وفاءً لنهج المناضل الشهيد معروف سعد، وإحياءً لذكرى استشهاده الـ 48، لبى الآلاف من أبناء مدينة صيدا وسائر المناطق اللبنانية دعوة لجنة تكريم الشهيد بالمشاركة في مسيرة الوفاء للشهيد معروف سعد.
المسيرة انطلقت من أمام النصب التذكاري للشهيد عند محلة البوابة الفوقا في صيدا، مروراً بشارع رياض الصلح وساحة النجمة حيث المكان الذي أصيب فيه برصاصات الغدر في 26 شباط من العام 1975، وأكملت مسارها لتنتهي في شارع الأوقاف في السوق التجاري حيث ألقى الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد كلمة للمناسبة.
تقدم المسيرة حملة الرايات والأعلام اللبنانية وأعلام التنظيم الشعبي الناصري، وصور الشهيد معروف سعد، ويافطات تشيد بنضالات الشهيد وتستذكر بطولاته على الصعد كافة.
كما وضعت على النصب التذكاري للشهيد أكاليل الزهر باسم عدد من الوفود عربون وفاء لنضالاته.
المسيرة شارك فيها الآلاف من أبناء مدينة صيدا والجنوب، ومن أبناء المخيمات الفلسطينية، ومن مختلف المناطق اللبنانية.
وإلى جانب أمين عام التنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد، تقدم المسيرة حشد كبير من الشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية والوفود، وهي:
حزب الاتحاد الاشتراكي برئاسة النائب حسن مراد، الحزب الشيوعي اللبناني برئاسة الأمين العام حنا غريب، الاتحاد الوطني لنقابات العمال في لبنان برئاسة كاسترو عبد الله، منظمة العمل اليساري العلماني برئاسة رئيس المكتب السياسي زكي طه، حزب الله برئاسة زيد ضاهر، أفواج المقاومة الوطنية – حركة أمل برئاسة بسام كجك، الحزب الديمقراطي الشعبي برئاسة الأمين العام محمد حشيشو، الحاج حسن الشماس ممثلاً الجماعة الاسلامية، علي الشريف رئيس جمعية تجار صيدا، رئيس جمعية التنمية للإنسان والبيئة (DPNA) فضل الله حسونة، رئيس تجمع المؤسسات الأهلية يف صيدا ماجد حمتو، فضيلة الشيخ الدكتور محمد موعد ممثل مجلس علماء فلسطين، فضيلة الشيخ حسام العيلاني، ووفد ممثل لرئيس تجمع علماء المقاومة الشيخ ماهر حمود.
كما حضرت المسيرة وفود من:
جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية، حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي، قوات الفجر، رابطة المهندسين في صيدا، رابطة المحامين في صيدا، نقابة الصيادلة، نقابة أطباء الأسنان في لبنان.
كما سار في المسيرة:
وفد من حركة فتح برئاسة أمين سر منظمة التحرير في لبنان فتحي أبو العردات، وفد من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين برئاسة الرفيق علي فيصل، وفد من جبهة التحرير الفلسطينية برئاسة عضو اللجنة المركزية يوسف اليوسف، قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء أبو عرب، وفد جبهة التحرير العربية، وفد جبهة النضال الشعبي الفلسطيني – التحالف، وفد حزب الشعب الفلسطيني، وفد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفد الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني – فدى، وفد أنصار الله، وفد من القوى الإسلامية في مخيم عين الحلوة، التحالف الاجتماعي – شحيم، وفد المتقاعدين العسكريين الفلسطينيين في لبنان، حركة الجهاد الإسلامي، جبهة النضال الشعبي الفلسطيني، اتحاد نقابات عمال فلسطين – الاتحاد العمالي العام، المكتب الحركي للشباب والرياضة الفلسطينية – منطقة صيدا.
فضلاً عن وفود من غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب، نقابة صيادي الأسماك في صيدا، رابطة مخاتير صيدا، ووفود من رؤساء بلديات ومخاتير صيدا وشرقها والجنوب، وقيادات الأحزاب الوطنية من عدة مناطق في لبنان، إضافة إلى وفود من جمعيات أهلية في صيدا والجوار، ووفود شبابية، وشخصيات اجتماعية ودينية ونقابية واقتصادية ونسائية وتربوية، ووفد من الأحياء الشعبية المختلفة في صيدا وكافة المناطق، ومن فروع وقطاعات التنظيم الشعبي الناصري.
