السبت 18 شباط 2023 12:40 م |
تحرير الأسرى – أولوية وطنية فلسطينية |
* جنوبيات لست متأكدة إن كان أيّ من القضايا التي رفعت للمحاكم الدولية ( محكمة الجنايات الدولية) من قبل الجهة المختصة في السلطة الوطنية الفلسطينية تتعلق بأوضاع الأسرى في معتقلات الاحتلال، وما يعانونه بشكل يومي من قمع واقتحامات وعقوبات وتعذيب وعزل وظروف معيشية صعبة على كافة المستويات. لقد صرّح اللواء قدري أبو بكر - رئيس هيئة شؤون الأسرى والمعتقلين- مؤخراً، بأنّ هناك تحركات للسلطة من أجل تدويل قضية الأسرى، وخصّ بالذكر المحكومين إدارياً والمرضى والأطفال منهم، ومع إحترامي وتقديري لجميع الجهود المبذولة، إلّا أنني أعتقد أنّ قضية الأسرى يجب أن تطرح على عدة مستويات، وليس فقط تدويل قضية الإفراج عن فئة معينة منهم.
المستوى الأول الذي يجب طرحه هو كل ما يتعلق بالظروف المعيشية للأسرى بشكل عام، بغض النظر عن فئاتهم، كالمأكل والمشرب والتدفئة والملابس وغلاء ما يباع في الكانتين والنظافة وتلقيهم العلاج المناسب واللائق، وكل التفاصيل المتعلقة بمعيشتهم داخل المعتقل.
المستوى الثالث هو التحدث عن فئات محددّة وحالات خاصة، مثل الأطفال والمرضى وكبار السن والاعتقال الإداري. لا بد لنا من عمل عصف ذهني يشمل جميع الجهات المعنية، سواء تلك التي تتعلق بشؤون الأسرى، ووزارة الخارجية، والمجلس الوطني الفلسطيني، وحتى التنظيمات، لا بد من خلق أفكار خارج الصندوق للعمل على إطلاق سراح الأسرى، وذلك بالقيام بجهود مكثّفة على جميع المستويات ومن قبل جميع الجهات، للضغط على المجتمع الدولي بجميع مستوياته، وبذات الوقت، فمؤسسات الأسرى تعمل على المنظمات الحقوقية، والخارجية تعمل على مستوى الدول، والمجلس الوطني يعمل على مستوى برلمانات العالم، بحيث يكون هناك تحرك يطالب بالضغط على إسرائيل سياسياً واقتصادياً وقانونياً وحقوقياً وعلى جميع المستويات من أجل تبييض السجون. أعتقد أنه إذا كان هناك مثل هذا التحرك، ستصبح الضغوطات على إسرائيل أكبر من أن تحتمل، سواء من قبل الدول العربية، خاصة تلك المطبعة معها، ومن قبل الدول الإسلامية ومن قبل الدول الأوروبية الغربية منها والشرقية ومن قبل الدول الآسيوية، وأن تشمل تلك الضغوط التهديد بتعليق الاتفاقيات المبرمة وسحب السفراء والمقاطعة الاقتصادية والأكاديمية والثقافية وغيرها، عندها فقط ستشعر دولة الكيان بالخطر الذي يهدّد عزلها عن العالم، والآثار التي يمكن أن تنجم من ذلك على جميع المستويات. كما أنّنا نسمع منذ عدة سنوات عن صفقة محتملة لتبادل بعض الأسرى بين حماس وبين إسرائيل، وأنّ من يعيق تنفيذ هذه الصفقة هو الجانب الإسرائيلي، وكما نعلم بأنّ حماس لديها أوراق في هذا المجال، فهي تحتجز عدد من الإسرائيليين، الذين من المفروض أن تطلق سراحهم عند إنجاز الصفقة، أقترح على السلطة الفلسطينية أن تضع يدها بيد حماس في هذا المجال، وأن يكون هذا الملف جهداً مشتركاً بين جميع الأطراف والتنظيمات الفلسطينية، لتأخذ الأمور حيزاً أكبرمن مجرد صفقة تبادل لعدد محدود، وتتحول إلى صفقة تبييض المعتقلات، يجب أن تضع كل الأطراف الفلسطينية أوراقها الرابحة للضغط على إسرائيل لإتمام هكذا صفقة، بالإضافة إلى الجهود العربية والدولية التي ذكرت أعلاه في هذا المجال. لو تم التركيز على موضوع الأسرى، ووضع هدف تبييض المعتقلات أمام الجميع، ووضع استراتيجية وخطة عمل لذلك، بحيث يتم توزيع الأدوار، والعمل كخلية نحل، لخلق رأي عام عالمي شعبي ورسمي باتجاه ضرورة تحرير جميع الأسرى من المعتقلات الإسرائيلية، لنرى الموضوع يطرح بصورة مكثفة على الصعيدين الرسمي والشعبين بحيث يتم ربط أي قضية مع إسرائيل بموضوع تحرير الأسرى، عندها فقط، يمكن لنا أن نحقق الهدف، وألّا يبقى ضمن الأمنيات والشعارات والتحرك المجتزأ المحدود. أعرف أن الأمر ليس بالسهولة التي يبدو عليها، ولكني أؤمن بأنه لا يوجد شيئاً مستحيلاً، وإذا وجدت الإرادة القوية، ووذع الهدف كأولوية، وعززت افرادة بالعمل المكثف الجدّي لتحقيق الهدف، فإننا يمكن لنا تحقيقه.
لا يجوز أن يبقى أسرانا في المعتقلات حتى تذبل زهرة شبابهم، ويأكل المرض من أجسادهم، لا بد لنا من التحرك الفعلي والجدّي، عار علينا إن لم نفعل ذلك، عار علينا إن لم ننجح في إخراجهم من المعتقلات، عار علينا أن يزداد عدد الشهداء الأسرى عاماً بعد آخر، عار علينا أن نكتفي بالشعارات الرنانة دون فعل...
المصدر :جنوبيات |