الأحد 7 أيار 2023 15:56 م |
أقساط المدارس بآلاف الدولارات.. والأهالي والمعلّمون “يشحدون” |
* بشرى الوجه
مع بداية الشهر الحالي أصدرت معظم المدارس الخاصة وبشكل عشوائي لوائح أقساطها للعام الدراسي المقبل، مسجّلةً ارتفاعًا لا تستوعبه جيوب غالبية أهالي التلاميذ الّذين ما زالوا يتقاضون رواتب غير مصحّحة ولا تتماشى مع الدولرة الحاصلة في كافة السلع والخدمات.
في اتّحاد المدارس الخاصة، والذي يضم غالبية المدارس الخاصة، مثل الإنجيليات والرهبانيات ومدارس المقاصد والحريري والمبرّات والمصطفى، ستتراوح الأقساط بين 1200 إلى 2500 دولار إضافة إلى القسط بالليرة اللبنانية الذي يزيد عن الـ 23 مليون ليرة، بعدما كانت تتراوح خلال العام الدراسي الحالي بين 150 إلى 700 دولار.
هذه المبالغ الطائلة سترغم الأهالي إلى الاختيار بين إبقاء أولادهم في المدارس الخاصة، ما قد يؤدي إلى إنهاكهم وبين إرسالهم إلى مدارس خاصّة أخرى أقلّ تكلفة وأقل مستوى تعليمي، أو تسجيلهم في المدارس الرسمية التي تعاني من إضرابات مستمرة وأوضاع غير مستقرة، كما أكّد عدد من الأهالي لـ “هنا لبنان”، لافتين إلى أنّهم استلموا من مدارس أولادهم جداول أقساط بآلاف الدولارات، أُرفقت معظمها بعبارة “على الأهل حزم أمرهم خلال شهر أيار، وذلك لمعرفة عدد المتعلّمين الذين سيبقون في المدرسة”، ما جعلهم يشعرون “بالقهر والحسرة على مستقبل أبنائهم التعليمي”.
أقساط عشوائية.. ونزوح وتسرّب مدرسي
ولكنّ التخوّف الحالي ليس فقط من النزوح الذي قد يحصل من التعليم الخاص إلى الرسمي المتعثّر، إنما “نحن أمام مشهد مخيف قد يؤدّي إلى تسرّب مدرسي”، كما ترى رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة لمى الطويل، موضحةً لـ “هنا لبنان” أنّ “زيادة الأقساط لم تُحدّد وفق أي أساس قانوني ولا أي دراسة علمية، في حين يجب تحديد الأقساط بعد قيام المدارس بـ “قطع حساب” بعد إنتهاء العام الدراسي”.
وتؤكد الطويل أنّ “الأرقام العشوائية وغير المدروسة وُضعت من دون موافقة لجنة الأهل والتي هي عادةً من تقوم بتحديد الأقساط، وكل هذا يحصل في ظل غياب تام لدور وزارة التربية التي كانت قد وعدت خلال العام الماضي باتّخاذ إجراءات قانونية بحق المخالفين ولم تفعل شيئًا”، لافتةً إلى أنّ “الأهالي الذين لديهم أكثر من 3 أولاد لن يكون بمقدورهم دفع مبلغ 2000 دولار على التلميذ الواحد في السنة، كما أنّ موظفي القطاع العام، الذين يتقاضون رواتب بالليرة اللبنانية والذين يعتبرون الممول الرئيسي لمعظم المدارس الخاصة لن يكون بمقدورهم أيضًا تحمّل أعباء مدارس أولادهم.
وتعتبر أنّ هناك تخاذلاً من قِبل كل المعنيين بهذا الملف، فأصحاب المدارس الخاصة هم المراجع الدينية والأحزاب السياسية، وهم يتّفقون على تسعيرة الأقساط ثم يقومون بتعميمها على باقي المدارس، من دون دراسة أو منطق، فيما الدولة غائبة ولا تُراقب.
