بعد فوز العماد ميشال عون برئاسة الجمهورية اللبنانية، سارع بتكليف سعد الحريري لتشكيل الحكومية، إلا أنها لم تخرج إلى النور حتى هذه اللحظة، وهناك تساؤلات، لماذا لمج الحكومة إلى النور؟ وما هي العوائق التي تقف أمام الحريري وتمنع تشكيلها؟
للإجابة على هذه التساؤلات، أكد سكرتير عام التحرير في صحيفة "اللـواء" اللبنانية الاعلامي هيثم زعيتر، أن الرئيس وبعد انتخابه ووفقاً للاستشارات الملزمة مع الكتل النيابية، كانت الأغلبية بترشيح الرئيس سعد الحريري بتشكيل حكومة العهد الأولى أو الحكومة التي لها سقف زمني محدد وهي إلى أيار/مايو المقبل - أي موعد إجراء الانتخابات النيابية للمجلس النيابي المدد لنفسه منذ عام 2013، بعدما انتخب في عام 2009، مشيراً إلى أنه لا يمكن لرئيس الجمهورية إلا أن يسمي الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة.
وأوضح أن أسباب التأخير في تشكيل الحكومة، تتمثل أن هناك تجاذبات سياسية وانقساماً سياسياً، والذي تجلى بتأخير انتخاب رئيس الجمهورية و الذي استمر 30 شهراً إلى أن تم التوافق عليه و بخطوة جريئة من الرئيس سعد الحريري بإعلان ترشيح ودعم وتأييد العماد ميشال عون بانتخابه رئيساً للجمهورية وأنقذ البلاد من استمرار الفراغ الرئاسي.
وأشار زعيتر، إلى أنه في الأيام الطبيعية في لبنان، تطول فترة تشكيل الحكومة لمدة طويلة حتى لو كان هناك توافق سياسي، نظراً إلى محاولة السياسيين نيل الحصة الأكبر التي يرون أنها توازي حجمهم التمثيلي، خاصة أن هذه الحكومة ستكون مهمتها الإشراف على الانتخابات النيابية إذا ما جرت في ربيع العام المقبل.
وبين زعيتر أن الأسباب التي تحول أو تؤخر إعلان تشكيل الحكومة الأولى، تمثلت في أن هناك أكثر من وجهة نظر بأن تكون الحكومة مكونة من 24 أو 30 وزيراً وفق المقتضيات، مع أن الرئيس الحريري يفضل أن تكون 24 وزيراً، من جهة أن الوزراء يقومون بالمهام الموكلة لهم، وليس بالضرورة أن يكون هناك عدد كبير من الوزراء في الدولة كما جرت العادة في لبنان.
وفي السياق، قال زعيتر: "توزيع الحقائب على الكتل السياسية الرئيسية في المجلس النيابي تقتضي أحياناً أن تكون 30 حتى تشمل أكبر شريحة من التمثيل".
وأضاف: "المفارقة في هذه الحكومة أن بعض القوى السياسية تطالب بأكثر من حجمها من حقائب سيادية وخدماتية، حيث إن هناك اتفاقات مسبقة خاصة ما كان قد جرى بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، والتي أدت إلى إعلان ورقة تفاهم في كانون الثاني/ يناير 2016، وهذا أدى إلى توافق مسيحي بين أكبر كتلتين التيار الوطني والقوات اللبنانية".
وحول معايير اختيار وزراء الحكومة، أوضح سكرتير عام التحرير، أن معايير اختيار الحكومة في لبنان تختلف عن أي معايير أخرى في العالم، لافتاً إلى أنه في لبنان قد يكون طرف سياسي امتنع عن ترشيح الحريري لرئاسة الحكومة وهذا ما جرى مع حزب الله، مشيراً إلى أن الحريري يسعى لأن يكون هناك تمثيل للحزب ضمن الكتلة الشيعية مع كتلة أمل، انطلاقاً من مبدأ أساسي في لبنان بأن التوازن الطائفي والمصداقية الطائفية هي التي تعطي صبغة للحكومة وليس المصداقية العرضية من الأصوات التي تحوز عليها عند التصويت.
وبين أن الحكومة تحتاج إلى 65 صوتاً نيابياً من أصل 128 نائباً، منوها إلى أن هناك مركزين شاغرين، أحدهما بفعل انتخاب الرئيس عون رئيساً للجمهورية الذي كان يشغله كنائب، والثاني استقالة النائب الأرثوذوكسي في طرابلس روبير فاضل عن المقعد احتجاجاً على بعض القضايا التي وجد أنه لا يمكن الاستمرار بها.
وفسر أن التصويت داخل المجلس النيابي متاح لتنال الحكومة الثقة متى كان أكبر كتلتين وهما كتلة الرئيس عون وكتلة الحريري واللتان تستحوذان على أكثر من 60 نائباً، ومع التحالفات تستطيع أن تجتاز العقبة الأساسية.