تقدم المسيرة فوج الانقاذ الشعبي في مؤسسة الشهيد معروف سعد، والدفاع المدني في الكشاف العربي، وعدد من الفرق الكشفية وهي: الكشاف العربي، الكشاف المسلم، كشاف الغد، كشافة الجراح، كشافة المشاريع، وجمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينية.
وكان للأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد كلمة في نهاية مسيرة الوفاء للمناضل الشهيد معروف سعد في الذكرى 48 لاستشهاده، استذكر فيها نضالات الشهيد، ووجه التحية لروحه الطاهرة.
وأكد سعد المضي على نهج الشهيد العروبي الوطني والشعبي، والحفاظ على حقوق الناس وكرامة الوطن. كما وأكد أن شعب لبنان سيبقى في دوامة الازمات والحرمان والمخاطر طالما بقيت القوى الطائفية متحكمة ومسيطرة، داعياً القوى والنخب الوطنية والتقدمية إلى لملمة شتاتها لخوض معركة التغيير واستعادة حقوق الشعب وإسقاط احتكار القوى الطائفية للسلطة.
ومما جاء في كلمته:
هي صيدا التي أحببت تُكرّم ذكراك اليوم ...
تلتقي مع جوارها وكل الأحبة من أرجاء الوطن لتؤكد على قيم الحق والعدل والوحدة والكرامة والتضحية ...
هو دمك الذكي المسفوك غيلةً وظلماً قد انغرز في شرايين أحرار الوطن لينبض عزةً وكرامة ونضال ...
هي روحك الطاهرة الثائرة تحلّق في فضاءات وطنٍ استباحه الأشرار لتفيض على أحراره غضباً وثورة ...
غدروا بك يا معروف كما غدروا بشعب لبنان ...
فجروا الحرب الأهلية وكانت الأثمان فادحة ...
على فداحة الأثمان لم تُكشف الجريمة ...
كأن الجرائم الكبرى عصيّة ٌ على العدالة ...
أهو تورّط السلطات في الجرائم ؟؟
هل من أقدار اللبنانيين التعايش مع سلطات مجرمة ؟؟
معروف باقٍ فينا ويأبى الرحيل ...
باقٍ مع كلّ غضب ومع كل ثورة ...
يسأل عن أسر تجهد لانتزاع لقمةٍ مشتهاه جعلها الطغاة مستحيلة ...
يسأل عن تلاميذ وطلاب وقد دمر ظلاميو السلطة وجهلتها مدارسهم وجامعاتهم ...
يواسي كل مريض وقد قهرته القلة قبل أن يقهره المرض ...
يُدمي قلبه أطفال وقد سرق لصوص السلطة حليبهم وغذاءهم وألعابهم ...
معروف يسأل عن الشباب وقد حاصرتهم البطالة ونال منهم العوز وتملكهم اليأس ...
الشباب يا معروف لم يكفروا بوطنهم إنما هاجروا وفي صدورهم غضب وثورة قد يعودوا بهما يوما" ليطيحوا بأرذل من حكم بلادهم ...
على غير ما تريد ونريد يا معروف، الطائفيون المذهبيون بلا اي أهلية وطنية أو أخلاقية يحكمون البلد ...
نشروا الفساد ودمروا هياكل الدولة ...
الانهيارات تتوالى فوق رؤوس اللبنانيين والمخاطر تتهددهم من كل نوع ومن كل صوب...
الناس الذين أحببت يا معروف تُهان كرامتهم صبح مساء ...
وأكثر يا معروف...
فمع المآسي الانسانية انحرافات وطنية ...
دعوات لتقسيم طائفي ولفدرلة ...
تهديدات للسلم الأهلي وللوحدة الوطنية ...
تبعيات لشتى الدول والتسول منها...
قالوا ان الغاز والنفط هما الحل ...
فكان ترسيم البحر اعترافا" مجحفا" على مياه ناقصة وأراضٍ لا زالت محتلة...
وكان تقاسم الغاز والنفط سلاما" اقتصاديا" مع العدو...
