يقول أحد الصالحين إنّ للقلب دورًا مهمًّا في العلم والتعلّم، وفي الفهم والتفهّم، وفي الذكر والتذكّر.
فقد اكتشف العلماء أنّ القلب يحتوي على آلاف الخلايا العصبيّة التي لها الدور المهمّ في التفكير والإدراك والسلوك وتوجيه الدماغ.
وهذا ما أشار إليه ربّ العزّة في محكم التنزيل بقوله تعالى: "أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها، فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور". (الحجّ 46).
ومن هذا المنطلق نجد أنّ المسألة لم تتعلّق يومًا بالعقول والشهادات، إنّما بالقلوب. فعندما تجد عباقرة في الهند يعبدون البقر، وجرّاحَ أعصابٍ مشهورًا وهو ملحد لا يرى في خلق الله إتقانًا، ومفكّرًا كبيرًا يرى في الديانات السماويّة رجعيّة وتخلّفًا، وفي المقابل تجد رجلًا بسيطًا يقوم في عزّ البرد القارس ليصلّي الفجر في المسجد، وناسكًا متعبّدًا في أعالي الجبال وفي ظلّ الثلوج ودرجات الحرارة المتدنّية ينهض ليمارس طقوسه الدينيّة، وامرأة عجوزًا لا تترك قيام الليل والتقرّب إلى الله بالنوافل، عندها تتيقّن فيما لا يدع مجالًا للشكّ أنّ القلب هو وديعة الله عندك، فإيّاك أن تفرّط به أو تهمله. يقول النبيّ العربيّ محمّد عليه أفضل الصلاة والسلام في الحديث الشريف: "ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب".
إنّ لمفهوم القلب في كلّ الديانات السماويّة الكريمة الوعي التامّ بأنّه صمّام الأمان للتقرّب إلى الله زلفى.
"ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب".