من المؤكد ان لا وجود لعبارة ” استراحة المحارب” في قاموس اللواء عباس ابراهيم، الخارج للتو من أحد أبرز مراكز الدولة اللبنانية،مدير عام للأمن العام، التي أمضى فيها سنوات حافلة بالأحداث والانجازات والصعاب التي تجاوزها بمهارة، كما تجاوز ونجح في مهمات بالغة الدقة والخطورة خارج الحدود اللبنانية حتى ذاع صيته وبات اسمه مرادفا لرجل المهمات المستحيلة وصاحب المبادرات والوساطات التي لطالما كان التوفيق حليفها.
قصدته لإلقاء التحية عليه وإعلامه بقرب انجاز طباعة كتابي الأول “مهمات سرية في حياتي الصحافية” الذي سيصدر عن “دار النهار للنشر” والتمني عليه برعاية حفل التوقيع فأجابني مرحباً غامرني بمحبته.
في مكتبه الفسيح ،في منطقة الجناح، استقبلني كعادته بوجهه البشوش وكان من الطبيعي ان استهل الحديث معه عن الحدث “الطازج” الذي يخص “الامن العام” وهو قضية منع الكويتية فجر السعيد من دخول لبنان وما أثاره التدبير من انتقادات وحملات تحمل على من فعل ذلك لا بل تصفه ب”الهمجي”. وثمة من ذهب إلى حد القول بأن ما حصل لا علم للمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري به.وهناك من عزا التدبير الى قرار صادر عن المدير العام للأمن العام السابق اللواء عباس ابراهيم وهذا ما آثار حفيظته وجعله يسارع إلى إصدار بيان ليل اول من أمس يثني فيه على ما جرى ويؤكد ان القرار الذي اتخده في وقت سابق هو وفقا للقانون.
فيما أبدى اللواء ابراهيم استياءه من عدم سرعة تصرف المعنيين مع هذه “الهمروجة” التي حصلت واستهدفت ” الامن العام” أفاد انه بات لديه مكتب إعلامي جاهز للرد على أي موضوع يخصه عندما يتلكأ الآخرون عن ذلك..
واستغرب اللواء ابراهيم ان يتبارى لبنانيون للدفاع عن السعيد ،زائرة اسرائيل والمتبجحة بذلك، فيما أبناء وطنها في الكويت لم يأتوا على ذكرها وهناك الكثير من المآخذ عليها.
وفي حضرة العارف ببواطن الأمور والخفايا لا بد من سؤاله عن توقعه لما ستؤول عليه عملية انتخاب رئيس للجمهورية يجيب من دون تردد بأنه لا يرى رئيساً للجمهورية في الأفق ومن رشح الوزير السابق سليمان فرنجية لن يتراجع عن ذلك، اما الفريق الآخر الذي رشح الوزير السابق جهاد ازعور فالغاية من هذا الترشيح قطع الطريق على فرنجية.
ويرى اللواء ابراهيم هنا انه كان من الأفضل ألا يدخل أزعور في هذه ” المعمعة “. وهو الذي صرح بأنه لا يرغب مواجهة أحد، بل يؤثر ان يكون مرشح تسوية. لذلك ليته أعتذر عن المضي في السباق لعدم التفريط بمنصبه من منطلق مساعدة لبنان في إخراجه من أزمته المالية.
وعن مسألة عودة النازحين السوريين إلى ديارهم ، خصوصا انه كان أول من بادر وأعاد الألاف منهم إلى بلدهم قبل توقف هذه العملية، أفاد اللواء ابراهيم ان العودة الفعلية لم تنضج بعد. وتحتاج إلى جهود داخلية وخارجية كبيرة. كما أن من المهم ان تتوفر مستلزمات عودة السوريين إلى أرضهم ،من مال وايواء، وهذا يحتاج إلى مساعدات هائلة لا بد أن تحصل عليها دمشق.
وبكلمة معبرة عن الوضع المتردي في لبنان يقول اللواء ابراهيم متسائلاً كيف يمكن للبنان ان يتعافى وينهض إن لم تتعافَ سوريا؟!.
وقبل مغادرتي، اللواء الذي قل نظيره ،نوهت بكلامه الطيب تجاه الرئيس نبيه بري في حديث صحافي ،بعد ان حيكت “روايات” عن العلاقة بين الرجلين، مع ملاحظة “عتب” على الرئيس نجيب ميقاتي في السياق ذاته وما مرد ذلك فاكتفى اللواء ابراهيم بالقول “الرئيس بري فعل ما بوسعه. اما الرئيس ميقاتي فعبر عن حبه لي من دون ترجمة".