يُحكى في الزمن المعاصر أنّ رجلًا أراد أن يبيع منزله وينتقل إلى منزل آخر أفضل من بيته.
ولأجل هذه الغاية طلب من أحد أصدقائه وهو "رجل أعمال وخبير في أمور التسويق" أن يساعده في كتابة إعلان مهمّ للحثّ على بيع البيت بسعر مناسب.
وقد كان الخبير يعرف البيت جيّدًا فكتب وصفًا مفصّلًا له أشاد فيه بالموقع الجميل والمساحة الكبيرة. ووصف التصميم الهندسيّ بالرائع. ثمّ تحدّث عن الحديقة الغنّاء المليئة بالورود والأزهار، وحمّام السباحة المميّز إلى ما هنالك من صفات جميلة وجذّابة.
وعندما قرأ الإعلان على صاحب المنزل الذي أصغى إليه باهتمام شديد، طلب هذا الأخير إعادة القراءة، ففعل الخبير وأعاد قراءة الإعلان. عندها صاح صاحب المنزل قائلًا: يا له من بيت رائع!
وأضاف: لقد ظللت طول عمري أحلم باقتناء مثل هذا البيت، ولم أكن أعلم أنّني أعيش فيه، إلى أن سمعتك تصفه. ثمّ ابتسم قائلًا: "من فضلك لا تنشر الإعلان، فمنزلي ليس للبيع"!
رويدك أيّها القارئ العزيز، فالقصّة لم تنته بعد. فهناك مقولة قديمة مفادها: حاول أن تحصي أفضال الله عليك، ولن تقدر على ذلك، وتمعّن في عطاءاته، واسردها واحدة تلو الأخرى، عندها ستجد نفسك أكثر سعادة من ذي قبل. بيد أنّنا ننسى أن نشكر الله على نعمه الكثيرة، كوننا لا نتأمّل في الخيرات والبركات ونحسب ما لدينا، ولأنّنا نرى المتاعب فنتأفّف ونتذمّر ولا نرى محاسن فضل الله ولطفه.
قال أحدهم: إنّنا نشكو لأنّ الله جعل تحت الورود أشواكًا.
فأجابه صديقه: ولكن الأجدر بنا أن نشكره، لأنّه جعل فوق الشوك وردًا.
ويقول آخر: تألّمت كثيرًا عندما وجدت نفسي حافي القدمين، ولكنّني حمدت الله كثيرًا عندما رأيت آخر ليس له قدمان.
صفوة القول أحبّائي، علينا أن ننظر بإيجابيّة إلى كنه الأمور وأبعادها، لا أن نتمسّك بالسلبيّة لرفض محدثاتها.