الثلاثاء 20 حزيران 2023 08:41 ص

التغافل ليس نقيصة...


* جنوبيات

كل يوم جديد هو بمثابة صفحة بيضاء نخطّ عليها ما نشاء من أحداث ومن أعمال نحن نختار أن نقوم بها، هذه الخيارات وهذه الأعمال هي التي تحدد وجهتنا مثل ما يحدد القبطان وجهة السفينة،  فإما الفلاح في القيادة والوصول الى برّ الأمان، وإما الغرق في متاهات الحياة،  التي لا يمكن معرفة كيفية الخروج منها ، في كلتا الحالتين هذه حياتنا ونحن من نقود وجهتنا،  لذلك إن الوعي لحقائق الأشياء وعدم تركها مبهمة تساعدنا على التعرّف على أنفسنا،  هذه النفس التي يكون  الكشف عن أسرارها بمثابة المعرفة عن البوصلة التي تحكم توجهاتنا ، فمعرفة ما نحب وما نكره ما الذي يسعدنا وما الذي يسبب لنا الحزن والأسى ، هي معرفة ضرورية بل المفتاح السحري لتحليل شخصيتنا وبالتالي تسهّل علينا معرفة كنه الحقائق ومعرفة أسرار الحياة والرسائل التي تُبعث لنا من الخالق ومعرفة ما يناسبنا وما لا نطيقه.
ان معرفة النفس البشرية هي بمثابة المقود الذي يقود حياتنا وهو الذي يسهّل علينا طريقة الحكم على القضايا الحياتية، وبالتالي تجعل صدورنا أكثر رحابة، ولديها القابلية لتقبّل كل السلبية التي يرميها علينا الأشخاص السلبيون ،  فنرى أنفسنا أكثر ليناً وأكثر رحمة مع الأفراد الذين في  قلوبهم مرض، فالوعي ضروري  للصدّ والتخلّي والمضي قدماً لأن الحياة مستمرة وآخذة في التقدم . إزاء ذلك نقول ان  التغافل ليس عيباً بل مقدرة لا يستطيع القيام بها سوى العقلاء ، الذي يعقلون كل شيء في حياتهم ، انهم عالمون بدقائق الأمور ويعلمون الحقائق والمكائد التي قد تُحاك ضدهم ، وعلى الرغم من ذلك مستمرون فالهدف الذي يحاولون الوصول إليه أسمى وأكبر من كيد الأشراروأذاهم  ، فاليقين بأن الله معهم أينما ذهبوا يقوّيهم ويمكّنهم من المثابرة والإصرار،  فالإستسلام ضعف وخزي وعار،  وبالتالي  للإستمرارية اهمية كبرى على الرغم من كل الصعوبات التي يتمّ مواجهتها من قبل  هذا الفرد نفسه ، فنراه قوياً  ولا يأبه بالأعداء ولا ينظر إليهم انما الأهم يكمن في رسالته المستقبلية  التي تكون في الأغلب ،  أكبر من خطط الأعداء الواهية والواهنة ، فالإعداد لهم لا يكون إلا بالإيمان بالنفس  وتسليحها  بما يبعث فيها القوة فالتطلّع الى المستقبل ميزة لا يقدرها إلاّ الأسوياء والأبطال . هنا لا بدّ من التساؤل هل يعلم العدوّ بالحقائق أم ان شرّهم الصاعد يحجبهم عن الرؤية؟ متى يشعر العدوّ بأنه عاجز عن الحراك ويشعر بأن الهزيمة مصيره؟  
ان الإعداد وتقوية النفس البشرية بما يساعدها على هزم الأعداء من أهم الخطط التي على الإنسان اعتمادها، فالخارطة هي المرشد والموجه، وبالتالي التبصّر وتخمين النتائج تدفع الفرد الى الشعور بالطمأنينة والهدوء والسلام النفسي، فالمعركة حُسمت نتيجتها وحسم معها الخطوات الآخذة الى التحرر وكسر القيود، فالجهل هو أكبر أعداء الإنسان والجاهل يقترف الأخطاء في حقّ نفسه أي ان الجهل ظلم ، والعلم والمعرفة هما الطريق والسبيل الوحيد  للتحرر منه.  

المصدر :جنوبيات