الثلاثاء 6 حزيران 2023 08:56 ص

"رأس المال الوهميّ"!


* جنوبيات

في قرية ريفيّة صغيرة من قرى جمهوريّة كونكان الديمقراطيّة، عانى أهلها من الفقر كثيرًا، وغرق الجميع في بؤرة الدّيون والعوز، حيث يعيش أهلها على الاقتراض على أمل الإيفاء إذا تحقّق الرّجاء.

ذات يوم حضر رجلٌ سائحٌ إلى القرية الوادعة ودخل فندقها الوحيد، فاستقبله مدير الفندق بالترحاب، فوضع السّائح على "الكونتوار" ورقة من فئة ال100 دولار وقال: سأذهب لأتفقّد الغرف وإذا وجدت الغرفة اللائقة سيكون هذا المبلغ دفعة على حساب إقامتي في الفندق.  
في هذه الأثناء استغلّ مالك الفندق الفرصة وأخذ ال100 دولار وذهب مسرعًا إلى جزّار القرية ليدفع دينه. 
الجزّار فرح بالدّولارات وهرول بسرعة إلى تاجر الماشية ليدفع باقي المستحقّات عليه. 
تاجر الماشية أخذ الدّولارات وذهب إلى تاجر العلف لتسديد بعض ديونه. 
تاجر العلف ذهب إلى سائق الشّاحنة التي تنقل العلف من البلد المجاور وأعطاه المئة دولار لتسديد ما عليه من مستحقّاتٍ متأخّرة. 
سائق الشّاحنة بدوره ركض مسرعًا إلى فندق القرية حيث ينزل أثناء نقله العلف لأخذ قسط من الرّاحة (من عناء السّفر) وأعطى مالك الفندق المائة دولار لتسديد ديون إقامته المؤقّتة. 
مالك الفندق يعود ويضع ال100 دولار على "الكونتوار" قبل نزول السّائح من جولته التفقّديّة. 
ينزل السّائح الذي لم يعجبه مستوى الغرف ويقرّر المغادرة آخذًا ال100 دولار. 
وعليه، لا أحد من سكّان القرية ربح أي شيء على الصّعيد المادّيّ إلّا أنّهم سدّدوا ديونهم!
هكذا تُدار اقتصاديّات الدّول في ظلّ هكذا نظام عالميّ تتجاذبه رياح التّغيير من كلّ حدب وصوب، ولا تغيير في المدى المنظور ما دامت جمهوريّة كونكان الديمقراطيّة يحكمها "الطّابور الجالس" على الطّرطور.
هذا، وزاد في الطّنبور نغما…

المصدر :جنوبيات