شًغف الفنان التشكيلي " أحمد الجليلي"  بمنطقة الأهوار التي تقع جنوب العراق في منطقة الناصرية وميسان وبعض المحافظات القريبة،  وهذه المنطقة قد دخلت بسنوات قليلة ماضية الى لائحة التراث العالمي اليونيسكو. فهذه المناطق المهمة جدا في تاريخ العراق والتي قامت عليها أولى الحضارات الرافيدينية وهي الحضارة السومرية والتي ارتبطت بشكل وثيق بالمخلوقات التي عاشت في تلك الأرض من الجاموس والمسطحات المائية والأسماك تعمد الجليلي اظهارها كوسيلة لسحب المتلقي للماضي فقد تعمد أن يضيف ايقونة ثور بابل الذهبي في عدة عينات من لوحاته مع الجاموس والسمك الطيني الموجود في اعمال الاشوريين . وهذا ملموس في الكثير من الأثار في هذه المناطق التي تعرضت لحملات تجفيف واهمال البيئة الذي أدى الى نفوق كم هائل من الأسماك والجاموس وغيرها وهجرة لسكان هذه المناطق الغنية في تاريخها والتي تشكلت في رسومات احمد الجليلي بأسلوب تكويني لهذه الرموز فأطروحته كانت تحتوي بشكلها العام ما يتقارب مع مشروع لوحاته المشابه الى حد قريب بيت القصب المستخدم للسكن في تلك المناطق ، كما احتوت على اللوحة في الضلع الأول من الخيمة هجرة عكس التيار في لوحة الرجل يركب الزورق ومعه رفته هيكل عظمي للجاموس يجري عكس تيار تقدم الحضارة وهي من رؤية اثار الحضارة الرافيدينية . كما أن هناك مشهدا جماليا مثاليا في ثراء المنطقة للمنطقة التاريخية ضمه للوحاته الحالمة ميتافيزيقيا بالتراث وهو عندما تركب المرأة سمكة والرجل زورقا وعلاقة شكل الزورق والسمك تشكيليا. فالسمك هو في الدلالات التاريخية السومرية  يعتبر رمزا للخصوبة ورمزا لتجدد الحياة . وتزاوج السمك مع البشر حتى اصبحوا كائنا واحدا كما هو في شروباك وانكي وغيرها الكثير من المعاني الأسطورية هو الفنان التشكيلي"أحمد محمد جلال الدين الجليلي"  من مدينة الموصل محافظة نينوى دبلوم فنون تشكيلية بتقدير امتياز بكالوريوس فنون تشكيلية عضو جمعية التشكيليين العراقيين حائز على المركز الأول في مسابقة نجيب يونس جمعية التشكيليين فرع نينوى 2020 كما شارك في الكثير من المعارض التشكيلية التي اقيمت في العراق وخارجه ومعه أجرينا هذا الحوار

من مجموعة متحف فرحات

- هل تتبع النظرية التقليدية في الفن العراقي ؟ أم هو اختزال لمرحلة فنية جمالية ذات بعد تراثي تتمسك به ؟

أنا لا أتبع النظرية التقليدية لكن أعمل على فكرة معينة واستثمر من مادة الفن الخام (التراثية) تعظيما للفكرة وبيئة العمل مع الإختزال في بعض مسطحات العمل دعما للعناصر الأساسية والربط مع الفكرة الأساسية المبتغاة، التي أعمل عليها ولدي عدد من العينات التي عملت بها في مشروعي الجديد ضمن هذه اللوحات والخاصة بمشروع الخيمة .