وقال سعد:
هي أيامنا الصعبة والآتي منها هو الأصعب ...
الظروف شديدة القسوة والتكيّف معها والقبول بها إنهزام وإستسلام...
هي حقوق الناس وكرامة الوطن وقد بلغت المهانة فيهما ما لا يتحمله وطن ولا يتحمله بشر ...
إذن لا انهزام ولا استسلام، إنما مواجهة ...
إن في لبنان قدرٌ من الظلم والفساد والقهر والتفريط بكرامة الوطن ما يكفي لتفجير ثورات متلاحقة...
علينا أن ندرك أن شعب لبنان سيبقى في دوامة الازمات والحرمان والمخاطر طالما بقيت القوى الطائفية متحكمة ومسيطرة ...
إن القوى والنخب الوطنية والتقدمية مطالبة بلملمة شتاتها لخوض معركة التغيير واستعادة حقوق الشعب وإسقاط احتكار القوى الطائفية للسلطة، وهي قادرة على ذلك ...
لكن بعض هذه القوى والنُخب تهمش ذاتها وتضع نفسها وتتحرك في ظلال القوى الطائفية والمذهبية وهي بذلك تفقد شخصيتها وأدوارها وتسيء في الوقت ذاته للنضال الوطني برمّته...
ان إقامة الجبهة السياسية الشعبية الوطنية باتت مهمة وطنية ملحة وضرورية وعاجلة...
لقد آن الأوان أن تدخل القوى الوطنية والشعبية المنظمة في حسابات السياسة ومعادلات القوة أو أن تترك البلد ومقدراته للقوى الطائفية وصراعاتها وتسوياتها وملاذاتها الخارجية لتدمر ما تبقى من هياكل الدولة وتسطو على ما تبقّى من مقدراتها...
"الشعب مخدّر"، عبارة محبطة يرددها البعض تهرباً من المسؤولية وكأن هذا البعض من شعبٍ آخر...
ذلك إعلان عجز وذلك تخلي عن شعب مقهور...
الواجب أن نبدد اليأس والاحباط لا أن نزرعهما ...
الواجب أن نطلق العنان لأحلامنا وأفكارنا ونضالنا وأن نحيي الآمال بقدرات هذا الشعب الذاتية والمخلصة على انتزاع حقوقه واستعادة كرامته...
وأضاف سعد:
الشعب اللبناني ليس وحيدا" في المأساة العربية ...
الشعوب العربية أنينها بلغ مداه، مَن لم تصيبها الحروب الأهلية أصابها الفساد والقهر والعوز والظلم والاستبداد والتهجير...
ملايين الأُسر مشردة عن بيوتها وبلدانها، تعيش المهانة والبؤس والذل...
ملايين الأطفال بلا غذاء، بلا تعليم، يفتك بهم المرض ويسرق طفولتهم التشرد...
المشهد العربي مفكك، بائس، متهالك استباحَ مجتمعاتِه وإراداتِه ومقدراتِه الحكام وأقوياء الاقليم والأقوياء الدوليين...
شعبُ لبنان لن يكون وحيدا" عندما تنهض شعوب أمّتِه العربية لتستعيد وحدتَها وكرامتَها وارادتَها فوق أرضها...
وختم سعد بالقول:
شعب فلسطين شعب الملاحم والبطولات والمقاومة والشهادة والعطاء والارادة العصية على الانكسار ...
يخوض معركة وجود ضد كيان عنصري استيطاني عدواني ...
خانه الحكام العرب وهو الذي لم يَخُنْ أمّتَه يوماً...
يحاصرُه ويقتُله التطبيع الرسمي العربي مع العدو بقدْرِ ما يحاصرُه ويقتُله هذا العدو...
يا شعبَ فلسطين الأبي...
إن خانك الحكام فإن الشعوب التي خانَها حكامُها أيضاً لن تخونَك ولن تخذلَك أبداً...
سلامٌ لكم جميعاً...
لمعروفٍ سلام، سلامٌ لروحه الطاهرة وسلام لذكراه العطرة...
