يُروى أنّ لدى العرب عادة عندما يقيمون الأفراح، فهم يوزّعون قطعًا من اللحم عبر لفّها بالخبز وتقديمها للمدعوّين. بيد أنّه إذا وجد صاحب الفرح أنّ عدد الحضور يفوق عدد قطع اللحم لديه، أو يخشى ذلك، فإنّه يلجأ الى طريقة مفادها أنّه يقوم بلفّ الخبز ببعضه (بدون لحم) ويوزّعه على أقرب المقرّبين ممّن يرى (جازمًا) أنّهم سيسترون عليه ليوفّر اللحم لسائر المدعوّين.
وذات يوم، قام أحد "أصحاب الفرح" بتوزيع الخبز بدون لحم على عدد من أقربائه وأصدقائه من الذين يحسن الظنّ بهم. فبدأوا بأكلها وكأنّها تحتوي على اللحم بدون أن يُشعروا صاحب الفرح بأي إشارة غضب أو عتب، إلّا واحدًا فتح الخبز ونادى على صاحب الفرح قائلًا: "يا أبا (فلان) إنّ الخبز بدون لحم". فردّ عليه صاحب الفرح: "حقّك عليّ، ظننتك من أهلي".
وعليه، وفي عزّ ما نشهده بزمن القهر والخذلان، كم ننخدع بأشخاص كنّا نظنّ أنّهم منّا وفينا، وسيحفظون سرّنا وغيبتنا ويحمون ظهورنا، ويخلصون لنا في سرّهم وعلانيتهم.
وفي ضوء ما يعيشه غالبيّة الناس من الفقر والحرمان، وتجنّي ساسة الفساد على ثقل الميزان، نقول للأكثريّة المقهورة والمنحورة من سياسات النكد والتملّق، وفوقيّة التسلّط:
"تأكّدوا جيّدًا على من توزّعون الخبز، وتخيّروا الأمين من المخادع. ولا تعطوا ثقتكم إلّا لمن يستحقّها. ولا تدلوا بدلوكم إلى من يغدر بكم، ولا تأمنوا إلّا الأصيل وذا الأنفة والكرامة كي لا نقع تحت المقولة الشائعة: "فكم خدعتنا الظواهر عن البواطن".