الخميس 25 أيار 2023 13:45 م

مكاتب هجرة تمتهن السرقات.. أساليب ملتوية والمواطنون الضحية


* جنوبيات

وكأنٌهُ لم يكن ينقص اللّبناني الذي قرّر أن يتّخذ قرار الهرب من لبنان إلا مكاتب الهجرة، لتُعرقل، وتسرق، “عين بعين” من دون أي حسيب أو رقيب، خاصةً بعد اشتداد الأزمة الإقتصاديّة، ورغبة عشرات الآلاف من اللّبنانيين بمغادرة البلاد، والبحث عن فرصٍ خارجيّة تنشلهم من الواقع، إذ بات العشرات من هذه المكاتب يمتهن أساليب خداع جديدة، يستهدف من خلالها هؤلاء الشّباب الذين وقعوا ضحية بلادهم أولا، وضحية المكاتب ثانيًا.


إعلانات وهمية
كثيرة هي المكاتب التي “نبتت” خلال هذه الأزمة، إذ باتت الاستشارات التي تختص بالهجرة عمل من لاعمل له، خاصة مكاتب السّفريات التّي تحوّلت إلى مستشار أو سمسار لأمور الهجرة، في وقت لا تسمح مهنيتها العمليّة بعرض فكرة الهجرة حتّى.إيلي، واحد من الضّحايا، الذين سقطوا في فخ مكاتب وهمية تحتال على المواطنين، إذ يسرد عبر “لبنان24″ الخطة الجهنميّة التي وضعها المكتب للإيقاع به، فبعدما شاهد إعلانًا عبر فايسبوك لمكتب يختصُّ بأمورِ الهجرة، قام بمراسلته، ليضمنَ لهُ المكتبُ فرصةَ عمل في إسبانيا مقابل 6000$.. وقّع إيلي على الأوراق المطلوبة، واستلم عقد العمل، ليفاجأ على أرض المطار بأن نقصًا في الاوراق يمنعه من دخول الطائرة. وبعد تواصله مع المكتب رفض الأخير أي تهم، ليتبين لاحقًا بأن كل ما ورد في عقد العمل لا يمت للحقيقة بصلة، فلا الشركة التي كان من المفترض أن يصل إليها إيلي موجودة، ولا حتى رقم الهاتف صحيح.المصيبة الأكبر في ما حصل معه يتجلى بعملية التزوير، إذ بعد البحث والتّدقيق تمكن ايلي من ملاحظة أن الفيزا أصلا مزوّرة، خاصةً وأن التأشيرات المعتمدة عالميًّا تكون تفاصيل تصميمها معروفة ومحدّدة حسب المطّلعين.ملاحقة ولكن؟مصادر قانونية خاصة لـ”لبنان 24” تشير إلى أن الأمور آخذة بالإنحدار أكثر فأكثر، إذ إنَّ اللبنانيين يعانون حرفيًا مع مكاتب الهجرة، التي، وإن غربلتها لن تجد إلا عددا قليلا منها شرعي وقانوني، موضحة بأن سوء الرقابة وعدم وجود نقابة تضبط الوضع على الأرض أدى إلى هذا التفلت الذي يعاني المواطن اللبناني من تبعاته ، إذ تؤكد أنَّ مكاتب السّفريات مثلاً باتت تدّعي إمكانية تأمين موعد سفارة، أو عقود عمل، وهذا ما لا يمت للواقع بأيّة صلة، خاصةً وأنَّ هذه المكاتب مختصة بأمور السّياحة والسّفر المحدود المدة، على عكس أمور الهجرة التي تحتاج إلى ملفات واوراق، ولا تنتهي قبل سنتين من العمل.وتؤكّد المصادر أن القوى الأمنية تقوم بتحركات على هذا الصعيد لضبط الوضع، إلا أن المستغرب يتجلى بمعضلة فتح مكاتب بعد إقفالها بالشمع الأحمر، لتطرح إشكاليات عديدة في هذا المجال، فكيف يمكن لمكاتب اتخذ قرار إقفالها أن تعاود عملها وكأن شيئًا لم يحدث.أساليب ملتويةكل هذا التفلت سمح للمكاتب الشرعية وغير الشرعية بأن تقوم بما يحلو لها، إذ يوضح محمد، مالك أحد المكاتب، خلال حديث مع “لبنان 24” أن في لبنان بات من النادر تمامًأ أن تلقى مكتبًا محترمًا، إذ إن أغلبية المكاتب تحاول قدر المستطاع الإستفادة من الأزمة من خلال استغلال تعطّش الشباب للهرب خارج البلاد.يسرد محمد حادثة حصلت منذ أيام مع امرأة فلسطينيّة حاولت أن تنهي معاملات هجرة ابنها لتفاجأ بأن التأشيرة مزوّرة بعد أن لاحظت بأن بلد الإصدار هو جورجيا، في وقت لم تخرج أبدًا من لبنان، مؤكدًأ أن المكاتب تطبع نفس الفيزا على نسخٍ متعددة وتسلّمها لأكثر من زبون، خاصةً الأوروبيّة منها، إذ إن 90% من عمليات الإحتيال تقع عليها.ويؤكد أن هذه المكاتب امتهنت كيفية عدم تحمّل المسؤولية إذ يمتنعون عن تسليم أي ورقة للزبون موهمين إياه بأن الطلب يُقدم للحكومات الأجنبية عن طريق الأونلاين، لينتفي موضوع أي بلاغ بسبب عدم وجود أي دليل.بحسب المختصين، فإن آلية التقدم بطلب الهجرة أمر صعب ومعقّد، إذ إن سلسلة من الإجراءات تفرضها المكاتب الخارجية الشرعية التي تتعامل مع المكاتب المحلية، وعليه لا يمكن الوثوق أبدًا بأي مكتب يدّعي أنه مكتب مخصّص للهجرة، خاصة تلك التي تطلق العناوين الفضفاضة التي لا تهدف من ورائها إلا جذب المتعطشين للسفر وسرقة أموالهم.

المصدر :جنوبيات