كما كان لعريف الاحتفال طلال أرقه دان كلمة، قال فيها:
اتيناك يا معروف من كل حدب وصوب...اتيناك لنجدد لك العهد والقسم....أننا سنبقى الامناء على تراثك النضالي الكبير...على دورك في ترسيخ مفاهيم الانتماء للوطن والأمة...الانتماء إلى فلسطين هوية وقضية وشعبا وتضحيات....اتيناك حاملين راية الكفاح من بعدك من أجل لقمة خبز الفقراء...من أجل حقهم في الحياة والحرية والعدالة....حقهم بالعمل والسكن والاستشفاء والتعليم....حقهم في الحياة الكريمة.....اتيناك ونحن نعيش في وطن تسلط عليه لصوص الهيكل فأكلوا خيراته ورموه رميما.... عاثوا فيه فسادا فأماتوه واوهنوه ...بنوا ثرواتهم على جثث الفقراء وعذاباتهم...بنوا قصورهم فوق جماجم الكادحين...رشوا الملح في جراحاتهم.... سدوا في وجوههم ٱفاق المستقبل...سحقوا احلام اجيال تحت اثقال انانياتهم وشهواتهم وشرهم المفجوع.... اليوم يا معروف نستعيدك تراثا نضاليا كبيرا...نستعيد مسيرتك مستلهمين منها الدروس والعبر من أجل أن نواصل درب الكفاح على طريق التحرر والعدالة والديمقراطية.
عندما يكفهر وجه الوطن وتتلبد في سمائه الغيوم السود، نعود إلى دفاتر الماضي نستعرض فيها سير العظماء والأبطال، وفي مقدمة هؤلاء القائد الشهيد معروف سعد.
نستذكر معروف مناضلاً وطنياً ضد الاستعمار، وفدائياً فلسطينياً فوق أرض فلسطين، وثائراً قومياً ضد الرجعية والتخلف على طريق الناصرية المتوقدة .. كما نستذكره مناضلاً اجتماعياً ضد كل أشكال الهيمنة والتسلط على قوت الناس وحقوقهم الاجتماعية المشروعة وفي مقدمتها حقهم في الحياة الحرة الكريمة، وحقهم في السكن والعمل، وفي التعبير عن آرائهم بحرية دون أي معوقات.
معروف سعد عاش حياته بطلاً .. لم يهب الاستعمار الفرنسي، فهاجم مراكزها في صيدا ودورياته في الجنوب .. اعتقل في راشيا قبل رجالات الاستقلال ، وعندما أفرج عنهم لإكمال صيغة بناء تسوية الاستقلال المصطنع بالتنسيق مع سلطات الانتداب، أبقي على معروف سعد حبيس المعتقل أشهراً عديدة، لا لشيء إلا لأنه رفض أن يكون جزءاً من تسويات مع الاستعمار على حساب التحرر الوطني.
نستذكر معروف سعد قائداً شعبياً .. قدت نضالات شعبك في مواجهة سياسات النهب والتجويع والأفكار من قبل سلطة باعت بحر الوطن للشركات الاحتكارية المارقة .. ناضلت تجاه قضايا الصيادين والفقراء والكادحين، وسقطت شهيداً على طريق فلسطين مضرجاً بدمك الناصع كي يبقى المواطن عزيزاً كريماً في أرضه وبحره، مستفيداً من ثروات الوطن وخبراته دون أي منة أو انتقاص.
معروف سعد ، وفي ذكرى استشهاده الثامنة والأربعين ، نعود إلى نهجك وفكرك ومبادئك، نستلهم منها العبر والدروس ومعاني البطولة والتضحيات، وعنوان نضالنا الكفاح في وجه الطغمة الحاكمة الممسكة بخناق الوطن ممعنة فيه نهبا وفساد وتخلفا، غير عابئين باي مصاعب أو معوقات مهما غلت التضحيات، واقفين إلى جانب حامل الأمانتين ، أمانة معروف وأمانة مصطفى ، الاخ الدكتور اسامه سعد ، هي طريقك ذاتها نسير عليها لتحقيق حلمك في قيام وطن العدالة والقانون والحق، دولة المواطنة العادلة المتساوية، دولة الكفاءة والجدارة والاستحقاق وان غدا لناظره قريب.
وبعد انتهاء المسيرة توجه المشاركون يتقدمهم الدكتور أسامة سعد إلى جبانة صيدا القديمة حيث زاروا ضريح المناضل معروف سعد وقرأوا الفاتحة إجلالاً لروحه.