من مجموعة متحف فرحات

ما الذي يصقل التصور الفني الجمالي لتاريخ المرأة العراقية تحديداً ؟

البيئة تصقل التصور الجمالي للمرأة فالبيئة تضيف جمالها الخاص على المرأة شكليا حسب السحنة والملامح والكتلة الجسمانية. المرأة التي تعيش في الشرق الأوسط تختلف جماليا عن باقي النساء في أوروبا أو روسيا أو باقي البيئات  وما يخص المرأة العراقية بشكل خاص والشرق أوسطية بشكل عام تمتاز بالكتلة الجسمانية الجميلة التي تدل على الخصوبة والنبات طبعا هذا ما كان واضحاً تاريخيا في المنتوج الفني الحضاري من تماثيل مثل تمثال الإله الألم في الحضارة السومرية بدأ تصور للمرأة  منذ العصر الحجري على أنها آلهة لأنها كانت المسؤولة على التكاثر والخصوبة. كان التصور أن المرأة هي الأرض والدفاع عنها كان نضالا كما هو الدفاع عن الوطن في بدء الحضارات. شارك الرجل المرأة في الألوهية مثل نمو الاله الأم وكي وأنانا عشتار وغيرها وزعمت مثل شبعاد سميراميس كان الوجود الالهة السومرية نواة لبداية الخلق البابلية اينوما ايليش وحيث دور المرأة في قصة الخلق.

- خصوصيات الأسطورة في لوحات الفنان أحمد الجليلي بين الماضي والحاضر والتراثيات العراقية تحديدا هل تتمسك بالجذور الفنية لهذه الدرجة ؟

خصوصية الأسطورة لدي أعتبرها الميدان المترامي الأطراف الذي انطلق منه وتغلغل من خلاله في فضاءات اسطورية خيالية متعددة خصوصاً ضمن الصخب الذي يحمله الواقع المعاصر ما بعد الحداثة. ضمن محبي الأصالة والبيئة وما خلفته التكنولوجيا من تواصل حيث ذوبت النسيج المكاني وما حاولت الوصول له هو تذويب النسيج الزماني بين الفن المعاصر والأسطورة حيث أدخلت العناصر البيئية التراثية الأسطورية ضمن الموضوع المعاصر لهذه البيئة  .

- تستخدم مصطلحات تشكيلية تتداعى أمامها كل فكرة تمثل الحداثة في الفن التشكيلي ما رأيك؟ وما الذي يريده أحمد الجليلي من الفن التشكيلي؟

من مجموعة متحف فرحات

ما أريده من الفن التشكيلي هو تحقيق الفكرة والغرابة في الفن

- ما بين الحداثة والتراث القديم خطوات ريشة معززة بتقنية الرؤية الفنية التجديدية إن صح القول ما رأيك وهل تؤكد على جمالية العراق القديم والحديث من خلال الفن ؟  

الفن العراقي القديم كان هو السجل والأرشيف الوحيد لأحداث تلك الحضارة لولا وجود الفن المحفور في الصخر لما وصل الأثر الفني والأدبي الذي نراه من ميثولوجيا الألهة وأعمال أدبية غاية في الروعة كانت في زمن قياسي عندما بدأ الإنسان يتعلم لغة التواصل الأولى كانت أعماله الأدبية والفنية المجسدة بالرسم والمكتوب كميثولوجيا الخلق السومرية والبابلية وكذلك كلكامش وهو تصوير فني أدبي يُظهر نبوغ فكري في تلك الفترة تشكيلياً فقد كانت براعة التصوير كبيرة وقد وضعوا لها قواعد خاصة عبر أسوبية مدرسة فنية تظهر هيمنة الدولة وقوتها في أوج حضارتها وكذلك سجل تفصيلي للفكر الحضاري لذلك الزمان . كما أن تأثير الفن العراقي القديم بعيدا عن ايديولوجيته الكهنوتية لذلك الوقت كان تأثيرا فكريا بما انتجه من ملاحم واساطير هي مادتي الخام وكذلك الأسلوب التشكيلي المنحوتات والحركات ودراسة العضلات بشكل نحتي بارز وكذلك التكوين الفني الشريطي الذي اعتمدوه لتسجيل فيلم وثائقي يسرد أحداث وقصص وانتصارات . 

من مجموعة متحف فرحات