الجمعة 21 تموز 2023 09:36 ص |
توتر بين القوى الفلسطينية ورئيس لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني... فهل تقع القطيعة؟ |
* جنوبيات أثار تصريح رئيس "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني" الدكتور باسل الحسن، على هامش تمثيله لبنان في أعمال الدورة الـ110 لمؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة والذي عقد في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة، موجة غضب وسط كثير من القوى الفلسطينية في لبنان، التي اعتبرته انحراف عن الهدف في كيفية البحث عن تمويل مالي لسد العجز في موازنة "الأونروا". الدورة التي استمرت خمسة أيام وناقشت أوضاع اللاجئين وأزمة "الأونروا" المالية والتصعيد الإسرائيلي في الداخل، وخرجت بتوصيات ستعرض على الدورة المقبلة لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية في أيلول القادم، شارك فيها ممثلون عن فلسطين، الأردن، سوريا، لبنان إضافة الى مصر، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو"، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو" و"الأونروا".
وفيما ركّز المفوض العالم لـ"الأونروا" فيليب لازاريني في أعمال الدورة على مخاطر انهيار الوكالة في ظل العجز الكبير بالموازنة، متخوفا من توقفها عن تقديم خدماتها لملايين اللاجئين، فاجأ الدكتور الحسن المتابعين بموقف لافت، أشار فيه إن الأزمة ليست في وقف التمويل، بل في زيادة الاحتياجات للاجئين. رغم انه أكد "أننا نضغط لزيادة التمويل وتحويل الموازنة التي تتغذّى من دفع كيفي للمانحين إلى موازنة ثابتة". ولم يكتف الحسن بذلك، بل وخلال تكريم قنصل مصر العام بمناسبة انتهاء مهامه في لبنان، قال "إن لجنة الحوار مصمّمة على الانفتاح على كافة مكوّنات الشعب الفلسطيني بمن فيهم الشباب الفلسطيني بشكل خاص، الذي يتطلع إلى بناء مستقبل وحياة كريمة بعيداً عن تجارب الماضي في الاستثمار بمعاناة الشعب الفلسطيني، أو في بناء حسابات شخصية تسيء إلى الشعبين اللبناني والفلسطيني والدولتين وهذا ما لن نسمح به على الإطلاق".
أول التعليقات غير المباشرة جاءت من سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور الذي غرد قائلا "الغراب هو الطائر الوحيد الذي يمتلك الجرأة على ازعاج النسر، فيتمكن من الجلوس على ظهره وينقر رقبته دون اي ردة فعل من النسر، ويتركه يفعل ما يريد، ويستمر مُحلقاً في السماء إلى أعلى، حيث يصعب على الغراب التنفس، ويكون سقوطه مدويا دونما أي مجهود من النسر. توازيا، حرص إعلام حركة "فتح" على نشر مقطع فيديو لمقابلة متلفزة مع السفير الفلسطيني دبور أكد فيها "أن الشعب الفلسطيني اللاجئ والمعذب بهذه الارض، يقسم ألاّ تمر كل المؤامرات إلا على أجسادنا، وسنبقى كما عهدتمونا مناضلين فلسطينيين والعهد هو العهد والقسم هو القسم". وقد أحدثت التغريدة ومقطع الفيديو معا، ضجة كبرى في الأوساط اللبنانية والفلسطينية التي تساءلت عن أسبابها وماذا ومن يقصد بها السفير دبور! قبل أن تجري اتصالات الاستفسار والاستيضاح حولها، في إشارة الى مدى الاستياء والغضب من الموقفين ومحاولة اللعب على التناقضات والخلافات الفلسطينية. وقد فسّرها المراقبون بأنّها رد غير مباشر على ما قاله الحسن. بينما استهجن عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني وعضو قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان غسان أيوب، تقييم الحسن للازمة المالية الكبيرة التي تعانيها "الأونروا"، وحصره السبب بارتفاع احتياجات اللاجئين الفلسطينيين، مع العلم أن "الأونروا" على لسان مفوضها العام لازاريني أكد في كل اجتماع ومناسبة بأن التمويل الذي كان يصل للوكالة لتغطية الاحتياجات للاجئين تم تقليصها بنسبة تصل إلى 40% من قبل الدول المانحة، وهذا التقليص متواصل وإدارة "الأونروا" والفصائل