الاثنين 15 أيار 2023 16:46 م |
فلسطين القمة |
* جنوبيات اليوم ذكرى النكبة. ذكرى قيام دولة الإغتصاب والإرهاب اسرائيل. الدولة التي أحيت عيدها وفق التقويم العبري، بتكريس مبادئها وقدراتها وممارساتها. مجازر. وقتل. وإعدام. وتهجير. وتوسّع. وإرهاب. ودولة قومية يهودية مميزة بالتمييز العنصري ضد الفلسطينيين. شنّت حرباً ضد غزة. لأن أحد مسؤولي حكومتها ايتمار بن غفير قاطع جلسات الحكومة، وهدّد بفرطها إذا لم تترجم يمينيتها وتطرّفها بمزيد من الممارسات المذكورة. ليس في قاموسه غزة وضفة وفلسطين. ليس ثمة شعب فلسطيني. هذا "اختراع" كما زعموا!! نتنياهو رئيس حكومة الإرهاب رضخ وأنقذ تحالفه واستمراريته على حساب الفلسطينيين، فأعلن حرب "الدرع والسهم". بن غفير كان يطالب بـ"السور الواقي 2" وباجتياح الضفة. لبّى نتنياهو الشق الأول واعتدى على غزة واغتالت قواته عدداً من قادة الصف الأول العسكريين في حركة "الجهاد الاسلامي" لكن لم يتمكنوا من فرض الاستسلام على الفلسطينيين . هذه هي الحقيقة . تدخلت دول وأمم وكان شرط "الجهاد" الالتزام بـ"وقف الاغتيالات" والغاء مسيرة "الاعلام" المقرّرة بعد أيام الى المسجد الأقصى وتسليم جثمان الشهيد عدنان خضر. كانت المفاوضات شاقة وصعبة. وافق الاسرائيليون في النهاية على وقف "اغتيال الأفراد" المصطلح حمّال أوجه!! ولكن المبدأ بالنسبة الى الفلسطينيين هو الأساس. وهم يمسكون بالزناد وقد فرضوا معادلة عسكرية أمنية لا يستهان بها. اسرائيل نفسها اعترفت باطلاق أكثر من 1500 صاروخ من غزة من نوعيات مختلفة. والقبب الحديدية لم تسقط إلا بضع مئات منها في غلاف غزة وأبعد منها. الاسرائيليون في حال ذعر، يقيمون في الملاجئ، والصواريخ تتساقط فوق رؤوسهم وحال من الشلل أصاب مطار بن غوريون وقطاعات كثيرة ولم يتوقف الفلسطينيون عن إطلاق الصواريخ بل جربوا أسلحة جديدة. ولم يبق أمام الاسرائيليين إلا تدمير كل غزة. وهذه مسألة يستهوون تنفيذها ولكن كلفتها عالية، أو اقتحامها والكلفة باهظة أكثر فأكثر. الإرهابيون يخشون في هذا الخيار وقوع عدد منهم أسرى لدى الفلسطينيين وثمة تجارب في ذلك. رضخت اسرائيل مؤقتاً. لا شيئ يشير الى نية وقف الاغتيالات أو التصعيد. بن غفير يدعو علانية الى الذهاب الى الضفة، الى قتل الفلسطينيين هناك. المستوطنون يمارسون استباحة في الوقاحة فيطلبون رسمياً من سلطات الاحتلال السماح لهم بتنفيذ مسيرة الاعلام والقيام باقتحام جماعي للمجسد الأقصى بعد ايام، وهذا سيفجّر الوضع وسيكون توقيته عشية انعقاد القمة العربية في جدة وهو استحقاق لا ينتظر منه الكثير. لكن لا يمكن لأحد إغفال وتجاوز التطورات التي سبقته : لقاء إيراني – سعودي في بكين. لقاءات مباشرة. تبادل فتح السفارات. زيارات مسؤولين. زيارات سعودية الى سوريا. لقاءات تعيد عضوية سوريا الى الجامعة وتؤكد حضورها القمة. خطوات متقدمة لوقف الحرب في اليمن . جمود في حركة التطبيع مع اسرائيل . تأكيد سعودي : العلاقات الطبيعية مرهونة بتطبيق المبادرة العربية مما يعيق مشروع تطويق الفلسطينيين والانقلاب عليهم والاستفراد بهم كما تحاول أن تفعل اسرائيل مدعومة من اميركا التي أكدت في أكثر من موقف استياءها من التقارب الإيراني – السعودي، ومن رفض التطبيع مع النظام في سوريا، والاستمرار في فرض العقوبات. ولا ننسى سقوط مشروع الناتو العربي – الاسرائيلي الذي كان يراهن على قيامه كثيرون لمواجهة إيران . في هذا السياق يأتي العدوان الاسرائيلي على غزة المدعوم أميركياً تحت عنوان "الالتزام بحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها". أمام هذا الحق تسقط القيم الديموقراطية الأميركية. يختفي مواطن أميركي في أي دولة في العالم وفي معزل عن سبب اختفائه تقوم قيامة الأميركيين لكن أن تصادر جثامين الشهداء ونسمع الدعوات الى "التصفية" و"القتل" وتسنّ القوانين لمزيد من فرض العنصرية ضد الفلسطينيين وقتل كل آمال الوصول الى حل عادل لقضيتهم فهذا لا قيمة له بل ثمة احتفاء به!! هذه هي قيم أميركا وأوروبا اليوم للأسف!!
في كل الحالات: لا مقارنة بين إمكانات الفلسطينيين في غزة وكل فلسطين بامكانات الاحتلال، ومع ذلك لم تسقط إرادة أصحاب الأرض ولن تسقط، لأننا نقول دائماً أن المعادلة التي تحكم حركتهم تنطلق من ثابت: "الفلسطيني المقبـــول هو الفلسطيني المقتول" وبالتالي لا خيار أمامهم إلا المواجهة. ولهذا السبب خرجت أصوات اسرائيلية تتحدث عن نجاح في قتل قيادات فلسطينية لكن الفشل قائم لناحية قدرة الفلسطينيين على الصمود والثبات واطلاق الصواريخ وثمة اسرائيليون يسألون: ما هي الاستراتيجية أمام هذا الواقع؟؟ لا أفق. إنها لعبة سلطة. هكذا يجيبون وهذا بحد ذاته يعبّر عن مأزق اسرائيلي. لذلك تراهن اسرائيل بقبولها وقف النار على الوقت. والفلسطيني يفعل الشيئ ذاته. لا أجوبة اسرائيلية حاسمة حول مستقبل غزة والضفة سوى النيات الخطيرة التي تستهدف كل فلسطين لكن الواقع على الأرض شيئ آخر.
في ذكرى النكبة مطلوب من الفلسطينيين رؤيا موحدة استراتيجية ثابتة تترجم إرادتهم. وقبل ايام من الذكرى، ومن القمة العربية، مطلوب من العرب الذين لا يملكون رؤيا واستراتيجية مواقف واحدة بالحد الأدنى. نتحدث عن الحضن العربي، ويساء إليه كل يوم من جهات عربية فتصيبه هنا أو هناك. لكن الثابت أمامهم جميعاً: لا أمن. لا استقرار. لا ازدهار. لا تنمية. لا ثروات. لا استثمارات . لا تطور. لا تقدم دون حل القضية الفلسطينية. فلسطين هي القمة. هي الأساس. ولا قمة ناجحة ومؤثرة دون فلسطين.
المصدر :جنوبيات |