إنّ السّؤال الذي ينبغي لكلّ منّا أن يجيب عليه، بعد العمر الذي مضى وانقضى وأصبح من الماضي هو:
ماذا تعلّمت من عمرك الذي فات، والذي أصبح ذكريات؟
سأجيب من خبرة السّنين وممّا رافقها من ألم وأنين، وفرح إلى حين، وتعرّجات لن تستكين، لأقول:
تعلّمت أنّ الدّنيا سلف ودين، أذن وعين، وترقّب من جهتين.
تعلّمت أنّ الظالم هالك لا محالة، وأنّ المظلوم لا بدّ أن ينتصر ولو بعد حين.
تعلّمت أنّ الحياة قد تتوقّف بأي لحظة ونحن على غفلة من أمرنا.
تعلّمت أنّ الكلمة الطيّبة أصلها ثابت وفرعها في السّماء، وأنّ الوجه الباسم، والجود العائم، والعطاء الدّائم أهمّ رأسمال لخير مآل.
تعلّمت أنّ الغنى الأقوى هو في الصّحّة والعافية والأمن والأمان.
تعلّمت أنّ الوقت أهمّ جهاز فاعل لكشف الكذب وعدم قول الحقيقة.
تعلّمت أنّ فنّ الإصغاء هو في حسن الإصغاء، وأنّ من يريد من الآخر أن يسمع منه عليه أن يستمع إليه.
تعلّمت أنّ في السّفر والترحال كشفًا لمعادن النّاس على الوجه الأمثل.
تعلّمت أنّ الذي معدنه من ذهب يبقى كذلك، وأنّ الذي معدنه من حديد يعلوه الصدأ ولا بدّ أنّه هالك.
تعلّمت أنّ الذين في القبور كانوا على موعد مع أشغالهم وعيالهم وفي نواياهم أمور كثيرة لم يحقّقوها.
تعلّمت الكثير، ولا زلت أجهل الأكثر.
تعلّمت أنّ المرء لا يزال عالمًا ما طلب العلم، فإذا ظنّ أنّه قد علم فقد جهل.
تعلّمت أنّه لا يزول الشكّ بالشكّ، إذ لا يزول الشكّ إلّا باليقين.
تعلّمت أنّ الزيادة في العمر إن لم تكن في طلب الإصلاح فهي دقائق معدودة وستنتهي.
تعلّمت أنّ العبرة في الخواتيم، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلّا من أتى الله بقلب سليم.
فيا ربّ أحسن ختامنا، واجعل أفضل أيّامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنّا برحمتك يا أرحم الراحمين.
آمين يا ربّ العالمين.