![]() |
الأحد 9 نيسان 2023 18:07 م |
فضيحة في قطاع الكهرباء.. اليكم التفاصيل! |
![]() |
* جنوبيات في وقت باتت فاتورة “كهرباء الدولة” همّاً جاثماً على قلوب اللبنانيين، مع رفع التعرفة لحدودها القصوى، وبقاء الخدمة في حدودها الدنيا، يبدو أن السياسات التي تسببت بانهيار القطاع، وفرضت “إصلاحات” قاسية على المواطن، وأبرزها التهرب من الجباية.. هذه السياسات الفاسدة مستمرة، لكن هذه المرة بتشريع من الوزير نفسه! فها هو وزير الطاقة والمياه وليد فياض، يوافق على قرار مجلس إدارة كهرباء لبنان، تخفيض بدل الكهرباء، لقرابة 1500 منزل في لبنان، للعاملين في الشركة (الرقم الذي يعترف به فياض في حديثه لـ”المدن”)، مميزاً إياهم عن باقي موظفي القطاع العام، وعن بقية المواطنين. والوزير لم يكتفِ بالموافقة على المخالفة (المستند أدناه) فطلب ضمّ موظفي مديرية الاستثمار في وزارة الطاقة للقرار، فاتحاً الباب أمام شهية باقي موظفي الإدارات العامة لمعاملتهم بالمثل!
ويضرب قرار الوزير عرض الحائط المادة 75 من قانون الموازنة العامة الصادر عام 2001، الذي منع أي تخفيضات أو إعفاءات من هذا النوع. لكنّ أخطر ما في القرار، شموله مفوض الحكومة والمراقب الماليّ في الوزارة، في “رشوة علنية خطيرة تسقط عنهما صفة المراقبة لكهرباء لبنان”، وفق ما تجمع عليه مصادر متقاطعة لـ”المدن”. ففي سياق تبريره للإحالة بتاريخ 4 نيسان، أوضح أنها أتت “للمساواة بين موظفي مديرية الاستثمار في الوزارة وقرابة 1500 موظف في مؤسسة كهرباء لبنان، شملتهم التخفيضات بقرار من مجلس إدارة كهرباء لبنان، كنت قد وافقتُ عليه”، منكراً أن يكون للقرار تبعات هدر في المال العام. في السياق يقول: “شو بيجو 50 بيت نزيدن على 1000 أو 1500 بيت، وشو بيجي مبلغ 40 دولار مصروف مخفض عن كل بيت، الخبرية ما بدا آينشتاين يحسبا ليعرف إنو أثرا négligeable”.
لكن، وبحسبة بسيطة ووفق حسبة الوزير الآينشتاينية، فإن 1500 منزل، على فرض أن كل منزل يصرف كالآخر، 40 دولاراً غير مدفوعة، سيتجاوز الرقم 60 ألف دولار في الشهر، و720 ألف دولار في السنة. أما اذا احتسبنا 5000 آلاف منزل، بما أن القرار يشمل “قدماء مؤسسة كهرباء لبنان” كذلك، فحينها، سيصبح الرقم، 200 ألف دولار بالشهر، و 2 مليون و400 ألف دولار في العام الواحد، أثر négligeable، أو لا يذكر، برأي الوزير، في وزارة هي الأكثر حظوة بسلف الخزينة سنويا! ويضرب هذا القرار عرض الحائط، المادة رقم 75 من قانون الموازنة، الصادرة عام 2001 بكل المقاييس، والتي تنصّ على أنه “.. تلغى جميع الإعفاءات أو البدلات المخفضة للرسوم والبدلات وأية إعفاءات أو بدلات مخفضة أخرى مهما كان نوعها أو تسميتها أو طبيعتها وأياً كانت الجهة المستفيدة منها أو صفة المستفيد..”.
