هذا ويحدّثنا هذا الفيلسوف المميّز في كتابه (مذكّرات شاهد للقرن) أنّ جدّته وأمّه والنساء عمومًا في بلداننا كنّ يلعنّ صباحًا ومساءً "المكنسة الصغيرة" التي تكسر ظهورهنّ. وفرحن فرحةً ما بعدها فرحة يوم جاءتهنّ المكنسة الغربيّة المستوردة، وفي نهايتها عصا طويلة. فأصبحن يكنسن وهنّ مستقيمات الظهر. 

ويضيف: "لقد كنّا في حالة من عمى البصيرة، ومن الخور النفسيّ والفكريّ والروحيّ والإبداعيّ، عجزنا معها عن رؤية "حلّ المكنسة" البسيط. واليوم ما زلنا نعيش الحالة نفسها، وننتظر من الآخرين أن يحلّوا لنا مشكلاتنا التي تقصم ظهورنا". 

وفي نظرتنا للواقع المأساويّ الذي نعيشه اليوم في بلد الحرمان والطغيان وانهيار مقدّرات الدولة بمرتكزاتها على كلّ الصعد والمستويات الحياتيّة والبنيويّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والتربويّة والصحّيّة والنفسيّة إلى ما هنالك من أمور تعزّز أوجه الإذلال للمواطن المسكين، فإنّنا ما زلنا ننتظر أن تأتينا الحلول من خلال معجزات خارجيّة مع متحوّلات داخليّة، في خلطة نوعيّة لا يُعرف "كوعها من بوعها"!

عند ﻣﺪﺧﻞ ﻣﺪينة ﻃﻮﻛﻴﻮ في اليابان هناك ﻟﻮﺣﺔ ﻣﻜﺘﻮﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ: "‏أﻳّﻬﺎ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻓﻜّﺮ لكي ﺗﺒﺪﻉ".

ﻭﻓﻲ ﻣﺪﺧﻞ الكثير من المدن والقرى اللبنانيّة هناك لافتات مكتوب عليها: "‏ﻻ ﺗﻔﻜّﺮ ﻭﻻ ﺗﺤﺘﺎﺭ، زعيمك (...) ﻫﻮ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ"!

زغردي يا أمّ الجدايل...

 

القاضي م جمال الحلو