وأوضح زعيتر أن ما يسعى إليه الرئيس الحريري هو ترسيخ مبدأ المشاركة من جميع القوى السياسية، لافتاً إلى أنه مازال هناك بعض العقد يبدو أنها في إطار الصراع المسيحي- المسيحي أي بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية من جهة وتيار المردة الذي يترأسه النائب سليمان فرنجية والذي كان مرشحاً رئيسياً لرئاسة الجمهورية قبل انسحابه، مشيراً إلى أن هذا يعني أن هناك ملاحظات أو عدم تمكين تيار المردة من أخذ حقائب انطلاقاً من أنه لا ثقل عددياً له في مجلس النواب، والذي يضم 4 نواب، وبالتالي لن ينال أي حقيبة من حقائب الخدمات، علماً أن الرئيس بري طالب بأن يكون هناك حقيبة لتيار المردة حتى يتم تأمين توازن بمشاركة شيعية وسنية ودرزية ومشاركة مسيحية من حلفاء الرئيس بري الذين دعموه ودعمهم في ترشيح النائب فرنجية لرئاسة الجمهورية.
ولفت زعيتر إلى أن الحكومة اللبنانية المقبلة هي الحكومة الأولى في عهد الرئيس ميشال عون، مشيراً إلى أن الرئيس عون والحريري يسعيان لأن تكون الحكومة بدفع قوي كما جرى انتخابات الرئاسة وتسمية الحريري لرئاستها، كما أنهما يسعيان لان تكون ممثلة لجميع القوى، لافتاً إلى أن هناك طرحاً برز مؤخراً أن الذين يؤيدون الحكومة لا يجب أن ينتظروا 20% وهم من عارضوا ترشيح الرئيس عون لرئاسة الجمهورية وأسقطوا الأوراق البيضاء والملغاة.
وفي السياق قال: "هناك أكثر من مركز شاغر في المدراء العامين والمحافظين تحتاج لتعيين بديل عنهم لإعطاء دافع قوي للحكومة".
وأضاف: "تيار المستقبل سيحتفظ بمقعده في وزارة الداخلية الذي يشغله حالياً نهاد المشنوق ممثل الطائفة السنية، فيما يصر الرئيس بري على التمسك بوزارة المالية ممثل حركة أمل عن الطائفة الشيعية، أما وزير الخارجية سيكون جبران باسيل وهو رئيس التيار الوطني الحر، ويبقى المقعد الأرثوذوكسي للحقيبة السيادية الرابعة وهي وزارة الدفاع، فسيتم تعيين إلياس أبو صعب وهو مقرب من الرئيس عون، علماً بأن القوات اللبنانية تطالب بهذه الحقيبة.
عبد الساتر
بدوره، أوضح المحلل السياسي اللبناني فيصل عبد الساتر، أن عوائق تشكيل الحكومة اللبنانية برزت في موقفين اثنين، لافتاً إلى أنهما تبلورا إلى الرأي العام.
وأشار إلى أن الموقف الأول يتمثل في تمسك القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع حول نوعية الحقائب التي يمكن أن تسند إليها، واشتراطهم بأن تكون وزارات أساسية كوزارة الأشغال من نصيب القوات اللبنانية، مبيناً أنهم يزعمون بأن هناك تفاهم بينهم وبين التيار الوطني الحر الذي كان يرأسه الجنرال ميشال عون قبل وصوله إلى الرئاسة، معتبراً أن هذا الأمر أثار استفزاز الكثير من الأطراف السياسية على رأسهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي رفض أن يخضع لأي شكل من أشكال الابتزاز و تفاهمات ثنائية من هذا النوع وهذا ما يخالف قواعد تشكيل الحكومة.
وبين عبد الساتر أن الموقف الثاني يتمثل في تمسك حركة أمل و الرئيس نبيه بري وحزب الله بأن يكن الوزير سليمان فرنجية وتيار المردة متمثلاً في الحكومة بوزارة أساسية وليست هامشية، مشيراً إلى أن هذا الأمر ترفضه القوات اللبنانية بشكل قاطع لأن سمير جعجع يريد أن يبني حسابات على أساس المستقبل، وأن سليمان فرنجية أحد أهم الأقوياء بعد انتهاء ولاية عون، وبالتالي يقطع الطريق أمام عدو تاريخي له.
ولفت إلى أن شد الحبل قائم بين هذين المطبين، مما يعكس حالة من عدم الارتياح لمسار تشكيل الحكومة على قاعدة أن هذا الأمر يضرب التوازن.
وفي السياق أوضح أن زمام المبادرة يجب أن يمسك به العماد ميشال عون لأنه هو الوحيد القادر على أن يجمع الأطراف وأن يبادر بإرسال مندوب خاص إلى سليمان فرنجية يكون هناك صفحة جديدة بينهما، معتبراً أنه بذلك يمكن تجاوز العائق والمطب الأساسي في تشكيل الحكومة.
وأكد المحلل السياسي، أن أغلب الوزراء الموجودين الآن في الحكومة سيتمثلون في الحكومة الجديدة أو الأغلبية منهم، لافتاً إلى أن الوجوه الجديدة تعود إلى القوات اللبنانية وإلى تيار المستقبل.
وفي السياق قال: "نحن الآن نسير في وقت قاتل في لبنان، فإذا لم تتشكل الحكومة خلال أسبوعين أو اقل من ذلك فسنكون أمام مشكلة أكبر وهي انتهاء المهلة القانونية والدستورية لدعوة الهيئة الناخبة إلى إجراء انتخابات نيابية جديدة في لبنان".