الثلاثاء 15 آب 2023 14:05 م

التفكير الكارثي


* جنوبيات

تدلنا الطبيعة الإيكولوجية على الإنسجام والتناغم في الكون،  وعلى التوازن وحالة من الكمال اوجدها الله لكي يحيا الإنسان بكرامة، لكن  بالرغم من ذلك إلا أن  الكرة الأرضية قد تتعرض  لهزّات ولزلازل وفيضانات وكوارث طبيعية ، وتتعرض ايضاَ لإنقراض بعض الأنواع من الحيوانات ومن النباتات، نتيجة  مساهمة الإنسان سلباً وبكافة الطرق بالإخلال بهذا التوازن من خلال نشاطاته التي يقوم بها على الأرض، فقيامه بالصيد على سبيل المثال لأنواع  من الفرائس وإبادته أيضاً لبعض انواع النباتات، تخلّ بالتوازن لكن الطبيعة سرعان ما تعيد توازنها من خلال عوامل طبيعية أخرى وبمساعدة من الخالق العظيم،  والسؤال اذا كان الإنقراض لأنواع من الحيوانات ضرورة للتوازن البيئي؟ فهل يمكن اعتبار ان نظرية دارون للتطورأو " الإنتقاء الطبيعي"  هي من فرضيات هذا التوازن الآنف الذكر؟
ان الله خلق الكون بانتظام متناهي وبدقة عالية تضاهي قدرته الإلهية  الجبارة  ، وما الإنسان سوى كائن مسخّرله كل ما في الكون، كما  وأن التنوع البيولوجي هو بمثابة تحسين للنوع من خلال المنافسة والبقاء للأصلح،  يؤكدها نظرية دارون عن الإنتقاء الطبيعي أو الإنتخاب الطبيعي، مثال على ذلك الزرافة التي تولد بعنق طويل لكي تتكيف مع الطبيعة الإيكولوجية ولكي تستطيع إلتقاط الثمار من الأشجار البعيدة ، بينما الزرافات التي تولد بعنق قصير قد تموت حتماً لعدم تمكنها من الغذاء وإلتقاط الثمار أي هذا ما يسمى حتمية الموت للغير الصالح  والإندثار،  وبالتالي يتم التوارث للجينات الصالحة وهكذا دواليك...
ان توازن الطبيعة من خلال الإنقراض لأنواع والظهور لأنواع جديدة تحل محل المندثرة هي بمثابة التأكيد للمنافسة والتنوع وقوانين الطبيعة، كل ذلك يساهم على التكيف والسؤال هل ينطبق ذلك على الإنسان؟ هل الإنسان الغير قادر على المنافسة يتم تنحيته الى خارج الدائرة الإجتماعية، هل الطبيعة هي التي تعطي الفرد هذه القدرة على الرفض والتمرد والتحدي، ام ان الإنسان يندفع لذلك بفطرته التي ولد عليها وبالتالي قدرته على الإندماج والدخول في معركة الحياة التي لا ترحم الضعيف الغير قادر على المواجهة التنافسية  ؟  
في الواقع ، ان نظرية الإنتخاب الطبيعي لدارون تؤكد على البقاء للأصلح فهل ينطبق ذلك على المجتمعات البشرية؟ هل يتم التخلص من الأفراد الغير لائقين أي الغير صالحين ؟
يبدو أن الأمر يتعلق فقط بالكائنات الحية "الدنيا"  وقضية تكيفها مع البيئة التي تولد فيها ، فالبيئة لها الأثر الظاهر على التطور والإندماج والتكيف الاجتماعي وما ينطبق على الكائنات الحية "الدنيا" لا ينطبق بالضرورة على الإنسان، لذلك نتساءل مدى قدرة الإنسان على مواجهة قوانين الطبيعة والكوارث ، وهل هو مهيأ لهكذا مستجدات التي تأخذ منه قدرته على التأقلم مع مخلفات الكوارث التي تكون في الغالب دماراً شائكاً وابادة متكاملة وقضاء على الحياة الإنسانية .
أخيراً نقول ان الطبيعة قادرة على ان تجدد نفسها وقادرة على التأقلم مع التطورات والتغييرات، غير ان الإنسان الغير صالح لا ينفك ان يلحق الضرر بها، لذا لا بد من الحفاظ على الطبيعة التي تعتبر من الميكانزمات والآليات القادرة على الإحاطة بكل تطور ولتغيير لأشكال الحياة على الأرض .  

المصدر :جنوبيات