التعزيز الاجتماعي مصطلح إجتماعي ينتمي الى علم الاجتماع، يتردد على مسامعنا خاصة في مجال التربية والتعليم، أي معناه يشير الى تأكيد السلوك الجيد، فالأم قد تكافئ الطفل وتقدم له مكافأة اذا قام هذا الطفل بسلوك جيد، كمساعدتها في الأعمال المنزلية على سبيل المثال وهذا ما يسمى بالتعزيز الإيجابي أي بمعناه التأكيد الاجتماعي للسلوك الجيد والبناء.
هذا التعريف المختصر يقودنا الى وضع أسئلة استفهامية مفادها، اذا كانت الأم تعزز السلوك الجيد لولدها تشجيعاً له ولكي يغدو فتى صالح في المجتمع البشري، ماذا تقدم الدولة اللبنانية من تعزيزات لشعبها، فصلاح الأبناء يقود حتماً الى صلاح المجتمع؟ كيف يمكن تعزيز الأمن في المجتمع خاصة وأن الضائقة الاقتصادية ترمي بظلالها على أبناء الدولة؟ ما هي نتائج التعزيز الاجتماعي في المجتمع اذا ما جرى تبنيه من قبل الدولة وما مدى أثره مستقبلياً؟
في الواقع ثمة أنواع كثيرة من التعزيز الاجتماعي منها على سبيل المثال: التعزيز اللفظي وهذا ما نلاحظ تطبيقه في أساليب التربية في المنزل او أي مؤسسة اجتماعية، فالتربية لا تقتصر على تأمين الماديات والحاجات الحياتية، ثمة حاجات روحية يحتاجها الطفل منذ نشوئه وسط اسرته، أي وجود الأم والأب الى جانبه، هو بمثابة تعزيز للأمن والثقة بالنفس وعدم الخوف.
وكذلك الأمر ينطبق على أهمية واستشعار الشعب بوجود دولة حامية لهم تعزز وجودهم وامنهم ومستقبلهم، فوجود دولة ساهرة على تأمين كل الأسباب الدافعة للشعور بالسلام والطمأنينة، لا الخوف الدائم من تأزم الأوضاع، مثال على ذلك وضع الليرة اللبنانية. والسؤال البديهي، ماذا قدمت الدولة من تعزيزات امنية تزيل الخوف الذي استشرى بين أبنائها؟ على الرغم أن الوضع لا يزال كما هو حتى حينه، لا وبل تشير الدولة الى القابلية لتدهور اكثر لوضع الليرة مع نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان، أي ان غياب التعزيزات وانتشار التهديدات يفاقم الوضع سوءا على أبناء المجتمع اللبناني، لذلك لا يجدون أبناء هذا المجتمع سوى باب الهجرة للهروب ولتعزيز وضعهم الاجتماعي ولإستشعار الأمن في دولة ليست بدولتهم، ونتساءل لماذا هذا السلوك ولماذا هذا الإستخفاف بأمن المواطنين وكأنه ليس من حقهم الشعور بالقدرة على متابعة حياتهم في وطنهم الأم لبنان.
في الواقع ان الدولة اللبنانية يغيب عنها كل أنواع التعزيز الاجتماعي لا وبل يغيب الوجود الفعلي كهيئة دولة لها سلطتها ويدها التي تضرب بحديد، أي يغيب عن الدولة القدرة على انتخاب رئيس للجمهورية فالفراغ سيد الموقف ولا سبيل للخروج من تفاقم الأوضاع ولا سبيل للنجاة، فالأزمة الاقتصادية عززت اجتماعيا من عجز المواطن وقدرته على السيطرة على الوضع الاجتماعي السائد، وفرضت عليه واقعاً لم يكن يحسبه، وألزمته المواجهة بكل ما لديه من قدرات أي استنفدت كل قوته وطاقته الإيجابية إذ لم يعد بمقدوره التجاهل او سلوك مسلكاً بعيداً عن واقعه الأليم.
أخيرا ان التعزيز الإيجابي الذي يفرض مكافأة على السلوك الجيد غير متواجد في واقعنا، انما يوجد تضييق الخناق والأسر بهموم لا يمكن التخلّص منها، إذ تتزايد وتتراكم وتقف عثرة في تطور الشعب اللبناني وتحول دون الإمكانية للتطلع بإيجابية الى المستقبل المجهول .