الخصخصة في التعبير الاقتصادي تعني:
نقل الملكيّة العامة أو إسناد إدارتها الى القطاع الخاص.
هذا وتتمحور الخصخصة في إتجاهين، الأول: هو بيع اصول مملوكة من الدولة إلى القطاع الخاص.
والثاني: هو أن تتوقّف الدولة عن تقديم خدمات كانت تضطلع بها في السّابق بصورة مباشرة وإحالة الأمر على القطاع الخاص لتقديم تلك الخدمات.
امّا الحصحصة فيقال في السّياق اللغوي:
يحصحص، حصحصة، فهو مُحَصحص. وحصحص الشيء: ظهر وبان بعد خفاء، وضح واستقرّ(الآن حصحص الحقّ).
هذا، والكلام موضوع مقالنا سمعته من أحد الأصدقاء وهو عميد متقاعد نقلًا عن أحد معارفه، ومفاده: إنّ أوّل من أطلق فكرة الخصخصة هي المطربة الكبيرة سميرة توفيق (بالأبيض والأسود) عندما غنّت: "بيع الجمل يا علي.. واشتري مهرٍ إلي". وبالمناسبة هذه هي أوّل عمليّة "خصخصة" حدثت في تاريخ الوطن العربيّ.
لاحظوا أنّ مطربتنا المحبوبة طالبت عليًّا بالأغنية أن (يبيع) الجمل الذي هو مصدر دخله ورزقه ووسيلة تنقّله الوحيدة ليشتري لها مَهْرًا بحجّة أنّ "كرمها لوّح واستوى.. والعنب طاب وحلي" كما تقول في الجزء الثاني من الأغنية.
وتُعدّ هذه "واحدة من أخطر وسائل الترغيب للبيع" التي اتّبعتها الفنّانة المميّزة، واتّبعها فيما بعد كلّ أتباع "الخصخصة" العربيّة وهي استراتيجيّة (إغراء وإغواء).
وبمجرّد سماع عليّ لهذه الكلمات "طار ضبان عقله" وقرّر أن يبيع الجمل بما حمل فورًا، ليلحق بالكرْم الذي لوّح واستوى، لكنّ "مطربة البادية" لم تفِ بوعدها ولم تكتفِ بهذا القدر من البيع، فطالبته بالجزء الثالث من الأغنية: "بيع النعجة والحمل أنا ما عندي أمل إلّا حبّك يا علي".
وبقيت تورّط عليًّا حتّى بلغ بها الأمر أن تطالبه ببيع أي شيء: "ويا علي أبويا طمّيع.. شو عندك يا حبيبي بيع".
وبقي "كورس الغناء" مصدّقًا لما تقول ويردّد وراءها بدون تفكير: "بيع.. بيع.. بيع.. بيع.. ولك بيع الجمل يا علي".
وأخيرًا، استجاب عليّ وباع الجمل، وباع النعجة والحمل، وباع "ثيابه، وفوقه وتحته"، ولم ينل حبّة عنب واحدة من ذلك الكرم.
وهذه هي قصّة "مالية الدولة، والبنك المركزيّ، وجمعيّة مصارف لبنان،والمصارف بانواعها، والمودع، أو الشّاطر والمشطور والكامخ بينهما". وكلٌّ يغنّي على ليلاه.
(وأخونا علي مكيّف).