الاثنين 13 شباط 2023 13:04 م |
ديمقراطية "اسرائيل" "5" |
1 – في بداية التسعينات قامت حملة في اسرائيل ضد من سمّوا "المؤرخون الجدد" الذين نقضوا رواية أن اليهود جاؤوا الى فلسطين الى "أرض بلا شعب"!! كتبوا الكثير عن تاريخ فلسطين وحق الفلسطينيين في الوجود على أرضها. طوردوا. طردوا من التدريس في الجامعات. تعرّضوا لضغوطات كثيرة ومنهم من غادر دولة الاغتصاب والإرهاب. اليوم، ومع حملة نتانياهو وعصابته في الكنيست لإقرار قوانين تسقط فعلياً المحكمة العليا، وتجعل القرارات القضائية القانونية فعلياً في يد أكثرية الكنيست، خرج 100 من المؤرخين الاسرائيليين في موقف قوي ضد هذه الحملة وقالوا فيه: "حكومة نتانياهو تشكل خطراً وجودياً على اسرائيل"!! وأعلنوا "ان الحكومة بوضعها خطة لإضعاف جهاز القضاء إنما تشكل خطراً على وجود اسرائيل والأمة الاسرائيلية عندما يهدد الحكم مواطنيه بسحب حقوق في المساواة وبمحاكمة نزيهة فإن النتيجة التي لا يمكن منعها باصلاحات قضائية هي تغييب التكتل الاجتماعي وشعور الانتماء ليحل مكانها شعور بالاغتراب والعداء والاصلاحات المفروضة تهدد الاقتصاد الاسرائيلي أيضاً. إن تعيين أكثر من وزير على رأس وزارة واحدة يعيد اسرائيل الى فترة الميليشيات الصهيونية المتناحرة قبل 1948. إن التحريض على العنف والكراهية والاستعلاء الذي تظهره الحكومة تجاه مواطنيها وانعدام ثقة المواطنين بالحكومة يفتت ما تبقى من التضامن الاسرائيلي. نحن كمؤرخين يبحثون في تاريخ الشعب اليهودي ونتابع تواصل وجوده ومميزات الدولة وصورة المجتمع نرى صورة الوضع مثيرة جداً للقلق. منذ بداية وجودها لم تحدث في دولة اسرائيل أزمة عميقة بهذا الشكل ينطوي بداخلها خطر داهم على وجود الدولة".
2 – النائب في الكنيست عوفر كسيف دعا رداً على خطة الحكومة التي تستهدف القضاء الى "العصيان المدني". أنزل من المنصة بالقوة فقال: "الفاشية الاسرائيلية موجودة هنا بالفعل. لن ينتهي الأمر بإنزالي قسراً من منصة الكنيست وهو إجراء مخالف للقانون لن يهدأوا ولن يرتاحوا قبل أن يسكتوا كل صوت احتجاجي. هذا ما تبدو عليه الدكتاتورية. سنقوم بوقفها . عصيان مدني الآن قبل فوات الأوان".
رئيس دولة الاغتصاب والإرهاب يتسحاق هيرتزوغ طلب الى نتانياهو إجراء مشاورات مع المعارضة في محاولة لاستيعاب الأمور فأجابه: "هذا الموضوع عند وزير القضاء . لن نفاوض المعارضة".
3 – الحقوقي الاسرائيلي يهودا شاؤول عقد لقاءً صحافياً في باريس قال فيه: "اسرائيل تواجه ثورة مزدوجة. الأولى داخلية تحوّل اسرائيل الى ديموقراطية غير ليبرالية بشكل كامل. والثانية متعلقة بالحركة في المناطق الفلسطينية التي تهدف في نهاية المطاف الى أمر واحد هو: الضم". "فيما يخص الثورة الأولى نرى عشرات آلاف الاسرائيليين يتظاهرون. فيما يخص الثانية للأسف نحن صامتون... إن امتناع فرنسا عن التصويت في نهاية ديسمبر الماضي في الأمم المتحدة على قرار يطالب محكمة العدل الدولية بالنظر في مسألة الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير مقبول. صمت أوروبا حيال هذه السياسة يجب ألا يستمر".
ألا تستحق هذه المواقف التوقف عندها والتمعّن فيها وقراءة أبعادها؟؟ مؤرخون يعتبرون حكومة نتانياهو "خطراً وجودياً على اسرائيل ودولتها". يحذّرون من مخاطر سياسة نتانياهو على "مستقبل الأمة الاسرائيلية ويتحدثون عن الفاشية" ونواب يدعون الى "العصيان المدني"، وحقوقيون يطالبون بـ"كسر الصمت الأوروبي" ، ويكشف الهدف الحقيقي لنتانياهو ضم الضفة الغربية ، وهذا يعني " تأبيد " الاحتلال وإسقاط كل محاولات الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة، أي تهديد الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة والعالم كما نشير دائماً.
هذه المواقف لم تصدر لا من "حماس" ولا من "فتح" ولا من السلطة الفلسطينية ولا من "مقاومين" فلسطينيين وغير فلسطينيين. ما يهدد أمن ووجود اسرائيل هي عصابات حاكمة تعيد الأمور الى ما قبل الـ 48 ويسقطون كذبة: "اسرائيل الدولة الديموقراطية الوحيدة في المنطقة".
إذا كان اسرائيليون مؤرخون، ناقدون، حقوقيون، جنرالات في جيش الاحتلال يحذرون من الحقد والكراهية والعنصرية وسياسات تدمير كل أشكال التوصل الى حلول، على يد العصابة الحاكمة فماذا يقول "العرب الإبراهيميون" المطبّعون الجدد؟؟ هل يفكرون جدياً بمستقبل شعوبهم ودولهم وأمنها واستقرارها ومصير خيراتها وثرواتها قبل فوات الأوان؟؟ وعندما يسمع الفلسطينيون ما ذكرناه وهم يدفعون ثمنه، فماذا لديهم غير المقاومة؟؟ هؤلاء ليسوا إرهابيين بل يقاومون إرهاب المحتلين الفاشيين الجدد.
المصدر :جنوبيات |