أستطيع كمختصة نفسية أن أصف هذه المتلازمة النادرة نوعاً ما بـِ«متلازمة الحب».
أقول أولاً بأنها نادرة، ليس لاستبعاد احتمالات اصابة الاطفال بها بل لان ليس الجميع ينجح في التمييز بينها وبين متلازمة الداون..
وذلك لان الابحاث والدراسات عنها نادرة في اللغة العربية، ونقص كروموزوم واحد كفيل لان يدفعنا كلبنانيين فوراً باطلاق الاحكام المسبقة على الطفل لنقول: (مريض، معوق، من ذوي الاحتياجات الخاصة وصفة اخرى اعتذر على ذكرها وهي منغول).
وقبل ان أقدم لكم التعريف العلمي والتشخيص الدقيق لمتلازمة ويليام، فقط اريد ان اوضح ان هذه التسميات غير معترف بها في قاموس علم النفس وهي تُعتبر اهانة للطفل اولاً وللشعوب ايضاً، اعني تحديدا الشعب المنغولي وكلمة «المعاقين» هي مهينة اكثر، لانهم هم المعافين في الدنيا والاخرة.
وبالعودة الى المتلازمة التي رغبت اليوم ان احدثكم عنها، فما دفعني الى ذلك ليست الابحاث حولها كحالة ولا لشيوعها كاضطراب، بل لاني خضت تجربة جميلة وعرفت ماذا يعني ان تكون لي صديقة تنتمي الى هذه المتلازمة، صديقة ترغب في محادثتي دائماً وتهتم بتفاصيل يومي، وتخشى ان يضايقني احد..فهي دائماً جاهزة للدفاع عني وتبذل قصار جهدها لايجاد حلول مستحيلة لمشاكل عملي، عطوفة كل العطف وتحترم وقتي وتتجنب ازعاجي..و من الحرف تفهم انزعاجي!!
و نحن في علم النفس كمختصين، عندما نطرح اي اضطراب او مرض نفسي نحاول ان نضع نقيده في المقابل،
و نقيد متلازمة ويليام هو مرض التوحد، فما هي هذه المتلازمة وماذا يجب ان نعرف عنها ؟
اولاً: التعريف العلمي الدقيق لمتلازمة ويليام (William syndrome)
اكتُشِفَت هذه المتلازمة عام ١٩٦١م بواسطة ويليام الذي وضعها من خلال إدراكه لمجموعة من الأطفال الذين يعانون من تضيق في الشريان الأبهري الصاعد (ما فوق الصمام الأبهري) وتأخر عقلي مع ملامح للوجه غير متناسقة. أكد ويليام ان ترابط هذه المظاهر السريرية مع تضيق في الشريان الرئوي وارتفاع الكالسيوم مجهول السبب ليعلن فيما بعد بأن مجموع هذه الاضطرابات يحقق ما ندعوه متلازمة سريرية ناتجة عن شطب للمادة الصبغية في الموقع (q11,23) في الصبغي السابع (الكروموزوم السابع) ومنذ ذلك الحين لحد الان الكثير من الدراسات تحاول فهم الأساس الجيني والوراثي لهذه المتلازمة وعلاقتها بالاعراض السلوكية والمعرفية الناتجة عنها.
ثانياً: المميزات الجسدية لمتلازمة ويليام
(مختصة نفسية)
١-قامة قصيرة
٢-فم واسع
٣-شفاه سميكة ونافرة
٤-فك عريض
٥-جبين واسع
٦-اسنان صغيرة ومتباعدة
٧-انتفاخ حول العيون (الجفن العلوي والسفلي)
٨-صوت واضح وحنون جداً.
ثالثاً: المشاكل الصحية (الجسدية والنفسية)
١-قصور في عضلة القلب.
٢-مشاكل في الاوعية الدموية.
٣-ترقق العظام نتيجة لنقص الكالسيوم المستمر.
٤-مشاكل في الجهاز الهضمي وارتجاع المريء.
