عمره 13 سنة شارك في احتفالات عيد الاستقلال في العام 1943 احتفالاً ببزوغ فجر الحرية في لبنان وبتحرير أحد رجالات الاستقلال ابن صيدا الرئيس عادل عسيران مع مجموعة من أترابه، وإن أحد المسنين قال:" أخشى أن لا نحفظ الاستقلال وأن يتحول إلى استغلال للشعب من قبل الحكام الجدد".
بعد مرور 73 سنة على شروق شمس الحرية في لبنان ، رحم الله محدث والدي الذي اكتشف مبكراً عدم صون الطبقة السياسية لإنجاز الاستقلال وتحويل الوطن الذي كتب شعبه تاريخه المجيد بالدماء إلى ما يشبه المزرعة للأسف..
أي استقلال نحتفل به والفساد أقوى من القانون .. وأي استقلال ونصف اللبنانيين مهاجرين .. أي استقلال والفقراء المرضى يموتون على أبواب المستشفيات لعدم توفر المال مع تقديري لما قام به وزير الصحة وائل أبو فاعور .. أي استقلال نحتفل به والبطالة في ارتفاع مستمر .. أي استقلال والعسكريين الشرفاء محتجزين لدى المجموعات الإرهابية .. أي استقلال نحتفل به والشعارات المذهبية تدغدغ مشاعر الكثيرين في لبنان على حساب القضايا الوطنية .. أي استقلال هذا وأكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري على الأراضي اللبنانية.. أي استقلال هذا فقد فيه البعض انتماءه إلى الوطن..
رغم الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب اللبناني ووفاءً لجميع الشهداء الذين سقطوا منذ العام 43 وحتى يومنا هذا لا بد من الاحتفال بعيد الاستقلال المبتور على أن يتحقق الأمل الموعود مع العهد الجديد .. في عيدي العلم والاستقلال ألف تحية إلى أرواح جميع الشهداء الذين سقطوا خلال ال 73 سنة الماضية من أجل عزة وكرامة وحرية لبنان واللبنانين، ومن أجل أن نحيا وننعم بالحرية .. وتحية إلى روح محدث والدي الذي حذر في الأيام الأولى من عمر الاستقلال من أن الحكام قد لا يصونونه ويحولونه إلى استغلال.
مستشار نقابة محرري الصحافة