تعي تماماً بأن خلفيّته سياسية وتقف "إسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية خلفه لشطب حق العودة، وهو أحد البنود التي تقوم عليها "صفقة القرن" التي وضعها الرئيس الأميركي السابق ترامب انسجاماً مع الرؤية والمشروع الاسرائيلي لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين. ورفض أيوب رفضاً قاطعاً اتهامه الفلسطينيين أو بعض الجهات الفلسطينية بالإساءة لـ"الأونروا"، قائلا "إذا كان لدى الحسن بعض الملاحظات، فإن موقعها ومكانها ليس اجتماع الدول المشرفة على شؤون اللاجئين الذي عقد في القاهرة، لأن هدفه بالدرجة الأولى تأمين مصادر التمويل للوكالة وسد العجز المالي الذي تعاني منه. محذرا من محاولة تحويل لجنة الحوار إلى مؤسسة أشبه بمؤسسات الـ"أن جي أوز"، التي يكون شغلها الشاغل تبرير التمويل الذي تقدمه بعض الدول المانحة لها من خلال تنفيذ مشاريع وبرامج تنسجم مع رؤية الداعمين والممولين. وحول العلاقة بين الفصائل ولجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، أكد أيوب أن هناك عدم رضى من العديد من الفصائل والقوى الفلسطينية على أداء الحسن والذي يحاول شطب كل ما تحقق من انجازات عبر من سبقوه على تولي رئاسة لجنة الحوار، متجاوزاً مجموعة العمل اللبنانية التي شكلت من الاحزاب اللبنانية: التيار الوطني الحر، حركة أمل، القوات اللبنانية، حزب الله، تيار المستقبل، الحزب التقدمي الاشراكي وحزب الكتائب اللبنانية، والذين توافقوا على وثيقة تعبر عن مقاربة مشتركة لكيفية التعامل مع قضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان، التي انجزت عبر جهد وتعب وحوارات ونقاشات امتدّت لعامين بين أخذ ورد حتى تمخضت هذه الرؤية، التي اعلن عنها باحتفال رسمي كبير في السراي الحكومي بحضور عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، والسفير دبور، ورئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني السابق حسن منيمنة، والسفير البابوي غبريالي كاتشا، وعدد من السفراء العرب والأجانب، ونواب وممثلين عن القوى اللبنانية والفصائل الفلسطينية التي رحبت بهذه الوثيقة مع بعض التحفظات التي قدمتها في حينها إلى لجنة الحوار ومجموعة العمل اللبنانية، وبعد كل ذلك قرر الدكتور باسل الحسن البدء من نقطة الصفر عبر صياغة اقتراح قانون حول الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين في لبنان والحقوق والواجبات المترتبة لهم وعليهم والذي لا يمكن أن يمر في البرلمان اللبناني دون التفاهم وتوافق الكتل النيابية التي تمثل الاحزاب والقوى السياسية اللبنانية. بالمقابل، رأى ممثل "جبهة التحرير الفلسطينية" وعضو قيادة "منظمة التحرير الفلسطينية" في لبنان يوسف ناظم اليوسف، أن المنظمة ليست مكسر عصا، ولن نسمح لاحد بالتطاول عليها، وقال "إن سفاراتنا في العالم أجمع هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب والفصائل الفلسطينية المعترف بها في منظمة التحرير ولا نريد لأحد ان يتدخل في شؤوننا"، مستغربا مواقف الحسن الأخيرة والتي لا يمكن اعتبارها "زلة لسان"، اذ جاءت في إطار مواقف سابقة ملتبسة كنا نحسن الظن بها". وتساءل اليوسف هل هذه المواقف تمثل فعلا الدولة اللبنانية الحريصة على أفضل العلاقات مع السلطة الفلسطينية وقادة القوى والفصائل الفلسطينية الذين برهنوا على مر السنوات السابقة بأنهم حريصون فعليا على حفظ أمن واستقرار لبنان وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وبأنهم على الحياد الإيجابي في الخلافات السياسية اللبنانية قناعة منهم أن لبنان الموحد هو قوة للقضية الفلسطينية وشعبها الذي يرفض التوطين ويتمسك بحق العودة، ويصبر على المعاناة التي يعيشها في المخيمات ليحقق هذا الهدف، وهو ما زال محروما من حقوقه المدنية والاجتماعية والإنسانية. المصدر :النشرة |