٥-ارتفاع معدل السكر وخطر مستمر في الاصابة بمرض السكري.
٦-الشره العصابي.
٧-الخوف من الاصوات المرتفعة والضوضاء .
قد تسبب لهم توتر شديد مع فقدان القدرة على التركيز .
٨-النكوص(ممارسة سلوكات طفولية).
٩-قلق وخوف مستمر.
١٠-نوبات غضب مبالغ بها، اي ان ابسط سبب قد يجعل الشخص المصاب قادراً على القيام بتحطيم اثاث المنزل مثلا.
١١-تأخر النطق في مرحلة الطفولة المبكرة.
١٢-تأخر تطوري مثل عدم محاولة المشي او استخدام المرحاض في المرحلة الشرجية .
اي عندما يبدأ الطفل مستعدا للتخلص من الحفاظات.
رابعاً: المميزات النفسية والسلوكية
١-قدرة هائلة على تقديم الحب لمن هو صديق لهم.
٢-احساس مرهف ورغبة مستمرة في تقديم المساعدة للاخر المقرب منهم.
٣-القدرة على الابتكار والابداع، خصوصاً في مجال اللغات والموسيقى والتأليف.
٤-لديهم ذاكرة طويلة الامد ويستطيعون تذكر ادق التفاصيل.
٥-الوفاء والاخلاص ولو ان بعضهم علاقات صداقاتهم قصيرة المدى ولكن هذا الامر يتوقف على مدى تفهم الاخر لهم.
خامساً: هل من علاج؟!
عندما يكون الاضطراب اساسه جيني/بيولوجي
فنحن كمختصين نحاول ان نجعل الشخص قادراً على التأقلم والتطور ونسعى دائماً لتدريبه على تقبل نفسه من خلال التركيز على قدراته وعلى النقاط الايجابية التي يمتلكها.
ولكن قبل العمل على هذه النقاط الخاصة بالناحية النفسية، نركز اولاً على الناحية الجسدية اي اننا نطلب من الاهل مراجعة الطبيب المختص في كل مشكلة والالتزام بالعلاج الدوائي كي يكون الشخص مرتاح جسدياً قبل ان نبدأ بتعليمه :
١-الاتكال على نفسه خصوصاً فيما يتعلق بالنظافة الجسدية والمظهر الخارجي.
٢-تنمية هواياته وتطويرها لانها حتماً قد تجعل منه فناناً مبدعاً.
٣-منحه الاهتمام والعاطفة (من قبل الاهل).
٤-تدريبه على المرونة النفسية وعلى تقبل ذاته.
وتقوية مناعته النفسية خصوصاً حيال التنمر .
٥-تحويل نقاط قوته الى مركز اهتمام لدى الوالدين.
٦-توظيف حسه الانساني وحبه للعطاء في المكان الصحيح اي يمكننا تشجيعه على التطوع مع الجمعيات الخيرية من اجل مساعدة الاخرين.
٧-على الدولة عموماً وكل من وزارتي العمل والتربية والتعليم العالي خصوصاً توفير فرص
عمل لهم من خلال التنسيق بين الجامعات وبين مراكز تؤمن لهم وظائف تبعاً لتخصصهم الجامعي .
والجدير بالذكر هنا هو أن ذوي متلازمة ويليام يستطيعون اكمال تعليمهم بشكل طبيعي حتى انهم يصلون الى مرحلة الدراسات العليا وطبعاً هذا يعود الى كيفية تعامل الاهل معهم ومدى تشجيعهم وتطويرهم ومن المهم جداً الاستعانة بالمختصين النفسيين دائماً لطلب الاستشارات النفسية حول كيفية التعاطي معم وتقديم الخدمات الارشادية والعلاجية فيما يتعلق بقدراتهم الهائلة على الابداع وايضاً فيما يتعلق باحتمالية الاصابة باضطرابات نفسية اخرى الى جانب هذه المتلازمة مثل الاكتئاب والقلق والشره العصابي كما ذكرنا اعلاه.