براً بوالدهم المرحوم الشيخ عمر سليم موعد، وفي ذكرى رحليه، واصل الحاج خليل عمر موعد "أبو عمر" وأشقائه، توزيع وجبات إفطار عن روح الراحل تخليداً لذكراه، والسير على خطاه في مُساعدة العائلات الفقيرة.
الشيخ عمر موعد، الذي عُرف بسيرته العطرة مُنذ ولادته في بلدة صفورية - قضاء الناصرة في فلسطين، قبل نكبة العام 1948، حط الترحال بالعائلة في مُخيم عين الحلوة.
بعد أن نال الشيخ عمر بركساً لسكن العائلة، أبى إلا أن يقسمه لإقامة مسجد، كان بدايةً عبارة عن خيمة، ليكون الأول في مُخيم عين الحلوة.
مع ارتفاع أعداد المُصلين، أثمرت علاقات واتصالات الشيخ عمر مع أهل الخير بتأمين مواد بناء مسجد، استمرت فيه إقامة الصلوات الخمسة، وصلاة الجمعة، والتراويح في شهر رمضان المُبارك والعيدين.
ارتفع الآذان من المسجد، عبر مُكبر صوت، وتصدى الشيخ عمر للضُغوطات التي مورست لمنع الآذان ووقفه، حيث نجح باتصالاته بتكريس ذلك، فاستمر يصدح من مأذنة المسجد إلى يومنا هذا.
أطلق الشيخ عمر على المسجد اسم "جامع الجُميزة"، نسبة إلى الجُميزة الكبيرة التي كانت موجودة في الشارع التحتاني وسط مُخيم عين الحلوة، قبل أن تسقُط ضحية غارات طيران العدو الإسرائيلي الذي ألقى "قزانان"، ما أدى إلى سُقوط شُهداء وجرحى، فضلاً عن اقتلاع الشجرة المُعمرة.
لكن لاحقاً اختار المُصلون أن يُطلقوا على المسجد اسم "جامع الشيخ عمر"، حيث اجمع أبناء الراحل بإنابة شقيقهم الحاج خليل موعد إدارة شؤون المسجد.
لم تتوقف مآثر الشيخ عمر موعد على بناء المسجد وتطويره، بل كانت مُتعددة بفعل الخير، من خلال عقد المُصالحات بين المُتخاصمين، حتى تحت زخات الرصاص بين المُتقاتلين، مُتكئاً على عصاه.
في شهر رمضان المُبارك، كان يقف الشيخ عمر موعد أمام المسجد، ويُقيم موائد الرحمن لعابري السبيل، وهُم من الفدائيين، الذين التحقوا بصُفوف الثورة الفلسطينية.
من أحب شهر رمضان، واحياه قياماً وإيماناً وعملاً للخير، كان رحيله في منتصف شهر رمضان من العام 1416 هجري - المُوافق له 4 شباط/فبراير 1996.
رحل قبل 27 عاماً، لكن استمرت المبادئ التي أرساها، بأن سار على خُطاه أفراد العائلة، حيث يقوم ابنه الحاج خليل موعد بعمل الخير، من خلال توزيع مُساعدات إغاثية وتموينية وخبز على العائلات المُحتاجة.
وهذا العام، وفي ذكرى رحيل الوالد، مُنتصف شهر رمضان المُبارك، قدّم وجبا إفطار، وُزعت على عائلات الصائمين المُحتاجين في مُخيمي عين الحلوة، والمية ومية، وصيدا، والغازية وعدد من المناطق الجنوبية.
الابن يستعيد شريط الذكريات عن الوالد..
في الذكرى، استعاد الحاج سليم عمر موعد "أبو طارق"، شريط الذكريات عن والده، فكتب ما يلي..
"في هذا اليوم المُبارك من شهر رمضان الكريم الموافق الخامس عشر من شهر رمضان للعام 1416 السنة الهجرية الرابع من شهر شباط لعام 1996 لسنة الميلادية يصادف الذكرى الخامسة والعشرون سنة ميلادية وستة وعشرون سنة هجرية، يُصادف ذكرى وفاة الوالد المغفور له بإذن الله الشيخ عمر سليم موعد.
في مخيم عين الحلوة القريب من مدينة صيدا اللبنانية شرع الوالد بتأسيس أول مسجد في المخيم بعد الهجرة نكبة فلسطين العام 1948، وكانت البداية في ذلك الوقت خيمة بالية لا تحمي من حر الصيف ولا برد الشتاء.
مع مرور الوقت وازدياد عدد المصلين لم يعد المسجد الخيمة قادراً على استيعاب عدد أكثر من المصلين، وبناء علية كان لا بد من طلب المساعدة لتحسين وضع المسجد ليكون قادراً على استيعاب الأعداد المتزايدة، فكانت الفكرة من الوالد، رحمه الله، الاتصال بأصحاب الشأن من أهل الخير والميسرين ذوي الأيادي البيضاء من تجار مدينة صيدا القريبة الذين ساهموا في تقديم المواد الأساسية من الأسمنت والحديد والأخشاب اللازمة والاحتياجات التي من شأنها تحسين حال المسجد إلى أحسن حال.
وعليه، وبفضل من الله سبحانه وتعالى ومع مرور الوقت، أصبح المسجد يستوعب أعداداً أكثر وأكبر للمصلين.
تمر السنين والأعوام، ولأن إرادة الله أقوى، فالموت حق على كل بني آدم، لقد توفي الوالد عليه رحمة الله.
وبعد وفاة الوالد، تولى أبناء الشيخ عمر رعاية شؤون المسجد، وبما أن لكل من الأبناء له ظروف تربطه بعمله، فقد تم الاتفاق بين الإخوة على إنابة الحاج خليل عمر موعد "أبو عمر "وبالإنابة عن جميع الأخوة حيث يتولى إدارة شؤون المسجد كونه الأخ الأكثر قدره على التحرك لإتمام المهمة الموكلة إليه لإدارة شؤون المسجد بكل احتياجاته.
وبفضل من الله عز وجل تقام الآن في المسجد الصلوات الخمسة وصلاة الجمعة، والحمد لله والشكر لله.
ملاحظ وللأمانة والله يشهد بذلك. كان الوالد بحياته يفضل أن يسمي الجامع "جامع الجميزة" وحتى لا يقال أن الشيخ عمر بنى المسجد ليطلق عليه اسمه، وأم المصلين الذين يداومون على الصلاة فيه سنين وسنين طويلة، ووفاء منهم فضلوا الاسم المعروف الآن باسم "جامع الشيخ عمر".
الشكر كل الشكر لله، وكل امتنان وتقدير ومحبة لمن يقرأ الفاتحة على روحه الطاهرة وله الأجر والثواب.