وتدعو الطويل إلى إعلان حالة طوارئ تربوية وإلى وضع حدّ وضوابط للأقساط “غير الطبيعية”، كما تدعو الأهالي إلى المواجهة وعدم دفع الأقساط غير المبرّرة والتي لا تضمن حقّ الأساتذة في زيادة رواتبهم، كما حصل عند زيادة الأقساط في العام الماضي.
الدولرة حاجة ضرورية
تُبرّر المدارس الخاصة ارتفاع أقساطها بهذا الشكل المفاجئ بسببين رئيسين هما: إيفاء رواتب المعلمين والعاملين وتسديد الكلفة التشغيلية، كما تعتبر المدارس أنّ الدولرة لحقت بكافة الخدمات في البلد، فلم قد تقف على التعليم؟!
وبينما تُعتبر المدارس الكاثوليكية الخاصة شبه مجانية، يوضح أمينها العام الأب يوسف نصر لـ”هنا لبنان” أنّه و”لتاريخ الساعة لم يصدر أي قرار عن المدارس الكاثوليكية بشأن الأقساط، فنحن في طور الاستعداد وفي حوارات ودراسات، ومن المفترض أن نُبلّغ الأهالي بوقت قريب بالأقساط بالليرة اللبنانية وبالمبالغ التي يتطلّبها صندوق الدعم بالدولار، لكنّ التوجّه نحو تعزيز هذه “الدولرة”، فلم يعد بمقدور المدارس الإتّكال على الليرة، لكنّنا سنخلق أيضًا توازنًا ما بين حاجة المعلمين وإمكانات الأهل، ولن يكون هناك أرقام دون دراسات ودون العودة إلى الواقع”.
ويشير الأب نصر إلى أنّ “أجواء اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة تتمحور حول إعداد دراسات وإصدار رؤية مالية للعام الدراسي القادم، أمّا المدارس الأخرى فهي معروفة بسقفها المرتفع جدًا من قبل الأزمة”.
المعلمون.. لن نعلّم “ببلاش”
“المعلمون شحادين.. إلنا 4 سنين نعلّم ببلاش”، يقول نقيب المعلمين نعمة محفوض لـ “هنا لبنان”، مؤكّدًا “لن نسكت، فحسب قانون 96/515 الذي يحدّد كيفية تنظيم الموازنة المدرسية والأقساط المدرسية وصلاحية لجان الأهل في مراقبة الموازنات والأقساط، إنّ رواتب الأساتذة والأجور وملحقاتها تشكّل 65 في المئة من بنود الموازنة، ولذلك لن نبدأ العام الدراسي الجديد إلّا في حال حصلنا على نسبة 50 في المئة على الأقل وبالدولار”.
ويوضح “أننا نقوم بمباحثات مع أصحاب المدارس الذين طرحوا إعطاءنا نسبة ما بين 30 و35% لكننا لم نوافق، ومع ذلك لا يُمكن وضع كافة المدارس ضمن سلّة واحدة، فهناك مدارس في بيروت الكبرى ومناطق أخرى بمقدورها إعطاء 60 و65 في المئة للمعلّمين، بينما المدارس التي تقع في الأطراف، أي في الشمال وعكار وبعلبك – الهرمل والجنوب، قد نقبل بنسبة 35 في المئة من الموازنة”، لافتًا إلى أنّ “هناك مدارس تتجاوب مع مطالبنا وهناك مدارس رافضة لها، وهناك أخرى لا يزال النقاش معها قائماً”.
ولمن يسأل عن واجب الدولة بالحفاظ على الحقوق، يسأل محفوض “عن أي دولة تتحدثون؟ فالقانون يمنع التداول بالدولار لكن البلد “ماشي ع الدولار”.. نحن نعيش في جهنّم “الحمرا”، حيث لا حسيب ولا رقيب، وحيث ولا يجوز الحديث بالقانون”.
المصدر :هنا لبنان |