يُحكى في الزمن الحالي، وعلى الرغم من صعوبات الحياة على كلّ الصعد والمستويات، وبوجود المأساة التي نمرّ بها جميعًا، أنّ حوارًا بيروقراطيًّا جرى بين صديقين للسؤال عن واقع المعيشة في البيوت، والمشاكل ما بين الصراخ والسكوت، فكان السؤال الآتي من الأوّل:
يا صديقي العزيز، رغم مرور أكثر من أربعين سنة على زواجك لم نسمع يومًا أنّك اختلفت مع زوجتك، فما هو هذا السرّ العجيب؟
أجاب الثاني (وبعد نفس عميق ما بين الزفير والشهيق): والله يا صديقي منذ البداية، "ومن أوّل الطريق"، اتّفقنا على توزيع الأدوار. هي تعطي رأيها في الأمور الصغيرة، وأنا أعطي رأيي في الأمور الكبيرة.
الأوّل: هلّا شرحت لي ذلك من فضلك.
الثاني: سأوضّح لك ذلك.
زوجتي هي من يقرّر أين يجب أن نسكن، وتفاوض على شراء البيت. كما تقرّر في أي مدرسة يجب أن نضع أطفالنا. وهي من تحدّد مع من يجب أن أتكلّم وأصادق، ومتى ينبغي أن أسهر وأتسامر، وما نوع السيّارة التي تودّ شراءها. فضلًا عن أنّها تقرّر متى أنام. وبعبارة أخرى فإنّ كلّ القصص الصغيرة هي من تضع الإطار التنفيذيّ لها.
الأوّل: وأنت متى تعطي رأيك، وفي أي مواضيع؟
الثاني: أنا أعطي رأيي في حرب اليمن، وما يجري في العراق، وسياسات الدول العربيّة والغربيّة. وكذلك رأيي في صفقة القرن.
صفوة القول، وكما ترى، أنا أهتمّ بكلّ الأمور الاستراتيجيّة الكبرى.
إنّه حوار يذكّرنا بتعاطينا مع مقدّرات الأمّة، والآلام الجمّة التي يعانيها المواطن اللبنانيّ المسكين مع دولته الموضونة والجوهرة المكنونة.