القراران اللذان تعتبرهما مصادر مطلعة مدخلاً علنياً للرشوة، أخطر ما فيهما، أنهما يطالان مفوض الحكومة والمراقب العام المالي، المكلفين سلطة رقابة على مؤسسة الكهرباء، والمحظورين من تقاضي منافع أيا كان نوعها. وهذا يتقاطع مع اعتقاد سائد بين موظفي مديرية الاستثمار أن “يكون القرار شمل جميع موظفي المديرية، للتمويه عن شموله مفوض الحكومة، على قاعدة، اصرفوا المكافأة للموظفين على طريقة “كلن يعني كلن”. ويستفيض فياض في سرد مهام المفوض المتعددة والمرهقة (باستثناء دور الرقابة الذي لم يأت على ذكره) فهو، حسب فياض “يحضر إلزامياً اجتماعات مجلس إدارة كهرباء لبنان، التي تستغرق 5 ساعات، مرتين في الأسبوع. فمدير عام المؤسسة كمال حايك لا يأخذ قراراً إلا بتوقيعه. وبالتالي، فإن المفوض ملزم على الأقل، بقراءة القرارات التي يوقعها، وهذا جهد يستحق الالتفاتة إليه”. وإذ يبرر شمول جميع موظفي مديرية الاستثمار، وهي سلطة الوصاية على كهرباء لبنان بالقرار، بمساواتهم بموظفي شركة الكهرباء، كموظفين “منوطين كذلك بالمساهمة بخدمة الكهرباء، وتفادياً لشعورهم بالغبن لعدم شمولهم بالقرار”، يخفض فياض من حجم المخالفة، على قاعدة “أعطيهم شيئاً من جيبهم، فإذا لم يؤمنوا الخدمة، لن يحصلوا على كهرباء بسعر مخفض”. وعن مخالفة قراره للقانون، يرى أنه إذا كان الأمر متضارباً مع القانون، ستسقط حكماً هذه التخفيضات، لكنه يعود ويدافع عن قراراته، بقراءة خاصة به للمادة 75، يرى فيها أن “القانون يشير إلى منع التخفيضات للمؤسسات العامة ولا يحظر الاستفادة منها للموظفين”. ويدعو فياض المستنكرين لقراره، “للتعلم” من أدائه الوزاري، الذي يصب برأيه بالمصلحة العامة، والنهوض بكهرباء لبنان، أما عن تمييزه بين الموظفين والمواطنين، فيدعو المواطن “أن يتشكرني لتحفيزي للموظفين، ليقدموا له الخدمة على أكمل وجه”.
ويبرر خطوته، بتعذر رفع رواتب موظفي القطاع العام، حاصراً الحلول “بطرق مبتكرة تستحق التشجيع”، فبرأيه على كل وزارة ان تقوم بنفسها، وأنا أمنع موت المؤسسة، فالمؤسسات تقوم بموظفيها، وأنا أحفز موظفي مديرية الاستثمار على البقاء بكرامتهم عوض البحث عن وظائف أخرى، أو اللجوء لسرقة المال العام. وإذ تخشى أيوب أن تكون خطوة الوزير بداية لمخالفة قانونية قد تمتد لمؤسسات عامة أخرى، فتفتح على الدولة أبواباً مغلقة ما يؤدي لمزيد من هدر المال العام، تحذر من الاستنسابية في القرار، سواء بين موظفين في القطاع العام، وموظفين آخرين، أو بينهم وبين المواطنين.
في السياق، تسأل، ماذا عن الهدر الذي يتسبب به القرار، ولماذا نتخلى عن إيرادات للدولة؟ وكيف نقنع المواطن أن يدفع فاتورته ليغطي بها فاتورة أخرى لم يدفعها موظفون، ما يولد لا مساواة بينهم؟ هو المرهَق أصلاً من ارتفاع التعرفة، وسوء الخدمة؟ أما في شق انتفاع مفوض الحكومة والمراقب المالي بالقرار، وهما موظفان في الوزارة وأعضاء في مجلس إدارة كهرباء لبنان، ويتقاضيان بدل حضور لكن لا يعملان كموظفين بالكهرباء، وعملهما رقابيّ، فتحذر من انتفاء صفة الوصاية والرقابة عنهما في هذه الحالة، بعد نيلهما تخفيضات على بدل الكهرباء، هي بمثابة رشوى، تطيح باستقلالية عملهما الرقابيّ على كهرباء لبنان. وتسأل أيوب وزارة المالية المعنية بالتوقيع الثاني على القرارين، ماذا هي فاعلة أمام هكذا مخالفات بهذا الحجم؟ وهل ستمنح توقيعها؟ هي المعنية الأولى بالإصلاحات وتطبيق خطة التعافي؟
فالمخالفات برأيها، تطال البعد الإصلاحي، كونها تخالف روحية خطة التعافي الاقتصادي، التي تحث على تخفيض مصاريف القطاع العام لتخفيف العجز فيه، لا سيما قطاع الكهرباء، وهذه الحجة التي رفعت على أساسها تعرفة الكهرباء، بينما سنوياً يأخذ القطاع سلف خزينة نتيجة عجزه، وها نحن نعطي تخفيضات للموظفين ونوحي كأنّ القطاع بأفضل أحواله! تأتي خطوة الوزير في وقت علت فيه أصوات في القطاع العام، تطالب باعفاءات على الكهرباء والمياه وغيرها، فهل تمهد الخطوة، لإطالة أمد المؤسسات العامة، من جيب المواطنين عوض ترشيقها في تهرب فاضح من الإصلاحات؟ وماذا عن تبعات هذا التهرب، تجاه مصداقية لبنان لناحية إجرائه الإصلاحات التي تخوله وحدها، النهوض والتعافي من انهياره؟ المصدر :وكالات |