![]() |
الخميس 16 شباط 2023 09:07 ص |
د. عصمت القوّاص.. مسيرة نضال وطني وقومي ونقابي مطلبي |
![]() |
* جنوبيات
يرحل الدكتور عصمت عباس القوّاص "أبو زاهي"، عن عُمرٍ يُناهز 74 عاماً، كانت مُنذ نعومة أظفاره حافلة بالمحطات النِضالية من أجل القضايا الطُلابية، التعليمية، النقابية، الاجتماعية والوطنية، امتداداً إلى القومية، وفي الطليعة قضية فلسطين. عند الحديث عن عصمت القوّاص، تتداخل الملفّات النِضالية على المُستويات كافّة، التي كان له في كُلٍ منها مواقف واضحة، بحزمٍ وصرامة، وجرأةٍ، قد لا تُعجب كُثرٍ، لكن كان يحظى باحترام الجميع، حتى مَنْ لا يتفق معه بالسياسة.
لا يحب الوسط، فلا وجود للون الرمادي في قاموسه، إما الأسود أو الأبيض، ما يجعل انحيازه واضحاً للقضايا المطلبية والوطنية. تولّى المسؤولية العسكرية لـ"جبهة المُقاومة الوطنية اللبنانية" في منطقة صيدا، التي نفّذت عمليات مع القوى الإسلامية، أوجعت المُحتل، واستطاع التواري مُتنكّراً كعاملٍ في بساتين صيدا، إلى أنْ تمكّن عملاء الاحتلال من مُباغتته ومُرافقه أثناء خلودهما إلى النوم، فجرى اعتقالهما في 26 كانون الأول/ديسمبر 1984.
نُقِلَ إلى مركز المُخابرات الإسرائيلية في تلة مار إلياس - حارة صيدا، وتعرّض هناك على مدى أكثر من شهر إلى تعذيب قاسٍ، أثَرَ على وضعه الصحي حتى رحيله.
بعد الاندحار الإسرائيلي عن جزءٍ من الجنوب، وإغلاق "مُعتقل أنصار" في 4 نيسان/إبريل 1985، نُقِلَ القوّاص إلى "مُعتقل عتليت" داخل الأراضي الفلسطينية المُحتلة، إلى أنْ جرت "عملية الجليل" في 21 أيار/مايو 1985 لتبادل أسرى لبنانيين وفلسطينيين وعرب، مُقابل إطلاق "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" - "القيادة العامة" جنوداً إسرائيليين كانت قد أسرتهم خلال الغزو الإسرائيلي. استمر في علاقته مع رئيس "التنظيم الشعبي الناصري" النائب مصطفى سعد حتى رحيله، وتوطّدت العلاقة مع أمين عام "التنظيم الشعبي الناصري" النائب الدكتور أسامة سعد، أكثر، فأصبحَ صديقه ورفيق دربه النضالي، مُستشاره الإعلامي، ومُشرفاً على مكتبه الإعلامي، وكان له دورٌ في تأسيس "موقع صيدا TV".
كذلك، أسهمَ في تأسيس "اللقاء الوطني الديمقراطي" في صيدا، الذي تولّى مهام أمين سرّه. مع تراجع دور قوى اليسار، أمام صعود الحركات الطائفية والمذهبية، حاولَ مع يساريين المُساهمة في تأسيس إطارٍ من أشخاصٍ غير حزبيين يدعمون المُقاومة، وإنْ كانوا لا يُؤيّدون انخراطها في السُلطة!
في المجال التربوي، مُنذ أنْ كان طالباً شاركَ في محطات النِضال الطُلابي كافة، خاصةً في تحرّكات الطلاب الثانويين لتعديل المناهج و"ثورة الطلاب" في أيار/مايو 1968 في لبنان. شارك في تأسيس "رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي"، وبذل جُهداً لتوحيد أواصر الروابط في إطار "رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي"، ومنها تجاوز لبنان إلى العالم العربي، وعلى المُستويين الفرنكفوني والدولي.
مُنذ عقود عدّة تعرّفتُ إلى الدكتور عصمت القوّاص، الذي لم تُغيّره لا السنين ولا المواقع ولا الظروف، فبقيَ كما هو، مُؤمناً بالمبادئ التي نشأ عليها، وناضل لأجلها، وقد أصبحت الشعارات التي كتبها تُردّد وتُرفع خلال ترك "ثورة 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019". تغمّدَ الله الراحل، الذي رَحَلَ بعد مرض عضال خاطف، بواسع رحمتهُ، وأسكنه فسيح جناتهُ، وألهمَ أهله ومُحبيه الصبر والسلوان. المصدر :جنوبيات |