يُحكى في خبايا الزمن وخفايا المحن أنّ خيّاطًا يتّصف بالحكمة والرّصانة جاءه ذات يوم أحد الشّباب لكي يخيط له بنطالًا على "موضة ذاك الزمان". نظر إليه الخيّاط فرأى وجهه شاحبًا ومكفهرًّا، وتظهر عليه علامات الغضب. فتوجّه إليه الخيّاط قائلًا: سأخيط لك كما تريد، ولكن ما لي أراك مكتئبًا؟
فأجابه الشابّ: لقد حصلت مشادة كلاميّة صباحًا بيني وبين أحد الأصدقاء لموقف بسيط، ومذ تلك الساعة وأنا على هذا الحال!
وهنا، توجّه الخيّاط الحكيم إلى الشابّ قائلًا: لو سألتك: ماذا لو كنت تملّكت نتيجة مسابقة فكريّة مبلغًا وقدره (86400) دولار أميركيّ، وسحب منك ذاك الشخص (الذي حصلت معه المشادة الكلاميّة) مبلغًا وقدره 10 دولارات وأخذ يركض مسرعًا، فهل ستلحقه وبيدك (86390) دولار أم ستتركه وتكمل طريقك؟
أجاب الشابّ: حتمًا سأتركه وأكمل طريقي وسأحتفظ بالمبلغ الأكبر وهو (86390) دولار.
عندها تابع الخيّاط كلامه: فعلًا هذا ما يجب أن تقوم به، ولكنّك وللأسف كنت تسعى وراء ال10 دولارات وتفقد ال(86390) دولار.
ردّ الشابّ (متعجّبًا): وكيف ذلك؟
فأجابه الخيّاط (وبابتسامة عطرة): في الحقيقة إنّ (86400) هي عدد الثواني في اليوم الواحد. ومقابل كلمة مزعجة يقولها لك أحدهم في عشر ثوانٍ بقيت تفكّر بهذا الموقف طوال اليوم! لذلك، لا تجعل الكلمة البذيئة أو الموقف البسيط يستنزف كلّ طاقتك. وتذكّر أنّ الوقت أغلى من المال، وأنّ الوقت الذي يمرّ بك لن يعود مرّة أخرى. واعلم أنّ من يريد الشرّ هو مثل "المقصّ" الذي يفرّق بين شيئين. لذا ،كن أنت مثل "الإبرة" التي تخيط وتجمع ما فرّقه المقصّ من شمل الناس. فقد جاء في أقوال الحكماء: الوقت كالسّيل، إن لم تقطعه قطعك...