الثلاثاء 7 آذار 2023 09:55 ص

"لعلّه خير"


* جنوبيات

يُروى من حكايا الزمان أنّ ملكًا كان له وزير حصيف ذو فلسفة خاصّة في الحياة تعتمد على مقولة: "إنّ كلّ شيء يقدّره الله هو خير". وكان يردّد دائمًا "لعلّه خير".

وذات يوم خرج الملك في رحلة صيد يرافقه وزيره، وعندما حان وقت الغداء تناول الملك تفّاحة وأخذ يقطّعها بالسكّين. وفجأة انزلقت السكّين من يده فأصيبت إصبعه بجرح غائر. 
فقال الوزير: لعلّه خير. 
فردّ الملك غاضبًا: وأي خير في ذلك أيّها الأحمق؟ 
ثمّ أمر بإدخاله السجن. فما كان من الوزير إلّا أن قال: أمرك مطاع، ولعلّه خير.
وبعد فترة وجيزة خرج الملك إلى الصيد وحده بدون وزيره المقرّب (الذي زُجّ في السجن). وظلّ يلاحق أرنبًا برّيًّا حتّى وقع في وسط قوم يعبدون الأصنام، وكانوا يومها يقومون بتقديم القرابين، فلمّا رأوا الملك قالوا: هذا رجل "سمين" يصلح قربانًا للآلهة. فأخذوه إلى المذبح لتقديمه قربانًا، فنظر إليه الكاهن وقال: إنّ هذا الشخص لا يصلح قربانًا لأنّ في إصبعه جرحًا عميقًا، فتركوه!
انطلق الملك مسرعًا وقد نجا من ميتة بشعة. وكان أوّل شيء فعله أن أطلق سراح وزيره، وقال له: لقد كان جرح إصبعي خيرًا عظيمًا، فقد نجّاني الله من شرّ ميتة. ولكن أي خير في أنّني سجنتك؟
أجاب الوزير: خير وألف خير، "فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين". 
فلو كنت معك لكانوا أخذوني وقدّموني قربانًا لآلهتهم. لذا قلت: لعلّه خير. 
أمّا في وطننا الحزين فلا خير في ما يفعله السياسيّون بنا، فهم قدّموا الشعب المسكين قربانًا لأهوائهم ومشاريعهم الجهنّميّة، بدون أن يرفّ لهم جفن، أو يرقّ لهم قلب. 
"قاتلهم الله أنّى يؤفكون".
صدق الله العظيم.

 

المصدر :جنوبيات