رحل النائب السابق المُحامي الحاج حسن محمد علوية عن 81 عاماً، قضى جُلّها في النضال من أجل القضايا الوطنية والقومية، وفي الطليعة قضية فلسطين، حيث أبصر النور في العام 1942، قبل نكبة أهلها بـ6 سنوات، في بلدة مارون الرأس، المُطلّة على أرض المُرسلين.
"أبو فادي"، الذي تربّى في دارة والده المُختار المرحوم محمد علي علوية، تعلّم التواضع، وحبّ الآخرين، وعمل الخير، والإلتصاق بقضايا المظلومين، والدفاع عن حقوقهم، وهو ما سار عليه طوال حياته، فدرس الحقوق، وتخرّج مُحامياً مُدافعاً عن الحقوق لأكثر من 5 عقودٍ من الزمن، كان خلالها في خدمة الناس، ومُلاحقة قضاياهم، ومُعظمهم ممَّنْ لم يكن بمقدورهم سداد تكلفة الدعوى، التي كان يتكفّل بها.
مع وصول الإمام السيد موسى الصدر إلى منطقة الجنوب في بداية ستينيات القرن الماضي، كان حسن علوية يجد في شخصه ما يُجسّد آماله وأحلامه بالدفاع عن المظلومين، فالتحق وهو في ريعان الشباب بركب الإمام الصدر.
ومع تأسيس حركة "أمل"، كان في طليعة المُنتسبين إلى حركة "المحرومين"، وتابع بعد تغييب الإمام الصدر مع رئيس حركة "أمل" نبيه بري، وبقي مُنتسباً إليها عضواً في مجلسها الاستشاري حتى وفاته.
ومع عودة الحياة الدستورية للانتظام بعد "اتفاق الطائف"، بإجراء الانتخابات النيابية، اختار الرئيس بري، حسن علوية ليكون مُرشّحاً عن أحد المقاعد الشيعية الثلاثة في قضاء بنت جبيل، في دائرة الجنوب، التي فاز بها حين إجرائها بتاريخ 6 أيلول/سبتمبر 1992، ومن ثم بولايةٍ ثانية في أيلول/سبتمبر 1996.
إنجازات "أبو فادي" مُتعدّدة، لكن بحق، فإنّ له اليد الطولى بأنْ حَمَلَ على كاهله، مسؤولية مُتابعة مرسوم التجنيس للمُستحقّين، خاصة أبناء القرى السبع، الذين انتظروا استعادتهم لحق سليب سنواتٍ عدّة، فأعاد للآلاف من اللبنانيين المحرومين، نعمة المُواطَنَة، التي جرى الإعلان عنها في 21 حزيران/يونيو 1994، وحمل مرسوم التجنيس توقيع: رئيس الجمهورية إلياس الهراوي، رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري ووزير الداخلية والبلديات بشارة مرهج.
بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في آذار/مارس 1978، اضطرَّ حسن علوية للنزوح عن مسقط رأسه مارون الرأس، وأقام في بيروت، قبل أنْ يتّخذ مسكناً في نقطة وسطية بين أبو الأسود وأنصار، يُتابع قضايا المُواطنين، ويجول على البلدات المُحاذية للشريط الحدودي المُحتل، قبل أنْ يتحقّق النصر في أيار/مايو 2000، باندحار المحتل الإسرائيلي، ويعود إلى مارون الرأس.
يرحل "أبو فادي" في الذكرى الـ17 للانتصار على المُحتل الإسرائيلي في 14 آب/أغسطس 2006، ليعود ويرقد في رحلته الأبدية بمسقط رأسه، مارون الرأس، التي أذاقت المُحتل طعم الهزيمة، والمُشرِفة على أرض فلسطين، التي كان يُمنّي النفس بأنْ يدخلها مُحرّرة ويُصلّي في مسجدها الأقصى.
لقد عرفنا الراحل عن كثبٍ بعمله الدؤوب، وأخلاقه الرفيعة، وكانت صفحات "اللـواء" منبراً دائماً لإطلالاته وكتاباته؟
الرحمة للفقيد الراحل، والعزاء لعائلته، وفي طليعتهم: الدكتور فادي، حسين (رئيس دائرة في مجلس النواب)، بلال، صادق (عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي) وسامي (مُدير عام المصلحة الوطنية لنهر الليطاني) وأهله ومُحبيه.