الاثنين 1 شباط 2016 11:44 ص

أسرار رحلة محمود أبو عباس مع إنتحاريّي الطيونة وضهر البيدر


كثيرة هي الأسماء التي تورَّطت في العمليات الإرهابية في لبنان، وكثر من ألقت الأجهزة الأمنية القبض عليهم ولا سيّما الجيش الذي كان من ضمن واجهة الاستهدافات والتي كانت حلقتها الأولى "حزب الله" وبيئته. وعلى رغم التشديدات الأمنية والإجراءات التي حدَّت بنسبة كبيرة من التفجيرات، إلّا أنّ وحدة الأهداف التي اجتمعت حولها كلٌّ من "داعش" و"جبهة النصرة" و"كتائب عبد الله عزام" وغيرها من التنظيمات التكفيرية أدّت الى نجاح بعضها.لا شكّ في أنّ انفجار الطيونة في 23-6-2014 كان مغايراً عن الآخرين من حيث التوقيت، فهو كان أوّل انفجار يحصل قرابة منتصف الليل في الضاحية الجنوبية والهدف منه استهداف مقهى "أبو عساف" حيث يرتاده جمع من الشباب يومياً وأيضاً حيث كان التجمّع كبيراً كونهم يتابعون مباريات كأس العالم في كرة القدم.

طريق محمود أحمد أبو عباس نحو "الجهاد"

بدأ مشوار الارهابي الموقوف محمود أبو عباس (مواليد 1989) إثر مقتل شقيقه محمد، خلال مشاركته في قطع طريق المصنع- شتورا تضامناً مع عرسال بعد اشتباكات مع عناصر الجيش. واستكمالاً لبيئتهم المتطرّفة، قرّر محمود تبنّي الأفكار "الجهادية"، وقرّر بعدها الذهاب الى سوريا برفقة صديقه محمود ياسين الملقب "أبو دجانة" الذي زكاه لدى "كتائب عبد الله عزام".

تعرّف أبو عباس الى اللبنانيَّين "أبو طلحة" و"أبو كمال" واصطحباه الى يبرود ومنها الى رنكوس وتحديداً الى فيلا يرفع عليها علم "لواء أحرار الشام". يقول في اعترافاته إنّه بقيَ في الفيلا 15 يوماً قضاها في تحضير الطعام للمسلّحين من دون أن يُشارك في أيّ دورة عسكرية، وهناك شاهد سراج الدين زريقات وماجد الماجد وخالد جلول من دون أن يتكلّم معهم.

عاد أبو عباس الى لبنان، وحينها بدأ زريقات التواصل معه، فأقنعه بتنفيذ عملية إنتحارية من دون تحديد الهدف. بعد فترة توجّه الى مقبرة عرسال حيث جاء شاب على دراجة نارية وعصب له عينيه واتجه به الى الجرود حيث التقى زريقات وياسين. أخبره زريقات بأنه غضّ النظر عن قيامه بعملية انتحارية وطلب منه إيواء انتحاريّين والتوجّه الى الضاحية الجنوبية واستطلاع أماكن «ملعب الراية» ومجمع "القائم" ومجمع "سيد الشهداء" وسلّمه خطاً خلوياً وفيه ثلاثة أرقام من بينها رقما الانتحاريين.

في بيروت، أرسل له سيّارتين مفخّختين وجاء شخص يدعى "أبو عمر" وعلّمه طريقة قيادة سيارة "نيسان مورانو"، وأعطاه رخصتَي سوق مزوّرتين لـ"نيسان" و"المرسيديس".

بارك زريقات محمود ابو عباس الذي توجّه الى جانب حلويات "الاخلاص" في الشياح وانتظر هناك حيث حضر رضوان خروب وقال كلمة السر التي زوّده بها زريقات، فصعد معه في السيارة وتوجّها الى سهل قب الياس وتحديداً الى مكان فيه خيم للبدو.

اقترب رضوان من إحدى الخِيم واستلم مفتاح سيارة "المرسيدس" من امرأة بدوية وكانت السيارة مركونة قرب الخيمة ومغطاة بشادر. فقادها أبو عباس وركن سيارة "المرسيدس" بجانب الـ"نيسان مورانو".

تجهيز الإنتحاريين وانفجار شتورا

توجّه محمود أبو عباس الى شتورا لاستلام الانتحاريّين لكنهما لم يحضرا. فاتصل بزريقات الذي ابلغه أنه تمّ توقيفهما. وليلاً أخبره أنه تمّ إخلاء سبيلهما. في اليوم التالي استلمهما من شتورا وكانا يضعان سواراً في أيديهما فاصطحبهما الى مجدل عنجر وتركهما ونزل الى الضاحية، فوجد أنّ المكان الأنسب هو مسجد "القائم".

كان المخطط أن يدخل الانتحاري الأوّل الملقب "أبو أحمد" بسيارة "المورانو" الى منطقة "القائم" ويفجّرها هناك، وبعد احتشاد المواطنين، يدخل المدعو "أبو علي" بسيارة "المرسيدس" ويفجّرها بين المحتشدين. اصطحب أبو عباس، "أبو احمد"، بسيارة "نيسان مورانو" الى صوفر وتركه هناك وعاد الى منزله لاصطحاب "أبو علي" بسيارة "المرسيدس".

وبوصولهما الى شتورا كان هناك ازدحام ملفت وسمع من المواطنين أنّ انفجاراً حصل في ضهر البيدر، فعلم أنّ سيارة "المورانو" انفجرت. تواصل أبو عباس مع زريقات وأخبره ما حصل، فطلب منه التريّث بالتوجّه الى بيروت على أن يستطلع في اليوم التالي الإجراءات الأمنية في ضهر البيدر، لكنّ خطة تفجير الطيونة كان اتُخذ القرار فيها.

تفجير الطيونة...

توجّه محمود أبو عباس مع الانتحاري "أبو علي" وبالتنسيق مع زريقات بسيارة "المرسيدس" الى معمل السكر في سهل مجدل عنجر، ومن هناك رافقهما رضوان خروب الذي يعرف الطرق الجبلية وأوصلهما الى بيروت من دون المرور بحاجز ضهر البيدر.

وصلوا الى بيروت، حيث قاد رضوان السيارة وعرّف الانتحاري على محيط مقهى "أبو عسافط عبر جولتين أمامه. وبعد الجولة الثانية، ترجّل أبو عباس ورضوان وودّعا الانتحاري، وحصل التفجير الذي نال إعجاب زريقات.

تفجير الطيونة كان آخر أعمال محمود أبو عباس الإرهابية قبل القبض عليه، وهو أدلى في اعترافاته أيضاً أنّه وبطلب من السوري وائل البوشي مع جمعية "مسلمون بلا حدود"، استقبل سيدة ملقبة بـ"أم عمر" واستأجر منزلاً لها في مجدل عنجر يملكه عمر شهاب، وبعد فترة أخبره البوشي أنّ هذه السيدة هي زوجة أبو بكر البغدادي...

وتستمرّ التحقيقات مع الموقوفين الإرهابيين ويستمرّ الصراع مع الحركات التكفيرية إن في الداخل وإن عبر الحدود حيث يستهدف الجيش يومياً الجماعات الإرهابية.

المصدر :(نسرين يوسف - الجمهورية)