رزق الله ع إيّام زمان، أحلى وأطيب إيّام.
هيدا البيت طابخ ملوخيّة، وهيدا البيت عم يقلي باتينجان، وريحة الخيار يعني سلطة، والسّمك شارح حالو لحالو، ودبح البطّيخة فضيحة بتوصل ريحتها لآخر الدني.
أنا من بلد كان القمر فيه بالصّيف يعني مشوار، وكلّ عرس يعني تلبيسة، وكتْب الكتاب يعني ملبّس.
أنا من بلد كانت إمّي تقول "غسّل وجهك لأنّك ما بتعرف مين ببوسو، وكنّس بيتك ما بتعرف مين بيدوسو"، وبيّي يقول "جارك خيّك إذا ما شاف وجهك بشوف قفاك".
أنا من بلد لمّا يندقّ الباب منتحزّر بين بعضنا مين ومنقول : يا ترى مين إجانا؟
هيدي نقرة الجّارة سريعة وقصيرة، هيدي دقّة عمّتي ناعمة، هيدي خبطة ابن الجيران ببوز صبّاطو ع الباب حامل بين ايديه سكبة الأكل، وهيدي خشخشة المفاتيح وبابا عم ينادي يا الله.
أنا من بلد الأساور الرفيعة والمبرومة والحيّة.
أنا من بلد كاسة الليموناضة والكازوزة وعرق السّوس والجلاّب وتمر الهندي وقمر الدّين.
بلد كلّ شي بيصير بيستاهل يكون خبريّة. ولدت القطّة، فتّحت الفلّة، فتّح زهر الليمون.
بلد حتّى حبال الغسيل فيه بتحكي قصص، وملاقط الغسيل بتنقل رسايل الغرام، ونشر الغسيل إلو أصولو منشان يقولو عن السّت مرتّبة.
بيت الجيران أوّل باب بيندقّ لمّا بيخلص الخبز ع غفلة، ولمّا ما بيلتقى روبة اللبن.
بيت الجّيران مصدر كم رغيف خبز لمّا بيجو الضّيوف فجأة والبيت ما فيه خبز، وبكلّ مطبخ مرطبان القورمة واللبنة والزّعتر بالسّمسم لأطيب منقوشة.
ببلدي كانت إيّام الشّتا، يا عيني على إيّامها، كان المنقل ودخّانو وكاسة الشّاي يلّي متل الدّبس.
وين هيديك الإيّام؟!.
إذا دمعت عينيك بعد قراءة هالكلام، إذًا، إنت من لبنان إيّام زمان، مش بلد الذّل والحرمان...