الأحد 14 أيار 2023 12:47 م

"ثأر الاحرار" بين ذكرى "النكبة" و"قمة الرياض"


* جنوبيات

جاء انتصار حركة الجهاد الاسلامي وفصائل المقاومة الفسطينية في معركة  الايام الخمسة (من 8 الى 13 آيار /مايو 2023)، والمعروفة ب "ثأر الاحرار" لتتصدّر مناسبتين هامتين، احداهما هي الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة الفلسطينية، بل للنكبة العربية باغتصاب فلسطين (15 آيار / مايو 1948) ،وهي مناسبة  من الماضي، والثانية هي موعد القمة العربية في الرياض (19ايار/مايو 2023)، وهي مناسبة متصلة بالمستقبل لا سيّما انها تأتي في ظل انكسار مشروع عزل سورية عن عمقها العربي، والذي كان احد عناوين الحرب الكونية على من باتت معروفة بقلب العروبة النابض، وفي اجواء انفراجات ومصالحات عربية واقليمية كان الاتفاق السعودي- الايراني برعاية صينية احد أبرز عناوينها.

 أما بالنسبة للنكبة فان الانتصار الاخير للمقاومة في غزة بعد اداء متميز لسرايا القدس ولغرفة العمليات المشتركة ، جاء ليؤكد ان الكيان الغاصب  يعيش مرحلة تآكل في قدراته ،وتفكّك في بنيانه، بفضل مقاومة متنامية في فلسطين وأكناف فلسطين، وفي ظل ارتباك داخلي لم يشهده من قبل,  مقرون بقلق مصيري لم يشعر به سابقاً.

 أما قمة الرياض التي سيكتمل عقدها بمشاركة سورية فيها، فأنها تأتي في ظلّ متغيرات اقليمية ودولية تسمح للنظام الرسمي العربي أن يكون أكثر تحرراً واستقلالية عن الضغوط والاملاءات الاميركية والغربية، وبالتالي أكثر قرباً من تطلعات الجماهير العربية.

 من هنا يأتي إنتصار المقاومة في حرب الأيام الخمسة في غزّة ليعزّز من ثقة الأمة بنفسها، وليجعل نظامها الرسمي أكثر قدرة على التفلّت من الاملاءات الاستعمارية المعروفة، وأنتهاج سياسات أكثر التزاماً بمصالح الأمة العليا، سواء في علاقاته الاقليمية والدولية او علاقاته البينية على الصعد السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية، ناهيك عن استعادته لقضية فلسطين، لا كقضية مركزية للأمة فحسب، بل كقضية جامعة لهذه الأمة تتعزّز بتضامنها  ، وتعزّز هذا التضامن العربي والاسلامي والدولي، وتمكّن الأمة من معالجة كل بؤر التوتر الامني والسياسي والاجتماعي المنتشرة على امتداد الوطن الكبير، من خلال بوصلة فلسطين التي هي طريق الأمة الى وحدتها، كما ان وحدة الامة هي طريقها لاقتلاع هذه الغدّة السرطانية من قلبها.

 وبهذا المعنى فإن قمة الرياض بقدر ماهي معنية بإزالة آثار الحرب والحصار والدمار على سورية، التي اخطأت بعض حكوماتنا كثيراً بحقها، وإزالة كل عناصر التوتر والتشنّج القائمة داخل الاقطار العربية وبينها، فهي معنيّة بشكل خاص ببرامج عمل لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته على كافة المستويات، وبالعمل لعزل الكيان العنصري الارهابي ومقاطعته على الصعيد الدولي لنزع الشرعية عنه وطرده من كل المؤسسات والهيئات الدولية، كما جرى طرده من الاتحاد الافريقي.

 لقد اطلق الملك سلمان بن عبد العزيز قبل خمس سنوات على قمة عربية انعقدت في الظهران  اسم "قمة القدس" في زمن "صفقة القرن" والاتفاقات الابراهيمية، فلتكن قمة الرياض اليوم قمة العمل من اجل القدس و فلسطين، دعماً لمقدساتها وشعبها ومقاومتها واسقاط لاتفاقات تطبيعية منافية لمعتقداتنا ومبادئنا وثوابتنا، وبالطبع لحقوقنا. وطرد سفراء الكيان الغاصب من عواصمها 
ولنا في إنتصار غزّة وفلسطين اليوم خير حافز لنا على هذا الطريق..

الامين العام السابق للمؤتمر القومي العربي

المصدر :جنوبيات